التجارة التنموية البشرية اللغوية العصبية

  • 2015/05/24
  • 2:34 م

بيلسان عمر

إذا كنت ممن لديه عادات سبع، أو ثلاث أو أربع، أو حتى إن وصلت للعادة الثامنة، فأرجو منك أن تقرأ المقال، دون أن تحدد المنال منه في ذهنك؛ لربما اتفقنا على أفكاره، ولربما اختلفنا –وكثيرًا ما يحدث مع كامل الرضا بذلك.

هل أنت من أصحاب النصف اليميني للدماغ، أم اليساري؟ هل أنت سمعي أم بصري؟ وهل تشفي جراحك بصنع لؤلؤة؟ وهل تصنع من الليمون الحامض شرابًا حلو المذاق؟ وهل تقاوم كثيرًا لتتخلص من عادة سيئة كذاك الصاروخ الذي يحتاج قوة كبيرة للاندفاع قبل أن يخرج من مجال الجاذبية؟

هل تؤمن يقينًا بأنك تحصّل ما تريده عليه عبر قانون الجذب؟ وهل تصنع ظروفك أم ظروفك تصنعك؟ وبعدها هل تضع هدفًا يتحدّاك أم يُعجزك؟ وهل يوجد إنسان غبي؟ وهل الذكاء ظاهرة مكتسبة؟ وهل تؤمن بالمرونة أم بالقابلية على التأقلم حتى مع أقسى الظروف؟ أو تبدأ بالأهم أولًا أم المهم؟ وكم مرة تشحذ منشارك وتبدأ من جديد؟ وهل أنت مبادر وتؤمن بالاعتماد على الآخرين، وبضرورة التكاتف والعمل الجماعي؟ أم أنك منطو على نفسك متكوم ككتلة لحم في زاوية أكل عليها الزمن وشرب؟ وأين تصوّب نظرك أإلى النصف الممتلئ من الكأس أم إلى ذاك النصف الفارغ؟ وغيرها الكثير من الأسئلة التي تنسى اسمك بعدها.

هل سبق وسمعت شيئًا من قبيل «إذا لم تقد حياتك، فلا عليك، فقط بادر بالحجز والتسجيل على موقعنا، لحضور دورات تتعرف بها على ذاتك، وتصنع المستحيل في زمن المستحيل، وتبتسم حتى وأنت في قمة ألمك، العدد محدود، والأولوية للأسبق بالحجز، والأسعار غير قابلة للنقاش».

دورات يقودها مدرّب يعاني من ألم في عضلات وجهه لكثرة تبسمه، وكأنه ملاك نزل من السماء فخطفته أضواء الكاميرات وعدساتها، لا ينطق عن الهوى، ولا يبوح إلا بما هو إيجابي وفعّال، ثيابه من الطراز الأول، وعطره من خالص الورود، وإن تكلم علا التصفيق له شكرًا لما نطق به، وإن صمت علا التصفيق له مرة أخرى لتشجيعه على الكلام، لم يحبو مع ملعقة ذهب في فمه، بل لاك التراب الخشن، وذاق مر الحياة ومريرها، وكان أن اجتاز تلكم الصعاب بإرادته لا بهواها.

وهل سبق ووصلك إعلان عاجل إليك خمسون طريقة لكسب محبة الناس في ثلاثة أيام، وسنملّكك مفاتيح التأثير بهم، بل وأكثر من ذلك وصولًا إلى قيادتهم، فقط تعال إلينا وكلك إيمان بأن الشخص ليس هو السلوك، وأن الخارطة ليست هي المنطقة، وأنه لا يوجد هناك فشل ونجاح، وإنما خبرات وتجارب، وأنه وإن كان مع العسر يسرًا فلا ضير من أن نصوغ كل ما سبق دون أن تعي كلمة واحدة منه، في ادعاء صريح بتوصلنا إلى نظريات يستعصي فهمهما على الأناس العاديين، أما أنت وبعد التحاقك بدوراتنا فلا تثريب عليك بعد اليوم يا أخي.

حاول أن تستذكر معي، هل سبق ودعشك (فعل مشتق من داعش) أهلك ومجتمعك بعاداتهم وتقاليدهم، هل حطموا شخصيتك، هل وقعت بين فكي مطرقة، لا تقلق… سندعمك ونحقق لك ذاتك.

هل تنام تحت وابل من الصواريخ والبراميل تأتيك من كل جانب، مشردًا خارج بيتك، لا تدري نبأ عن أهلك، لا عليك… دع القلق وابدأ الحياة معنا.

إذًا ارسم خارطتك الذهنية بدقة، أو لا داعي للدقة، معنا ستتعلم الدقة، فقط ارسم، مع شبكة تواصل فعالة على هذه الخارطة، وزودها بمفتاح نقرؤك من خلاله، ونستدعي كل طاقاتك الكامنة، وتابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، ليصلك جديدنا من الدورات والندوات والكتب والروابط المتعلقة بالموضوع ذاته.

أنت تعي تمامًا أننا في سوريا الدولة الوحيدة التي بلّطت النهر (بردى) -وقد يأتي يوم ونبلط البحر لنسهل وصول المهجرين إلى أوروبا- فهل لاحظت كم الأمر سهل، وكم هو مخدر مؤقت المفعول شغلوك به عن قضايا أكبر، فأنا لا أريد المقارنة بين من بلط النهر، وبين من سعى ليبلط مخنا. ولكن لا تعتب علي إذ خطر ببالي هذا التشبيه، ولك أن تدرك حجم ألمي من ذاك الذي يدّعي أن مثل هذه الدورات بمثابة الطحين الفاخر الذي تمزجه بإرادتك بماء الحياة، فيغدو عجينًا تصنع منه ما لذ وطاب من لقيمات تقيم بهن صلبك.

أستميحك عذرًا أخي، لم ينته المقال، فقد تذكرت شيئًا آخر، فهل أنت ماهر في فن التسويق والدعاية لك ولمنتجاتك، إن كنت كذلك فإنك ستكتشف بسهولة ذك الوتر الحساس، العاطفة لا العقل، الذي يضربون عليه، وإن لم تكن كذلك، فمن السهل جرّك إلى تلك الدورات، وتصوير المستقبل لك أنه وبخلطة تصنعها أنت بمنتهى البساطة، ستحصد كل ما خططت له، وصولًا إلى نجاح وردي رسمته بذاتك، ولوّنته بإرادتك.

خذ دقيقة واحدة إضافة لوقت قراءتك للمقال، واسأل نفسك «هل لديك القدرة على الالتحاق بهذه الدورات وأنت في قمة قهرك وضعفك وعجزك؟ أم أنها برأيك رفاهية من كماليات الحياة تسمن ولكن لا تغني من جوع؟».

وبعد أن تنتهي من قراءة المقال، وبسرعة خاطفة حاول أن تجري إحصائية لعدد الدورات والمدربين والندوات الذين ظهروا مذ بدأت الثورة في سوريا، ولك أن تدرك حجم التجارة التنموية البشرية اللغوية العصبية التي باتت الأحدث في خطوط الموضة اليوم.

مقالات متعلقة

  1. نعم... وأنت فقط .. همسة في أذنك
  2. هل يعود الحجيج وذنبهم مغفور
  3. تحت سقف الوطن..
  4. وحوش سوريا والصعود إلى الهاوية

رأي

المزيد من رأي