ريف حماة – إياد عبد الجواد
بات حيوان الجاموس مهددًا بالاختفاء من مناطق ريف حماة بسبب تزايد العوامل السلبية، في ظل ظروف الحرب الطويلة التي أدت لخسارة مئات الرؤوس منه.
تشتهر أرياف حماة بتربية الجاموس وخاصة في سهل الغاب، لوجود البرك المائية والأنهار والبحيرات التي تعتبر مرعى للجواميس، وخاصة نهر العاصي الذي يمر في المنطقة الخصبة.
يقول رئيس “الهيئة الإرشادية” في بلدة الشريعة غربي حماة، محمد عنيزان، إن الجاموس من الحيوانات المستأنسة في سهل الغاب، وترجع تربيته لحوالي 800 عام، وازدهرت عندما كان سهل الغاب عبارة عن مستنقع، لأن الجواميس بحاجة لكميات مياه ورطوبة ودرجات حرارة مناسبة.
ثروة للمنطقة
يعتبر الجاموس من الحيوانات الأليفة والمفيدة رغم أنه يوحي بأنه حيوان مفترس، ويشبه البقر في شكله، لكنه يختلف عنها في طباعه وتصرفاته، إلى جانب فوائد حليبه ولحمه المفضل على منتجات البقر.
وأدت المعارك المستمرة منذ أعوام في المنطقة لانخفاض مساحات الرعي الخاصة بالجاموس، ما زاد تكاليف تربيته، إضافة إلى نفوق المئات من رؤوسه جراء القصف والمعارك، إلى جانب نزوح معظم أهالي المنطقة في ريفي حماة وإدلب برفقة قطعان الجواميس.
ويشير رئيس “الهيئة الإرشادية” في بلدة الشريعة غربي حماة، محمد عنيزان، إلى أن تربية الجاموس في منطقة سهل الغاب تعد مصدر رزق للمربين، والكثير من الأسر التي تعتمد على حليبه ولحمه.
ويعتبر أهالي المنطقة حليب ولحم الجاموس ألذ من حليب البقر رغم ارتفاع سعره مقارنة بحليب البقر، كما أنه يعتمد على تحويل المحاصيل الزراعية إلى غذاء له خلافًا لبقية المواشي، مثل الأبقار والأغنام والماعز، ويعتمد على الرعي في جميع الفصول ليؤمّن غذاءه، بينما يحتاج في أشهر الشتاء إلى أعلاف مركزة مثل “الثيلاج والدريس” لتغذيته.
كما أن بنيته القوية ومقاومته للأمراض ومنتجاته الغذائية جعلت منه ثروة حيوانية مهمة في سوريا وخاصة بريف حماة، إضافة إلى أن تربيته تتوارث عبر الأجيال.
الحرب هددت وجوده
يقول سليم الإبراهيم، وهو أحد مربي الجواميس في ريف حماة، في حديث لعنب بلدي، “لم نكن نتوقع أن ننزح بقطعان الجاموس خارج ناحية قلعة المضيق، لا سيما من قرى وبلدات الشريعة والتوينة والكريم، حيث كانت تلك البلدات هي الموطن المثالي لحيوان الجاموس”.
ويضيف الإبراهيم، “نتيجة توفر المراعي ومستنقعات المياه، لم نكن نهتم من أين سنأتي بالطعام لقطعان الجواميس التي كانت تتكاثر هناك، وتمضي حياتها بأمثل الظروف”.
ويتحدث المربي عن أثر قصف قوات النظام لبلدات قلعة المضيق منذ شباط الماضي بشكل مكثف، الأمر الذي أدى لنفوق كثير من رؤس الجاموس، رغم نقل كثير من الرؤوس الأخرى إلى أماكن النزوح بالقرب من الحدود التركية لتزداد نسبة نفوقها وبيع بعضها بسبب غياب الظروف الملائمة لتربيتها، بحسب الإبراهيم.
كما أن عوامل الفقر لدى أهالي المنطقة ونقص الخدمات تدفعهم إلى بيع عدد من الجواميس، سعيًا لشراء الأدوية والأعلاف الخاصة بها، مع غياب أي جهة ترعى تربيتها وتحفظ وجودها، يقول المربي الإبراهيم.
ويضيف، “أنا اليوم لا أملك سوى حوالي 40 رأسًا، ويوجد قطيع آخر لا يزيد على 50 رأسًا هي كل ما يوجد في ناحية الزيارة من حيوان الجاموس، وربما أضطر لبيع عدد من الرؤوس للجزارين لأتمكن من شراء الأدوية والأعلاف، خاصة أن المنظمات العاملة في الشمال السوري لم تهتم لحال الجاموس ولم تعره أي اهتمام”.
حلول غير موجودة
بلغ عدد رؤوس الجاموس في قرى الكريم والتوينة والشريعة في ريف حماة قبل عام 2011، حوالي 600 رأس، لتنخفض الحصيلة في عام 2018 إلى 75 رأسًا في تلك القرى بعد خضوعها لسيطرة المعارضة، إضافة لوجود 300 رأس آخر في منطقة جورين الخاضعة حاليًا لسيطرة النظام السوري.
ناشد المربون في ريف حماة في وقت سابق “الحكومة المؤقتة” و”مجلس حماة الحرة” والمنظمات والجمعيات المحلية للحفاظ على تلك الثروة الحيوانية، دون أن يجدوا نتائج إيجابية، بحسب رئيس الهيئة الإرشادية في بلدة الشريعة غربي حماة، محمد عنيزان.
يقول عنيزان، “نحن كمهندسين زراعيين نقترح التدخل السريع والمباشر في مساعدة المربين وتأمين العلائق المركزة، لأن الجاموس يحتاج في فترات النزوح إلى تغذية لعدم توفر مساحات المراعي في محافظة إدلب”.
وحول احتمالية إصابته بالأمراض، أوضح عنيزان أن للجاموس مقاومة كبيرة لظروف البيئة ومناعته عالية، وبالتالي الأولوية حاليًا لمد مربيه بالأعلاف، منعًا لبيعه.