عن شهيد

  • 2015/05/24
  • 3:08 م

ملاذ الزعبي

كان الشهيد موسى الطفوري أحد أساطير درعا، هناك حيث الرتابة والملل يدفعان أبناءها لأسطرة العادي واليومي، فالجامعي الذي ألقى تحية على زميلته في كلية بعيدة تأتي أخباره إلى المدينة كزير لا يشق له غبار، واللاعب الجالس على دكة الاحتياط في ناد رياضي بالعاصمة هو خليفة وليد أبو السل المنتظر، ومن ورد اسمه في إعلانات سيرياتل للمتأخرين عن دفع الفواتير هو من دون أدنى شك رئيس تحرير لإحدى المطبوعات المرخصة حديثًا.

كثيرًا ما وردت قصص عن الطفوري، فذاك رآه بأم العين يحمل دراجة نارية بيد واحدة، وآخر يحلف بعرض أخته وطولها أن الطفوري لطم ثورًا فخر الأخير صريعًا، وثالث ينقل رواية عن أخيه، لا عن غريب، تؤكد أن الطفوري اقتلع شجرة زيتون بيديه العاريتين (لا سياق ولا مكان ولا زمان لهذه الأحداث الماركيزية ولا غاية لها سوى إثبات فرادة الطفوري وعظمته)، كان كثر في المدينة يتحدثون عن «إيد الطفوري المشمعة» أي عن دمغة حمراء على يده اليمنى تعني أنه ممنوع من ضرب أي أحد!

صافحت يده السميكة ذات مرة، وأبقيت أصابعي النحيلة قدر الإمكان في راحته لأتأمل مشدًّا من الجلد الأحمر يحيط بمعصمه مؤمنًا أن هذا المشد هو تلك الدمغة الشهيرة. كان لا بد للشائعة أن تأخذ بعدًا سياسيًا كي تكتمل الأسطورة: شخصان فقط في سوريا يدهما اليمنى مشمعة بسبب قوتها الضاربة الاستثنائية: موسى الطفوري وذو الهمة شاليش، مرافق الرئيس حافظ الأسد ومن ثم مرافق ابنه الرئيس بشار الأسد.

استشهد الطفوري في أواخر نيسان من العام 2011 خلال محاولة إيصاله المساعدات لحي درعا البلد المحاصر حينها من قوات النظام، وكان استشهاده أسطوريًا بحق، فالشهيد، ابن مخيم درعا للاجئين الفلسطينيين، كان على دراجته النارية وخلفه صديقه عندما تم استهدافهما برصاص قناص، لكنه واصل قيادته للدراجة حتى وصلوا إلى حي البلد، هناك لفظ الطفوري أنفاسه الأخيرة، بعد أن اكتشف صديقه أنه استمر على ظهر الدراجة رغم تلقيه لثلاث رصاصات في صدره.

مقالات متعلقة

رأي

المزيد من رأي