لماذا يخشى النظام الإيراني من مظاهرات بيروت وبغداد وطهران؟
تشهد عواصم كل من العراق ولبنان ومؤخرًا إيران، بشكل متواز، مظاهرات عارمة، بعضها مستمر منذ أكثر من شهر كما هو الحال في بغداد بيروت، وقد أدى استمرار المظاهرات إلى ارتفاع حجم فاتورة الضحايا من قتلى ومصابين ومعتقلين نتيجة عنف السلطات في هذه الدول، وتحديدًا في العراق.
واكتسبت هذه المظاهرات الشعبية، زخمًا في نقل أخبارها بوسائل الإعلام العربية والدولية، لأنها تحدث للمرة الأولى في آن واحد، بالإضافة إلى أن المحتجين يرفعون نفس المطالب في وجه السلطات، وهو تبديل شكل الحكم التقليدي، بحسب تعبيرهم.
ولعل المظاهرات الكثيفة، التي تشهدها كل من لبنان والعراق، تمثل قلقًا كبيرًا للنظام الإيراني، لأنها تطال وكلائه في تلك الدول.
ففي مطلع شهر تشرين الأول الماضي، رفع المتظاهرون في العراق مبكرًا شعار “إيران برا برا، بغداد تبقى حرة”، كما أحرق متظاهرون العلم الإيراني في العاصمة بغداد الأسبوع الماضي.
ويتهم المتظاهرون العراقيون الميليشيات المدعومة من إيران بقتل عشرات المتظاهرين بالرصاص الحي، فضلًا عن مئات الإصابات.
وكان مرشد الثورة الإيرانية، علي خامنئي، قد اتهم قوى خارجية بالتدخل في الشأن العراقي واللبناني، كما اتهم الولايات المتحدة والاستخبارات الغربية بتمويل هذه الحراكات الشعبية من أجل “تأجيج نار الفوضى”، على حد تعبيره.
في لبنان، يُجمع المتظاهرون من كل الطوائف على شعار “كلن يعني كلن”، الذي يُطالب بإحداث تغيير جذري، في مؤسسات الدولة بما فيها رئيس الجمهوية، ميشال عون ووزائه.
ويصر المتظاهرون، منذ 17 من تشرين الأول الماضي، على ترديد هذا الشعار، والذي يستهدف بالطبع، إلى جانب السياسيين اللببنانين، وزراء ونواب من “حزب الله” اللبناني، المدعوم من إيران.
وتكريسًا لنظرية المؤامؤة، التي أطلقها المرشد الإيراني على ثورة العراق، اعتبر الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، نهاية تشرين الأول الماضي، أن الحراك في لبنان لم يعد نشاطًا عفويًا وإنما هناك قوى سياسية ممولة من جهات تقوده.
وأضاف أن الحراك بشعاراته التي تصدر اليوم لم يعد حركة عفوية، وإنما هناك أحزاب وقوى سياسية معروفة وتجمعات مختلفة بأسماء وأشخاص ومؤسسات تقوده.
ورفض نصر الله إسقاط الحكومة اللبنانية والعهد، كما رفض إجراء انتخابات نيابية، في حين طلب من مؤيديه عدم النزول إلى الساحات، وعدم الاحتكاك بالمتظاهرين المطالبين بإقالة الحكومة.
في إيران، اندلعت مظاهرات، في 15 من تشرين الثاني الحالي، في عدة مدن إيرانية ضد قرار الحكومة رفع أسعار الوقود، في الوقت الذي قالت فيه المعارضة الإيرانية إن السلطات الأمنية رفعت درجة التأهب للتصدي لهذه الاحتجاجات.
وفرضت الاحتجاجات الإيرانية ضغوطًا جديدة على الحكومة، في الوقت الذي تكافح فيه للتغلب على العقوبات الأمريكية، التي تخنق اقتصاد البلاد، منذ انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من جانب واحد من الاتفاق النووي في أيار 2018.
وبعد يومين على اندلاعها، اتهم خامنئي المتظاهرين الإيرانيين، بالقيام بأعمال تخريبية وإشعال النيران في الممتلكات العامة، وقال “إنهم ليسوا مواطنين وأشرار وقطاع طرق”، بحسب وكالة مهر الإيرانية.
في حين، قالت منظمة “العفو الدولية” إن قوات الأمن الإيرانية قتلت 106 متظاهرين، في 21 مدينة، خلال قمع المظاهرات، بسبب رفع أسعار البنزين، بحسب معلومات جمعتها المنظمة من ناشطي حقوق الإنسان خارج إيران، وشهادة شهود عيان، ولقطات الفيديو.
إيران قلقة
عملت طهران لسنوات طويلة، على بسط نفوذها في العراق ولبنان، وهو الأمر الذي يسعى المتظاهرون إلى تغييره.
ويرى المحلل السياسي، بمركز أبحاث تشاتام هاوس، نيل كويليام، في حديث لموقع “NBC News” أن المظاهرات تعتبر تهديدًا حقيقيًا ضد المصالح الإيرانية في لبنان، والعراق، لأن المظاهرات وطنية في صميمها، لذلك تمثل تحديًا للسلطة السياسية المدعومة من إيران.
ويرى كويليان أن إيران ستخسر الكثير إذا ما تمت الإطاحة بحلفائها من السلطة سواء رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، أو “حزب الله” في لبنان.
من جانبه، أشار المحلل السياسي، حسن النيفي، في وقت سابق لعنب بلدي، إلى أن هناك واقعًا جديدًا يفرض نفسه اليوم على إيران، في ضوء الثورات التي انطلقت في كل من العراق ولبنان، بالإضافة إلى الاحتجاجات المندلعة في إيران بسبب الوضع المعيشي.
وقال المحلل السياسي، “بلا شك هذه الثورات بإلاضافة إلى الثورة السورية تواجه عدوًا واحدًا هو إيران”.
ولفت إلى أن طهران الآن هي أحوج ما تكون إلى ميليشياتها المنتشرة في كل مكان، لكي تقاتل معها في الداخل الإيراني، معتبرًا أن إيران باتت مشغولة بالدفاع عن ذاتها أو عن الأنظمة أو الأذرع المباشرة التي تمسك بها.
وأضاف حسن النيفي، “شهدنا في الأيام الماضية ميليشيات إيرانية تضرب المتظاهرين في العراق، وميليشيات حزب الله تعتدي على المتظاهرين في لبنان”.
وأوضح أن الثورة العراقية تطالب بخروج إيران من العراق، بالإضافة إلى مطالبة المتظاهرين في لبنان بتجريف نفوذ “حزب الله”، وهذا الكلام ينطبق على الثورة السورية أيضًا، وفق تعبيره.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :