بمبادرة خاصة..
أهالي المعرة يواجهون قطع الدعم عن التعليم بـ “صندوق الدعم”
عنب بلدي – ريف إدلب
أخذ أهالي مدينة معرة النعمان، في ريف إدلب الجنوبي، على عاتقهم مواجهة قطع الدعم عن التعليم في المنطقة منشئين صندوقًا لتقديم مبالغ شهرية تدعم المعلمين في جهودهم التطوعية المستمرة منذ بداية العام الدراسي الحالي.
يقدم “صندوق الدعم” مبالغ بسيطة للمعلمين، أشبه بدفعة “معنوية”، للتعبير عن تقدير الأهالي وحرصهم على استمرار العملية التعليمية، ولدعوة الأطراف الداعمة للاهتمام بالمنطقة ومستقبل الأطفال.
تكاتف محلي
الصندوق أنشأته مجموعة من الشباب الناشطين، نتيجة للظروف التي يمر بها التعليم في منطقة شمال غربي سوريا عمومًا، وريف إدلب الجنوبي خصوصًا، بعد تخلي معظم المنظمات عن دورها في المدن والبلدات والقرى، التي واجهت مخاطر الحملة العسكرية للنظام منذ بداية العام الحالي، حسبما قال أحد مؤسسي الصندوق، مصطفى ذكرة، لعنب بلدي.
بدأ الصندوق بتشكيل لجنة داخلية من أبناء معرة النعمان المقيمين فيها، ولجنة خارجية من أبنائها المغتربين لجمع التبرعات، التي فاقت التوقعات، على حد تعبير ذكرة.
وكانت مدارس شمال غربي سوريا بدأت عامها الدراسي مع نقص حاد في التمويل، إثر توقف برامج المنظمات الداعمة للعملية التعليمية، ما دفع أغلبية المعلمين والمدارس للاستمرار بجهود تطوعية، رغم صعوبة الأحوال الاقتصادية التي وضعت 83% من السوريين تحت خط الفقر، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة.
وقدم الصندوق منحًا لـ 225 معلمًا ومعلمة بدءًا من تشرين الأول الماضي، بقيمة 30 ألف ليرة سورية لكل منهم، يرى ذكرة أنها تفيد بإنقاذ قرابة عشرة آلاف طالب وطالبة من إغلاق مدارسهم وإيقاف عملية تعليمهم.
“رغم بساطتها”، تمثل المنح مبادرة للوقوف مع المعلمين “وإشعارهم أنهم ليسوا وحدهم في هذه المعاناة”، حسبما قال ذكرة، مضيفًا أن التبرعات مستمرة، ويأمل المسؤولون عن الصندوق من خلالها زيادة قيمة المنح واستمرارها طوال العام الدراسي.
مبادرة طيبة.. “لا تغني من جوع”
أقام معلمو مدينة معرة النعمان اجتماعًا، في 11 من تشرين الثاني الحالي، صاغوا خلاله بيانًا لمناشدة المنظمات والجهات الداعمة لمعاودة الدعم، الذي فاق احتياجات الرواتب إلى المواد اللوجستية اللازمة لمتابعة العملية التعليمية.
وأشار البيان، الذي اطلعت عليه عنب بلدي، إلى أن المنظمات المحلية والدولية قد تخلت عن دعم المدارس في المعرة وريفها منذ بداية أيار الماضي، نتيجة الحالة الأمنية ونزوح الأهالي، إلا أن “المنطقة الآن مليئة بالسكان، وكل مدارسها تعمل بشكل جيد دون انقطاع التلاميذ أو المعلمين”.
وعزا المعلمون استمرار العملية التعليمية إلى “حرص الكوادر على عدم انهيار التعليم”، مع أملهم بمتابعة الدعم، مناشدين المنظمات الإنسانية والوكالات الأممية المختصة بدعم التعليم والطفولة.
ووصف المدرّس مهدي قسوم مبادرة أهالي المعرة وصندوق دعم التعليم بـ “المعنوية”، مشيرًا إلى أن المبلغ الممنوح لا يكفي لتأمين معيشة أسر المعلمين، الذين يحتاج كل منهم لمبلغ 300 دولار شهريًا على الأقل (حوالي 200 ألف ليرة سورية).
وأضاف قسوم، في حديثه لعنب بلدي، أن دعم التعليم في المعرة بات ضرورة ملحة، مع إصرار المعلمين على “الصمود حتى النهاية”، موجهًا اللوم لـ “حكومة الإنقاذ” المسيطرة على المنطقة وداعيًا إياها “لتحمل مسؤولياتها”.
وبرأي المدرّس قتيبة الهاروش من قرية معرشورين المجاورة، فإن فكرة الصندوق على الرغم من نقص قيمتها المادية مقارنة مع ما يتطلبه الواقع المعيشي إلا أنها “تشكل حافزًا مهمًا للمدرّس”.
وقال الهاروش لعنب بلدي، إن تقدير الأهالي “رغم مآسيهم” لما يمر به المعلم، يشعره بالاهتمام، وأشار إلى أن المعلمين في القرية عمدوا لاتخاذ خطوة مشابهة، وعقدوا اجتماعًا لمناقشتها.
ووفقًا لتقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، الصادر في 14 من تشرين الثاني الحالي، يحتاج قطاع التعليم في منطقة شمال غربي سوريا لمبلغ 30.3 مليون دولار للاستجابة للحاجات التعليمية والنفسية، لنحو 150 ألفًا من الأطفال النازحين الأشد ضعفًا، ولستة آلاف من الطواقم التدريسية.
إذ دُمرت 60 مدرسة في شمال غربي سوريا منذ نيسان الماضي نتيجة القصف، كما شغل النازحون 94 مدرسة أخرى.
ونقل التقرير تقديرات منظمة عاملة على الأرض أن نصف المدارس البالغ عددها 1200 في المنطقة، فاعلة فقط، مع توفيرها التعليم لأقل من نصف عدد الأطفال في عمر المدرسة، البالغ 650 ألفًا، مع وضوح النقص في المراحل الإعدادية والثانوية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :