ويسألونك عن المنتخب..

  • 2019/11/17
  • 12:13 م

المنتخب السوري يحقق فوزًا عريضًا على الفلبين في تصفيات كأس العالم وأمم آسيا (AFC)

عروة قنواتي

أمضى منتخب النظام السوري قبل أيام ليلته مبتهجًا بالفوز على الصين في تصفيات كأس العالم، الذي ترتب عليه أيضًا استقالة المدرب الإيطالي مارتشيلو ليبي من إدارة الدفة الفنية للمنتخب الصيني بعد الهزيمة.

يبتهج منتخب النظام مع من يحبه ويشجعه، لأنه بحسب قولهم يمثل “الوطن” ويداوي جراح سوريا، ويغرف من حكمة القائد ليترجم الانتصارات في أرض الملعب.

كلهم تقريبًا يقولون نفس الشيء: رئيس الاتحاد وأعضاؤه، مدير المنتخب والمدرب ومساعدوه، اللاعبون والإعلام، ويتركون الحزن والفرح بنسب متفاوتة للجماهير التي ينادى باسمها للتشجيع والوقوف خلف هذه الكتيبة في الحال والترحال.

يسألونك عن المنتخب وعن قضية الانقسام ويشرحون المعجم كله على مقولة “بدنا الفرحة”. يسألونك عن المنتخب وعن عزوف نسبة من الشعب السوري والعاملين في الحقل الرياضي عن تشجيع هذه المجموعة العسكرية التي تعرف رياضيًا بالمنتخب الأول في بلادنا.

الجواب يكون بالنسبة لنا أو لأغلب من يقاطع هذه المجموعة هو عند “الكمامة” التي وضعها لاعبو منتخب العراق، في مواجهتهم الأخيرة ضد منتخب إيران بعد الهدف الأول، تحية للمظاهرات العراقية التي تطالب بالحقوق وتدفع الدماء والأرواح أيضًا، الجواب أيضًا يكون بالأثر الإيجابي الذي بصمت عليه ثلة من جماهير المنتخب المصري في أمم إفريقيا الأخيرة، وهي توجه التحية إلى لاعب مهم في تاريخ الكرة المصرية، وهو النجم محمد أبو تريكة، الجواب يكون بالأغاني والأناشيد التي ضجت الأرض بها من المغرب العربي، ووقوف اللاعبين للاستماع إليها بكل احترام.

الجواب يبدو واضحًا بانشغال الجماهير اللبنانية بالشارع ونبض الشارع وثورة الشارع، بينما منتخب الأرز يخوض لقاء مهمًا مع كوريا الجنوبية، فلا تكاد تسمع انتقادًا من لاعب أو مدرب للملعب الفارغ تقريبًا من عشاقه.

المصيبة أن هذه الأمور التي طرحناها تعد من البديهيات والواجبات في أغلب دول العالم، ولا تحتاج للنقاش والشرح حول أهمية وحق التعبير في كل فرصة ممكنة، أما في سوريا فهي سبب للقتل والاعتقال والتشويه والتشريد والإساءة.

المصيبة أنك إذا حاججت بعضهم بأن ما حدث في مباراة العراق وإيران وفي مدرجات مصر وغيرها طبيعي جدًا، بل ويعطي الشعب دورًا في الدلالة على الظلم أو الاجرام، تلقى الرد التاريخي بعنوان “هات بلد بالعالم العربي بيعمل هيك. بالخليج مسموح؟  بيعترضوا بهالطريقة؟”، وينسى من يرد بأنه يتماهى مع الظالم والمستبد في ظلمه واستبداده حينما يتجرد من دوره كمواطن ويتسلح مدافعًا بهذه الردود اللامنطقية؟

ولأن من يحب هذا المنتخب يعتبره تمامًا كالجيش في الحرب والأجهزة الأمنية في القبض على الشعوب، لا يمكن أن يشبه المنتخب أي منتخب شقيق أو صديق، لاعبوه لا يفكرون بالتضامن مع زميل معتقل أو ملعب تحول إلى ثكنة أو صالة صارت مركزًا للاعتقال والتحقيق… والله إن لاعبي المنتخب السوري حتى لو لم يكن في المدرجات جماهير، سيلعبون اللقاء من دون سؤال، لأن الدمى تأخذ في أغلب الأوقات أشكالًا جميلة، ولكنها تفتقد إلى الإحساس وإلى الطبيعة البشرية.

ويسألونك عن المنتخب!

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي