أين يقف المجتمع المدني السوري على خارطة اللجنة الدستورية؟
عنب بلدي – نينار خليفة
شهدت جلسات “اللجنة الدستورية” السورية في جولتها الأولى، التي انتهت في 8 من تشرين الثاني الحالي، بمدينة جنيف السويسرية، نقاشات بين وفود المعارضة والنظام والمجتمع المدني تحت إشراف الأمم المتحدة، في ظل ترحيب ودعم دوليين، خاصة من قبل الدول الفاعلة بالشأن السوري.
وشهد اليوم الأخير لأعمال اللجنة المصغرة المنبثقة عن اللجنة الدستورية، تقديم المجموعات الثلاث، المعارضة والنظام والمجتمع المدني، أوراقًا سميت بـ”لاورقة” ستتم دراستها قبل بدء الجولة الثانية المقررة في 25 من تشرين الثاني الحالي.
وكان لافتًا انقسام ورقة المجتمع المدني إلى قسمين، إذ ركز المقربون من النظام على “إدانة اعتداءات التنظيمات الإرهابية في حلب، واستنكار العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا”، بينما أكد أعضاء مجموعة المجتمع المدني من المعارضة على ضرورة “العمل على الإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي من قبل جميع الأطراف في سوريا، والكشف عن مصير المختفين قسريًا، وتشكيل لجنة وطنية لمراقبة إطلاق سراح المعتقلين من قبل جميع الجهات بشكل دوري وفق جدول زمني محدد”.
ويفتح هذا الانقسام الباب أمام عدة تساؤلات حول فاعلية ومدى تماسك مجموعة المجتمع المدني التي تمثل جسمًا أساسيًا من اللجنة الدستورية، كما أنه كان واضحًا وجود اختلافات في وجهات النظر داخل هذا الجسم دفعت المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، لعقد العديد من الاجتماعات المنفردة مع أعضائه.
وفي هذا السياق، قال عضو مجموعة المجتمع المدني مازن غريبة، لعنب بلدي، إن “مجموعة المجتمع المدني ليست متجانسة من ناحية الآراء والمواقف السياسية وحتى القانونية”.
وأشار إلى أن بعض أفرادها يتبنون توجهًا داعمًا لوفد النظام السوري بشكل واضح وعلني، وبعضهم الآخر يؤكدون على استقلاليتهم وتمسكهم بقيم المجتمع المدني المتعلقة بالشفافية والمحاسبة والمساءلة والدفاع عن حقوق الضحايا.
وأضاف أن عدم وجود رئيس مشترك لمجموعة المجتمع المدني، وإصرار عدد من ممثليها القادمين من دمشق على عدم الجلوس مع بقية الممثلين دون وجود المبعوث الخاص، غير بيدرسون، أو أحد من أعضاء فريقه، دفع بيدرسون أو أحد معاونيه للقيام بجهود التنسيق وإدارة الحوارات بين أعضاء هذه المجموعة.
كيف يقيَّم أداء مجموعة “المجتمع المدني”؟
واستبعد مازن غريبة أن يكون هناك تجانس بين أعضاء المجتمع المدني، في المدى المنظور، وأردف “في حال وصلنا إلى توافقات عامة، فستكون جزءًا من توافق أوسع، داخل وخارج أروقة اللجنة الدستورية”.
وحول اهتماماتهم في المرحلة المقبلة، قال مازن غريبة إن أعضاء في مجموعة المجتمع المدني سيستمرون بالعمل على تطوير رؤى ومضامين دستورية تحفظ وتصون حقوق الضحايا وعائلاتهم، وتحاسب مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان، انطلاقًا من مبدأ “لا سلام دون عدالة، ولا عدالة دون محاسبة”، وفق تعبيره.
وعن النظرة السلبية لشريحة واسعة من السوريين تجاه عمل اللجنة الدستورية ونهجها، رأى مازن غربية أنه من الطبيعي ألا يتفاءل السوريون بأي عملية سياسية أو دستورية ما لم تحمل خطوات ذات قيمة تؤثر على حياة السوريين بشكل مباشر وملموس.
وتابع، “نشارك، كأعضاء في مجموعة المجتمع المدني، بقية السوريين شكوكهم ومخاوفهم وهواجسهم تجاه عمل هذه اللجنة، لكن، في ظل الاستعصاء السياسي الحاصل اليوم، والركود التام للعملية السياسية الأوسع، نأمل بأن تنجح اللجنة الدستورية بخلق حالة اختراق ما قادرة على تحريك المسار السياسي الأوسع”.
وأوضح أن واجبهم أن يعملوا بكل الأدوات المتاحة والمتوفرة اليوم، وفي حال فشلوا في ذلك، ووصلوا إلى طريق مسدود ومصير مشابه لما وصلت إليه محادثات “جنيف” السابقة، عندها لاشيء سيمنعهم من الانسحاب من كل هذه العملية، وفق قوله.
ولفت غريبة إلى وجود ضغوط دولية لإنجاح هذه العملية، وخاصة من قبل روسيا وتركيا، وقال في هذا الإطار “لقد لمسنا موقفًا حازمًا من قبل عدد من مبعوثي الدول ذات التأثير في الشأن السوري تجاه ضرورة المضي قدمًا وبشكل إيجابي في هذه العملية، وأعتقد أنه يجب البناء على هذا التوافق الدولي، واستخدامه بما يخدم مصلحة أوسع شريحة ممكنة من السوريين”.
ومن المقرر أن تنطلق أعمال الجولة الثانية من جلسات اللجنة الدستورية المصغرة في 25 من تشرين الثاني الحالي، وأن تمتد على مدار خمسة أيام، تليها استراحة أسبوعين قبل بدء الجولة الثالثة في كانون الأول المقبل.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :