ناقشت عشرات الأعمال الدرامية السورية واقع المرأة في المجتمع السوري، ومشكلاتها الحياتية واليومية، إلا أن ما يميز مسلسل “عصي الدمع” غوصه في أسباب هذه المشكلات، ومعالجته لها بعيدًا عن أسلوب “النواح”، الذي اتُّبع على مدى عدة سنوات، بطريقة هذا مجتمعنا وهذه مشاكله والله المستعان.
يشكل القانون أساس المجتمعات، ويحدد الكثير من تفاصيل حياتها وتقدمها وتخلفها، من هنا ينطلق المسلسل الذي يناقش هذه القوانين من خلال حكاية رياض العمري، المحامية التي ترتبط برياض المرادي، مهندس الديكور، ومن خلال القاضي سميح (لعب دوره حاتم علي)، تُطرح عشرات القضايا القانونية والنقاشات التي تخوض في ارتباط النصوص الدينية بالقوانين الوضعية، وكيف يتم استغلال الدين لأغراض أخرى تؤدي في النهاية إلى تشويه الدين نفسه، سواء من خلال القوانين نفسها أو من خلال بعض الحركات الدينية في المجتمع (تم الإشارة بشكل صريح إلى القبيسيات).
نقطتان ميزتا العمل رغم مرورهما بهدوء شديد، وعدم تأثيرهما بشكل مباشر في أحداث العمل، أولاهما الدور الذي لعبه الفنان الراحل خالد تاجا، بدور رجل عجوز يجول في أروقة “قصر العدل” ويسأل من يمر فيه، أين نحن؟ ليجيب الآخر في قصر العدل، لتتحول الإجابة إلى ضحكة طويلة من خالد تاجا وهو يسأل باستغراب: العدل؟ سؤال خالد نفسه لم يكن استفهاميًا، هو سؤال الاستغراب، فالعدل غائب في سوريا، وإشارات غيابه واضحة للغاية.
أما النقطة الثانية فهي فواصل الانتقال بين مشهد وآخر، لقطات سريعة لشبابيك منازل المدينة، مع أصوات تتحدث عن هموم ومشاكل وأحداث يومية، لتظهر حقيقة دمشق في هذه الجمل القصيرة.
يحكي المسلسل حياة عدة نساء، يشرح مخاوفهن وقوتهن ونقاط ضعفهن، مع أن المسلسل ليس نسويًا، بل هو نابع من داخل المجتمع السوري.
لا تنتهي الحكايات في المسلسل نهايات سعيدة، وربما لا يجب عليها ذلك، لأن الأساس الذي تنبع منه المشاكل ما زال كما هو ولم يتغير، وإن كان المشاهد سيسأل نفسه في النهاية ما هو الحل، فهو ببساطة.. العدل.
يحسب للكاتبة دلع الرحبي تناول الزاوية القانونية لمشاكل المجتمع، وهي زاوية قلما تتناولها الدراما السورية بهذا الشكل العميق.
أُنتج المسلسل عام 2005، وهو من تأليف دلع الرحبي وإخراج حاتم علي، وبطولة جمال سليمان وسلاف فواخرجي ومنى واصف وجلال شموط وجهاد عبدو.