ناشطة سورية – عنب بلدي
4 – 10- 2012
لعل الحدث الأبرز ليوم الثالث من تشرين الأول هو سقوط قذيفة موتور على الأراضي التركية من قبل قوات النظام السوري مما أودى بحياة خمسة مواطنين أتراك و جرح مواطنين أخرين . إن الحدث يبدو اعتيادياً بالنسبة للمرحلة السابقة حيث حصلت اعتداءات مشابهة من قبل قوات النظام السوري على الأراضي التركية .. و لكننا عندما نلاحظ رد الفعل التركي على هذا الاعتداء بالذات و الذي يختلف عن ردود الأفعال السابقة التي صدرت عن الحكومة التركية نجد أن الأمر ليس كالمرات الماضية , فقد أبلغ وزير الخارجية التركية الأخضر الابراهيمي بالواقعة فور وقوعها , و قامت أنقرة بقصف أهداف سورية في الرقة , و حسب المجلس الوطني السوري فإن هذه الأهداف تقع في تل أبيض و قد أكدت الحكومة التركية أن الأهداف تابعة للنظام السوري . عقد حلف الناتو اجتماعاً على مستوى السفراء لبحث الاعتداء السوري على تركيا , و قد تم استدعاء مجلس الأمن لعقد جلسة عاجلة من أجل مناقشة التصعيد التركي السوري و المجلس ينتظر رسالة من تركيا لتحديد الخطوات المقبلة .. مع الأخذ بالاعتبار بأن تركيا قد أجرت مشاورات مع حلف الناتو بعد الاعتداء بصفتها عضواً فيه . هذه السلسلة الواسعة من التحركات ليست عبثية أو لها صفة فراغية … إنها مؤشر قوي على دخول المنطقة بمرحلة جديدة من مراحل تشكيل القوة في المنطقة , و التي ستنعكس بدورها على منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير خصوصاً بتزامن هذه التحركات مع خروج المظاهرات في إيران تنديداً بالوضع الاقتصادي المتردي و صدور تقارير منذ أيام قليلة تنبئ بمدى التدهور بالعملة الوطنية الإيرانية نتيجة المساندة المالية القوية من قبل إيران للنظام السوري , و هذا ما عبر عنه المحتجون من خلال الشعارات التي رفعوها : اتركوا سوريا و شأنها و التفتوا إلينا … المنطقة بشكل عام تدخل مرحلة جديدة من مراحل تشكيل القوة علماً بأن سياسة الولايات المتحدة الامريكية المتمثلة بالفوضى الخلاقة , و التي تعتمد في صلبها على إعطاء العناصر الساكنة و المحدودة الحركة الفرصة لكي تعمل بمساحة أكبر و تغادر المواقع القديمة و تدخل مواقع جديدة للحركة , الأمر الذي يعطي شكلا جديداً للقوة , تجد صداها في هذه التحركات التي جرت اليوم , و لذلك فإن الأيام القادمة سوف توضح الكثير من الأمور و خصوصاً مع اقتراب الانتخابات الأمريكية . روسيا ستدخل في مرحلة جديدة من سياستها لأن سياسة توزيع الأدوار الأمريكية أصبحت في الطرف الأخر المقابل لروسيا , و هو مؤشر قوي على عدم أرياحية الوضع الروسي بشكل عام لأن روسيا تعلم أن ثمن سياستها سيكون غالياً جداً و خصوصاً بتعمدها سياسة اللعب بالأوراق و العرقلة و التي تشبه لدرجة كبيرة عمل شرطي المرور الذي يقوم بلعبة التمرير و ربما حملت الأيام القادمة أوراق النعوة لبقاء روسيا في المنطقة , كل ذلك مرهون بالقدرة الدبلوماسية لروسيا و التي أصبحت لحد ما مؤسسة غير مريحة لكل الأطراف اللاعبة في المنطقة , مع العلم بأن روسيا مختلة من الداخل , يعني هذا عدم وجود دعم قوي من القطاع الخاص للعمل الحكومي , بالإضافة لعدم وجود مؤسسات مؤطرة بشكل قوي كالمؤسسات الغربية الأوروبية و الأمريكية , فضلاً عن طبيعة النظام السياسي الحاكم الذي يضيع على الروس الكثير من الفرص الثمينة .