حددت “مجموعة الأزمات الدولية” مجموعة من الخطوات التي من شأنها ضمان الاستقرار في مناطق شمال شرقي سوريا في ظل التغيرات الحاصلة بموازين القوى هناك، والحسابات الاستراتيجية لمختلف الأطراف، نتيجة العملية العسكرية التي شنتها تركيا في تلك المناطق، والتفاهمات التي نجمت عنها لاحقًا.
وفي تقرير للمجموعة (مقرها الولايات المتحدة) أصدرته أمس، الأربعاء 27 من تشرين الثاني، دعت جميع الأطراف إلى وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين تركيا وروسيا الشهر الماضي.
وطرح التقرير تساؤلًا حول من سيحكم ويراقب مناطق شمال شرقي سوريا في ظل وقف إطلاق النار المعلن؟
وأشار التقرير إلى أن إعلان الانسحاب الأمريكي من شمال شرقي سوريا، ومن ثم العملية العسكرية التي شنتها تركيا في تلك المناطق أديا إلى تفاقم هشاشة الوضع هناك.
واعتبر معدو التقرير أن الشراكة التي نشأت بين جميع الأطراف في المنطقة عرضة للتقلب السريع، وربما نحو الأسوأ، في ظل وجود مزاعم بالأحقية يصعب التوفيق فيما بينها، من قبل كل من الأتراك والنظام السوري و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وذلك إلى جانب بقاء قوات أمريكية بهدف حماية حقول النفط، كما أعلنت واشنطن.
وحثت المجموعة في تقريرها الولايات المتحدة الأمريكية على حماية شركائها في “قسد”، وإعطاء الأولوية للاستقرار بمناطق شمال شرقي سوريا خلال مناقشاتها مع الأتراك والروس.
كما دعت “وحدات حماية الشعب” (الكردية) إلى البحث عن ترتيبات مع حكومة النظام السوري، بوساطة روسية، “لإعادة دمج المنطقة تدريجيًا في الدولة السورية، والحفاظ على أكبر قدر ممكن من مؤسساتها المدنية والأمنية، وحماية قواتها من انتقام النظام”، بحسب تعبيرها.
وكانت تركيا بدأت، في 9 من تشرين الأول الماضي، عملية عسكرية ضد “الوحدات” في مناطق شمال شرقي سوريا بالتعاون مع “الجيش الوطني” السوري التابع للحكومة السورية المؤقتة، تحت اسم “نبع السلام”.
وعقب العملية توصل الرئيسان، الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان، إلى اتفاقية، في 22 من تشرين الأول الماضي، بمدينة “سوتشي” الروسية، على سحب كل القوات الكردية من الشريط الحدودي لسوريا بشكل كامل، بعمق 30 كيلومترًا، خلال 150 ساعة، إضافة إلى سحب أسلحتها من منبج وتل رفعت.
وقضت الاتفاقية أيضًا بتسيير دوريات تركية- روسية بعمق عشرة كيلومترات على طول الحدود، باستثناء القامشلي، مع الإبقاء على الوضع ما بين مدينتي تل أبيض ورأس العين.
كما توصلت الولايات المتحدة وتركيا إلى اتفاقية مشابهة تنص على وقف تركيا عمليتها العسكرية، مقابل انسحاب “الوحدات” من المنطقة.
وأعلنت “الوحدات” انسحابها من المنطقة المتفق عليها بين روسيا وتركيا، وسط اتهامات متبادلة بين “قسد” والجيش التركي بخرق الاتفاق ومواصلة القصف والمعارك.
لكن المسؤولين الأتراك تحدثوا عن مماطلة روسية في تنفيذ الاتفاقية، وكذّب مسؤولون أتراك التصريحات الروسية التي تتحدث عن انسحاب القوات الكردية، وهددوا باستئناف عملية “نبع السلام”.
من جهته قال رئيس اللجنة الدولية في المجلس الفيدرالي الروسي، فلاديمير جاباروف، إن اسئتناف تركيا المحتمل للعمليات في سوريا يجب أن يكون موضع مفاوضات، يمكن من خلالها إقناع أنقرة بأن المقاتلين “الكرد” سيتم سحبهم من “المنطقة الآمنة”.
ولا يزال مصير المنطقة مجهولًا في ظل محاولة روسيا إقامة قواعد عسكرية في المنطقة، وسط تذمر تركيا من المماطلة الروسية.
–