عنب بلدي – إدلب
استتر أهالي إدلب بظلمة الليل للتعبير عن رفضهم ارتفاع أسعار الخدمات الأساسية ونقصها في المدينة، منددين بـ “حكومة الإنقاذ” وممارساتها، مع خشيتهم من رد الفعل، لتهدأ أصواتهم بعد أيام دون انطفاء لهيب المطالب.
خرجت مظاهرات مسائية لأيام معدودة بداية تشرين الثاني الحالي في مدينة إدلب، ورفع المتظاهرون لافتات وهتفوا مطالبين بتخفيض الأسعار، ووقف فرض الضرائب على الخدمات الأساسية.
وجاء المظاهرات نتيجة لقرار “وزارة الإدارة المحلية” التابعة لـ “حكومة الإنقاذ” فرض زيادة 500 ليرة سورية على أسعار توصيل الكهرباء “الأمبيرات” إلى المنازل، لتصبح ثلاثة آلاف ليرة سورية لتشغيل التيار للمنازل في الفترة المسائية مدة ثلاث ساعات، ورفع سعر ربطة الخبز المدعوم من 150 إلى 200 ليرة، مع تخفيض وزنها من 900 إلى 750 غرامًا.
توافق على التنديد واختلاف بالوجهات
عزت “حكومة الإنقاذ” قرار رفع أسعار الخدمات لارتفاع أسعار المحروقات في المنطقة، وأشار وزير الاقتصاد والموارد، المهندس محمد طه الأحمد، إلى أن ذاك الارتفاع “خارج عن إرادتها”، ونتيجة لعملية “نبع السلام” التركية على الحدود الشمالية الشرقية لسوريا، التي قطعت سبل إمداد الوقود.
اتُّهمت “الإنقاذ”، منذ تشكيلها قبل عامين، بالتبعية لفصيل “هيئة تحرير الشام”، وكانت قد وسعت من إدارتها لتشمل محافظة إدلب ومناطق من ريف حلب الغربي، عقب عملية عسكرية بدأتها الهيئة ضد فصائل “الجيش الحر”، مطلع العام الحالي. |
ووصف الأحمد، في حديثه لعنب بلدي، مطالب المتظاهرين بـ “المحقة”، معتبرًا التظاهر من حقوق الشعب، بشرط “أن يبتعد عن التسييس والتجييش وأن يوصل مطالبه للجهات التي حرمته من الخدمات والتي رفعت الأسعار”.
لكن خطاب “الحكومة” لا يبدو مقنعًا للمتظاهرين، وهو ما عبر عنه متظاهر لعنب بلدي، بعد أن طلب عدم نشر اسمه خوفًا من التعرض للاعتقال.
المتظاهر الذي يعمل مدرّسًا ليس لديه شك بمسؤولية “حكومة الإنقاذ” عن سوء الأحوال المعيشية في مدينته.
يقول لعنب بلدي إن “الاحتجاجات قامت لأن الحكومة التي نصّبت نفسها على الشعب هي حكومة قهرية فرضت نفسها بقوة السلاح، وهي حكومة غير مدنية، ولا تمثل كامل الشعب، إنما تمثل فصيلًا عسكريًا وحيدًا”.
واعتبر المتظاهر، أن الاحتجاجات فشلت بتحقيق المطالب بسبب “ضعفها وعدم شموليتها”، ونتيجة “خوف الناس من بطش الجبهة وزجهم بالسجون”، مشيرًا إلى أن نهج كلٍ من “الإنقاذ” والنظام السوري “متشابه تمامًا”، حسب تقديره.
ومن جانبه نفى الأحمد قيام “حكومة الإنقاذ” باعتقال أيٍّ من المتظاهرين، وقال، “ما وصلنا إليه من تنظيم وإدارة لا يعجب كثيرين، فيبذلون كل جهودهم لإفشالها”.
لا خدمات ولا حلول
اتفق وزير الاقتصاد والموارد في “حكومة الإنقاذ”، محمد طه الأحمد، مع المتظاهرين، مؤكدًا نقص الخدمات، لكنه أرجع ذلك إلى “الظروف الصعبة” التي تعيشها المنطقة، لا إلى التسلط والاحتكار.
وقال الأحمد إن المظاهرات يبررها سوء الواقع لا سوء الإدارة، فـ “حكومة الإنقاذ تصل الليل بالنهار رغم ضعف الإمكانيات لرفع سوية الخدمات”، وأضاف أن العوائق أمام النجاح هي “محاربة كل الدول والمنظمات” للمنطقة، مع تناسي “ظلم النظام والروس وجرائمهم”.
لكن المدرّس المشارك في المظاهرات الذي التقته عنب بلدي، أكد أن إدلب تفتقد فعليًا للخدمات، مع انشغال “حكومة العسكر بجباية الضرائب والمكوس، واحتكار المواد والموارد والسعي للربح”.
بينما عدّد مشارك آخر، وهو ناشط إعلامي طلب عدم نشر اسمه، ما تعانيه إدلب من نقص الطرق المعبدة، وتقليل مخصصات الكهرباء، ورفع أسعار الماء، واحتكار الوقود مع اقتراب فصل الشتاء.
ومع مشاركته بالاحتجاجات، قال الناشط إنه وجد فيها “تعبيرًا عن غضب الشعب” لكنه لا يأمل بوجود آذانٍ صاغية لها، وأضاف أن تدخل الحكومة بـ “كل شيء” هو الدافع الرئيسي للتظاهر، متوقعًا أن تنسب “الإنقاذ” أي اعتداءات وقمع للمتظاهرين لـ “التصرفات الفردية”.