ريف حماة – إياد أبو الجود
نزوح ومخيمات وسلة غذائية.. ثلاث كلمات تختصر معاناة أهالي ريف حماة الذين أجبروا على الانتقال إلى مخيمات ريف إدلب، وافتراش العراء والإقامة في مخيمات، على أمل العودة إلى منازلهم التي نزحوا منها إثر قصف قوات النظام السوري مدن وبلدات ريف حماة، منذ مطلع العام الحالي.
سارعت منظمات إغاثية إلى معونة النازحين من الأهالي عبر سلال غذائية، ريثما تحصل انفراجة على المستوى الميداني، لكن تصاعد وتيرة القصف واستمرار النزوح أطالا من أمد الاعتماد على صندوق المعونة كل شهر.
وتشهد أرياف حماة الشمالية وإدلب الجنوبية قصفًا وحملات عسكرية، من النظام السوري وحليفته روسيا، ازدادت وتيرتها منذ 26 من نيسان الماضي، وأسفرت عن نزوح نحو مليون شخص بشكل متقطع.
ونزح أكثر من 42 ألفًا من المنطقة، منذ الإعلان عن “تهدئة” تتعرض لخروقات مستمرة منذ بداية تشرين الأول الماضي، بحسب إحصائية لفريق “منسقو الاستجابة” في 18 من تشرين الثاني الحالي.
“أبيع السلة وأشتري ما يلزمني”
واقع الدعم الإغاثي الحالي خلق حالة تذمر لدى بعض النازحين، مع عدم اتجاه المنظمات إلى دعمهم بمشاريع صغيرة، تغنيهم عن انتظار موعد توزيع السلال الغذائية.
انتصار القاسم، نازحة من قرية قبر فضة في سهل الغاب بريف حماة، تقول “بات وضعي صعبًا للغاية، أضطر لبيع السلة الغذائية التي أتلقاها لأقتني بثمنها ما أحتاجه فعلًا”.
تتمنى انتصار أن يتغير اتجاه الدعم نحو إقامة مشاريع صغيرة أو ورشات عمل كالخياطة وغيرها، “علها تكفي الأسر النازحة الفقيرة لتأمين قوت يومها”، تقول في حديث لعنب بلدي.
ويأمل يوسف الحسين، وهو نازح أيضًا في ريف إدلب، مواصلة مهنته الأساسية، إذ كان يملك صالون حلاقة رجالية في قرية الكريم في سهل الغاب، لكن استهداف ريف حماة دفعه إلى النزوح إلى مخيم قرب الحدود التركية، “خوفًا على أطفاله”.
يقول يوسف في حديث إلى عنب بلدي، “مهنتي كانت توفر دخلًا مناسبًا استطعت من خلاله تأمين احتياجات عائلتي، لكني حتى اللحظة ما زلت أتلقى سلة غذائية ولم أتمكن من فتح صالون للحلاقة أستبدل مردوده بالسلة الغذائية التي أتلقاها”.
الأولوية للإغاثة
بدأ التوجه نحو العمل الإغاثي لشرائح النازحين منذ بداية الحرب في سوريا، “فالإغاثة آنذاك كانت لها الأسبقية في تأمين دعم مادي ومعنوي لأعداد كبيرة من النازحين”، وفق ما قاله مدير منظمة “عطاء” الإنسانية بريف حماة، إياد النعسان، لعنب بلدي.
وعن سبب عدم تحويل مشاريع الإغاثة إلى دعم مشاريع صغيرة على نطاق واسع، أوضح النعسان أن العمل الإغاثي “لا يحتاج لاستقرار طويل الأمد، لكن مشاريع سبل العيش تحتاج إلى بيئة مستقرة تضمن عدم تكرار نزوح الأهالي، وإلى جهود كبيرة تفتقدها كثير من المنظمات العاملة حاليًا، لذا فإن المشاريع المذكورة تستهدف المقيمين بنسبة أكبر”.
وأضاف، “ضمن خطط جمعيتنا السابقة والمقبلة نفذنا الكثير من مشاريع سبل العيش، وحصلنا على أسر منتجة قادرة على تأمين معيشتها، وأجرينا ورشات تدريب في مهن الحدادة والنجارة وتصفيف الشعر، وميكانيك السيارات وغيرها، راعينا خلالها رغبة المستفيد والإمكانيات المتاحة”.
عوائق أمام دعم المشاريع الصغيرة
ولفت مدير منظمة “عطاء” الإنسانية بريف حماة، إياد النعسان، إلى أن مشاريع كسب العيش، ورغم أهميتها، لا تزال قليلة، فالدعم المقدم لم يكن كافيًا حتى الآن، نتيجة تفاقم أعداد المحتاجين والوافدين في الشمال السوري الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة، الأمر الذي شكل ضغطًا كبيرًا فاق الإمكانيات.
كما يلقي باللوم على المنظمات التي لم تنسق فيما بينها، ما تسبب في تردي الاستجابة وتقدير التوقيت المناسب للحملات، وتوزيع الإمكانيات حسب كل منظمة.
من جانبه، يرى رئيس المجلس المحلي في بلدة العنكاوي بريف حماة، حسان حنان، أن النزوح هو العائق الوحيد أمام دعم المشاريع الصغيرة.
ويشير في حديث لعنب بلدي إلى أن جميع مزارعي بلدته استفادوا من مشروع زراعة لمرة واحدة على الأقل، “لكن نزوح الأهالي إلى مخيمات الشمال، وتوفير فرص عمل لهم أصبح من مسؤولية مديري المخيمات لا المجالس المحلية”، حسب قوله.
رغم ذلك، يواصل المجلس المحلي، بحسب حنان، مخاطبة المنظمات لدعم الأهالي بمشاريع صغيرة خاصة بالثروة الحيوانية، على اعتبار أن الأهالي لديهم دراية بتربية المواشي أو بمهن مختلفة.