باستيل سوريا خارج سيطرة الأسد
تدمر في قبضة «الدولة الإسلامية» وأنظار العالم نحو آثارها
عنب بلدي – خاص
سيطر تنظيم «الدولة الإسلامية» على مدينة تدمر الأثرية وسجنها يوم الأربعاء 20 أيار، وسط مخاوف من تدمير آثارها على غرار ما فعله في نينوى العراق.
وجاءت السيطرة بعد معارك استمرت قرابة أسبوعين ضد قوات الأسد، انتهت بانسحاب قوات النظام وسط أنباء عن عشرات القتلى منهم وفق ما نقلته حسابات مقربة من التنظيم.
سجن تدمر خارج السيطرة
وأحدث سقوط سجن تدمر وقعًا وتأثيرًا لدى السوريين ترجم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بقصص محفورة في أذهان بعضهم، وأخرى تناقلوها عن معتقلين سابقين، فيما أسموه «باستيل سوريا».
ويقع سجن تدمر في عمق الصحراء السورية على أطراف مدينة تدمر، شرقي حمص، تم تأسيسه على يد سلطة البعث عام 1966 ليكون سجنًا عسكريًا، سرعان ماحوله حافظ الأسد مطلع حكمه ليصبح معتقلًا سياسيًا ضم آلاف السوريين.
وفي عام 1980 نفذت قوات حافظ بقيادة شقيقه رفعت مجزرة داخل السجن، وتجاوز عدد الضحايا آنذاك 1000 قتيل، بحسب منظمات دولية، أبرزها هيومن رايتس ووتش، وتبعها مجازر أخرى في الأعوام الثلاثة التي تلته، لا سيما بعد مجزرة مدينة حماة 1982.
أبو حازم، رجل حموي في الستين من عمره، قضى في سجن تدمر 14 عامًا، بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، تحدث لعنب بلدي عن بعض مشاهداته في السجن، مبديًا استياءه من لقب الباستيل الرائج على مواقع التواصل الاجتماعي: «الباستيل جنة قدام تدمر»، مضيفًا «تعرضت للتعذيب بمختلف أنواع الأسلحة بما فيها 5 رصاصات لازلن في قدمي حتى اليوم، قتلوا أمامي ابن أخي 17 عامًا بالرصاص الحي».
واعتبر أبو حازم أن كل القصص والشهادات تنقل فقط جزءًا يسيرًا من الحقيقة التي جرت داخل السجن «مهاجع كبيرة، تصفيات سنوية، لا رقابة على السجان فهو قاتلك إذا شاء».
هل ستهدم «الدولة» الآثار؟
بدورها، دعت الدكتورة إيمان البغا، إحدى المرجعيات الفقهية لتنظيم «الدولة»، إلى إنهاء «مهزلة» الاهتمام بالسياحة، وذلك عبر منشور على صفحتها في الفيسبوك نشرته مساء الجمعة.
وأوضحت البغا، الحاصلة على شهادة دكتوراه في أصول الفقه من جامعة دمشق، أن التماثيل في الإسلام «حرام»، وأن عناصر التنظيم ماضون في «هدم الأضرحة والتماثيل في كل مكان».
وأضافت «أكثر العلماء كذبًا هم علماء الآثار، والاهتمام بالآثار «مسخرة» ابتلانا بها الحكام الخونة تلبية لرغبات أعداء الأمة، فملؤوا العقول بأن هذه الأحجار المكسرة والتماثيل البشعة معالم حضارة».
واعتبرت البغا، أن الاهتمام بالآثار «حيلة» انطلت على العقول بسبب الإعلام، منوهةً إلى أنه «آن الأوان لإنهاء هذه المهزلة على يد رجال لا يمكن الضحك على ذقونهم، وها هي دولة الإسلام تهدم الأضرحة والتماثيل في كل مكان».
لكن علماء الفقه الإسلامي أكّدوا أن وجود الآثار «لا يتعارض مع الشرع»، وأن هناك فهمًا خاطئًا لبعض النصوص القرآنية.
وأوضح أبو البراء، ماجستير في أصول الفقه من جامعة دمشق، أنه «لو فرض رسول الله هدم الآثار علينا، لكان ذلك على يد الصحابة الفاتحين للشام كأبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد وغيرهم، أو في عهد الخلافة الأموية والعباسية»، موضحًا في حديث إلى عنب بلدي «إن التنظيم يعمل وفق مبادئ السلفية الجهادية، التي تعتمد على نصوص ابن تيمية، وبعض الأحاديث النبوية المفهومة بشكل خاطئ».
وكانت منظمات دولية أبرزها اليونيسيف، حذرت قبل أيام من تدمير آثار تدمر المدرجة على لائحة اليونسكو، وتضم كلًا من القلعة الأثرية والمعابد الشهيرة، إضافة إلى الشارع الطويل والأسواق الأثرية والحمامات، التي تعود إلى نحو 30 قرنًا من الزمن.
شبكة طرقات البادية بيد «الدولة»
وتأتي معارك تدمر تزامنًا مع معارك أخرى سيطر فيها التنظيم على معبر التنف آخر معابر الأسد إلى العراق، يوم الخميس 21 أيار.
وجاءت سيطرة التنظيم عقب مواجهات عسكرية ضد قوات الأسد، أدت إلى مقتل قائد المعبر العميد الركن حسن مرشد علي، من محافظة طرطوس، إضافة إلى عدد من العناصر.
ويقابل المعبر من الجهة المقابلة منفذ الوليد في محافظة الأنبار، التي يسيطر التنظيم على معظمها، إضافة إلى كونه محاذيًا للحدود مع الأردن.
وتسيطر «الدولة» على معبر البوكمال في ريف دير الزور، الذي يقابله مدينة القائم من الجهة العراقية، فيما تدير الوحدات الكردية معبر اليعربية (تل كوجر) في محافظة الحسكة.
وبالسيطرة على معبر التنف ومدينة تدمر، تكون «الدولة» قد فرضت سيطرةً على مساحات واسعة في البادية والمنطقة الشرقية من سوريا، وأمسكت بزمام عقدة طرقية تصل محافظات دمشق وحمص وحماة والرقة وديرالزور.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :