عنب بلدي – درعا
تعاني المشافي الحكومية في درعا من نقص حاد في الكادر الطبي بمعظم الاختصاصات، نتيجة لجوء قسم كبير من الأطباء إلى خارج سوريا، وتدني أجورهم في المشافي العامة مقارنة بالمشافي الخاصة.
كما يعتبر هذا النقص نتيجة لعدة حالات فصل تعسفي لأطباء وممرضين لمواقفهم السياسية من النظام السوري، بداية الاحتجاجات الشعبية عام 2011.
تهجير الأطباء لأسباب مختلفة
لجأ عدد كبير من أطباء المحافظة بعد سيطرة النظام السوري عليها، بدعم روسي، في تموز من عام 2018، إلى الشمال السوري، أو إلى دول الجوار، الأمر الذي انعكس سلبًا على الواقع الطبي وخاصة المشافي الحكومية.
ممرض تعرض للفصل التعسفي بعدما كان يعمل في “مشفى درعا الوطني”، تحفظ على ذكر اسمه، قال لعنب بلدي إن الكادر الطبي الحالي لا يغطي عمل المشافي الحكومية، خاصة الأطباء من ذوي الاختصاص وأصحاب الخبرة الطبية الفريدة، الذين توزعوا في دول اللجوء المختلفة بعد اعتقال، وقنص عدد كبير من زملائهم.
كما لعب الفارق المادي والمعيشي خارج سوريا دورًا في إغراء بعض الأطباء وتشجيعهم للرحيل عنها، بحسب الممرض.
لكن كثيرًا من الأطباء المفصولين، ومنهم الممرض الذي قابلته عنب بلدي، يعملون ضمن نطاق المشافي الخاصة، بعد حصولهم على “بطاقة تسوية” لأوضاعهم الأمنية.
ولا تتوفر إحصائيات دقيقة عن عدد الأطباء المغادرين أو المفصولين بشكل تعسفي في المحافظة.
الأطباء يفضلون المشافي الخاصة
رغم تطور الأجهزة الطبية وتزويد بعض المشافي الحكومية بأحدث الأجهزة، إلا أن الأطباء يفضلون العمل وإجراء العمليات الجراحية في المشافي الخاصة، نظرًا للمردود المادي الذي يجنيه الطبيب من المشافي الخاصة وسهولة التعامل معها.
“أم علاء”، ثلاثينية من أحياء درعا المدينة، راجعت طبيبًا في عيادته وقرر إجراء عملية جراحية لها، لكنه اشترط أن تكون في مشفى خاص تعاقد معها وأصر على ذلك، بحسب ما قالته لعنب بلدي.
وأضافت أن العملية في المشفى الخاص كلفتها 65 ألف ليرة، في وقت لا يتجاوز دخل زوجها في الشهر 30 ألف ليرة سورية (نحو 50 دولارًا بسعر صرف 600 ليرة أمام الدولار).
أهم ما يميز المشافي الخاصة عن الحكومية هو الاهتمام بالمريض والعناية به، بعيدًا عن روتين وبيروقراطية عمل المشافي العامة.
ورغم توفير بعض المشافي الحكومية أجهزة متكاملة كالتصوير الطبقي المحوري والتنظير وأجهزة غسيل الكلى والحواضن وغيرها، تؤثر المحسوبيات في الحصول على دور، كما يؤثر الفساد وتدني الأجور والروتين في تعامل الأطباء معها.
مدير صحة درعا، الدكتور بسام الحريري، قال لمحطة “الإخبارية السورية الرسمية“، في آذار الماضي، إنه تم ترميم قسم الكلية الصناعية في مشفى درعا الوطني وزوّد القسم بجهازين خلال العام الماضي، واستخرج جهازان من تحت الأنقاض كما زوّد بجهازين خلال العام الحالي، وبذلك أصبح في القسم ستة أجهزة لغسيل الكلية، بحسب تصريحاته.
وأضاف الحريري، أن نقص الكادر الطبي، الذي يتعاقد أغلبه مع المشافي الخاصة، وسرعة الإنجاز والاهتمام والنظافة يبقى عاملًا مهمًا في تفضيل المواطنين إجراء العمليات ضمن المشافي الخاصة، التي بدورها تستغل حاجة المرضى للعلاج وتفرض أجورًا عالية لا تتناسب مع دخل المواطن.