رزق قاتل.. شباب يقطفون الزيتون على خطوط النار

  • 2019/11/17
  • 12:00 ص

قطف الزيتون في ريف حلب الشمالي - 26 تشرين الأول 2017 (عنب بلدي)

عنب بلدي – علي درويش

“ما جبرنا على المر غير الأمر”، كلمات بدأ فيها الشاب حازم طعمة، المهجر من غوطة دمشق الشرقية، وهو واحد من مجموعة شبان رصدتهم عنب بلدي يتوجهون إلى خطوط الجبهات، لكن ليس للقتال، بل بحثًا عن لقمة العيش.

يندفع حازم للمغامرة بحياته بحثًا عن العمل، نتيجة ضيق الحال وقلة فرص العمل وضعف الأجور، إذ يخرج للعمل في ورشات قطف الزيتون بين قريتي تحتايا والتمانعة، في ريف معرة النعمان الجنوبي، القريب من مناطق اشتباك قوات المعارضة والنظام، وأحيانًا يصل نشاط الورشات إلى مسافة قريبة من قوات النظام، في ريف إدلب.

في بعض الأحيان لا يستطيع العاملون في ورشات قطاف الزيتون، إكمال عملهم بسبب القصف ويعودون إلى منازلهم، ويقول حازم، “الخميس (14 من تشرين الثاني) لم نكمل عملنا بعد الساعة العاشرة صباحًا، بسبب استهدافنا من قبل قوات النظام بثلاث قذائف، والبارحة رصدتنا طائرات الاستطلاع، لتنهال علينا 20 قذيفة هاون، عدنا بسببها إلى بيوتنا، كما أدت إلى إتلاف جميع ما قطفناه من الزيتون”.

وخلال عمل ورشات الزيتون في الأيام الأخيرة، قتل عدد من المدنيين وجرح آخرون، وفي معرة حرمة، قتل طفلان وجرحت أمهما، كما قتل رجل وامرأة وعنصر من الدفاع المدني، إضافة لجرح أربعة آخرين.

1200 ليرة ترسم طريق الموت

يتقاضى العاملون في القطاع بين 1200 و1300 ليرة سورية على كل شُوال يتم قطفه، أي ما يعادل دولارين أمريكيين، وهو مبلغ بسيط مقارنة مع الغلاء في مناطق سيطرة المعارضة وارتفاع قيمة الدولار أمام الليرة، حيث لا يقل إيجار البيت في مدينة إدلب مثلًا عن 25 ألف ليرة.

أما في المناطق الخطرة المعرضة لقصف الطيران أو المدفعية، فيصل أجر قطف الشوال إلى 2500 ليرة تقريبًا (الضعف).

الخروج إلى الموت أم للعمل

“نضع يدنا على قلبنا ونخرج لا نعرف إن كنا سنعود أم لا، وإن أصيب أحد من العاملين لا توجد فرق دفاع مدني ولا مستشفيات ولا سيارات إسعاف يمكنها الوصول إلى المنطقة لإسعافنا”، يقول حازم، مضيفًا، “حتى رئيس الورشة غير مسؤول عن أي تعويض، وذلك شرط مفروض قبل التوجه للعمل”.

تجدد القصف على أرياف إدلب الجنوبي منتصف تشرين الأول الماضي، وبحسب التطورات الميدانية في المنطقة، هناك أراضٍ لا تستطيع  الورشات الوصول إليها، كأطراف بلدة النقير، وركايا، وكفر سجنة، ومعرة حرمة، لأنها شديدة الخطورة.

ويحاول عاملو الورشات التنسيق مع فصائل المعارضة المرابطة في المنطقة لكي لا يتم إطلاق النار عليهم بالخطأ.

المحصول مناصفة بين المتعهدين وأصحاب الأرض

يتقاسم متعهدو الورشات وأصحاب الأراضي الكمية الناتجة عن العمل اليومي لقاطفي الزيتون مناصفة، في عدد من المناطق التي يعتبر الدخول إليها خطرًا، كمعرة حرمة، ومعرة زيتا، ومعرة ماتر، وجبالا، وسجنة، وترملا.

ولا توجد إحصائية دقيقة لمزارع الزيتون التي تضررت بفعل المعارك الأخيرة، لكن بلدة معرة حرمة مثلًا تملك قرابة 2500 دونم من أشجار الزيتون المثمرة، التي كان من المتوقع أن تنتج قرابة 275 طنًا من الزيت هذا العام، إلا أن القصف المستمر سبب الضرر “لعدد كبير من الأشجار”، ووقف في وجه عودة الأهالي للقطاف، بحسب قول رئيس المجلس المحلي للبلدة، ضياء حاج أحمد.

يعود طعمة متعبًا من العمل الشاق والحذر المستمر من قصف النظام وصواريخه التي لم تنفجر، لكنه يواسي نفسه بأصدقائه وشركائه في العمل، الذين يتقاسمون الخطر والتعب والهموم.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع