يبدأ الكاتب العراقي صموئيل شمعون روايته “عراقي في باريس”، انطلاقًا من كانون الثاني من عام 1979. سطور أولى تصف شغف شاب قرر الرحيل باتجاه دمشق من العاصمة العراقية بغداد، ليبدأ بعدها رحلته باتجاه السينما، شغفه الأول.
الحياة لا تمنحنا كل ما نريد، حتى لو قاتلنا لأجله في بعض الأحيان، هذه العبارة التي يرددها ملايين البشر حول العالم يوميًا تختصر رواية تحمل بين طياتها حياة شخصية كان قدر رحلتها عذابًا في دول عربية محكومة بالديكتاتورية.
تحكي الرواية حكاية صموئيل شمعون نفسه، الشاب العراقي الذي تعرف إلى السينما ووقع في سحرها، ويريد الوصول إلى هوليوود، ويرى نفسه مخرجًا هناك.
جمالية الكتاب تكمن بأن ما مر فيه صموئيل شمعون، هو ما يمر فيه أي شاب في العالم العربي، تفاصيل الحياة وقسوتها وعطف الناس، ومقتل الأحلام، والخوف من الاعتقال، وكل ما يخطر في بال القارئ.
تلامس الرواية قلوب السوريين اليوم، مع ما يرويه عن اعتقاله على يد المخابرات السورية في دمشق، لظنهم أنه يهودي بسبب اسمه، وكيف خرج من المعتقل وبعدها من سوريا كلها إلى بيروت، ورغم قلة السطور المتعلقة بنقطة اعتقاله، إلا أنها كافية لفهم ما يريد الكاتب إيصاله.
تدفع رحلة صموئيل، الذي انتهى الحال به في باريس بدلًا من هوليوود، كاتبًا لا مخرجًا سينمائيًا، القارئ ليمضي بشغف حتى نهاية القصة، مع لغة روائية بسيطة وأسلوب سرد متماسك، ومع اعتماده سردًا متوازيًا بين حاضره وماضيه، استطاع صموئيل المحافظة على وحدة عمله الروائي.
تفاصيل الحياة في باريس المذكورة في الرواية كافية لجعل خيال القارئ يعمل ويتخيل تفاصيل المدينة والبيوت والمقاهي والشوارع، وهي كافية أيضًا لرؤية وجه جديد من وجوه باريس الكثيرة.
وبقدر ما يتميز الكتاب بأنه سيرة ذاتية حميمية لصاحبه، يستطيع من يقرأه أن يتخيل نفسه في نفس المكان، في عام 2019.
صدر الكتاب للمرة الأولى في عام 2005، ثم أعادت دار الشروق المصرية طباعته في عام 2009 مرتين، ونشرت طبعة جديدة في عام 2010.