ضمن سعيها للتغلغل أكثر وسط المدنيين في المناطق التي تنتشر فيها، افتتحت إيران فرعًا لما يسمى “كشاف” في مدينة دير الزور شرقي سوريا، ليضاف إلى سلسلة من الجمعيات والمستشفيات الميدانية التي أسستها إيران في محافظة دير الزور منذ نهاية عام 2017 مع انتهاء المعارك ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ونشرت شبكة “صدى دير الزور“، الموالية للنظام السوري اليوم، الأحد 10 من تشرين الثاني، خبرًا يتحدث عن افتتاح مركز “كشاف” الذي ترعاه ما تسمى “اللجنة الشعبية للصداقة السورية الإيرانية”، في مدينة دير الزور.
وقالت الشبكة، إن المركز يتضمن “نشاطات” (ثقافية، رياضية، فنية، تطوعية، دار لحفظ القرآن، تنموية، تعليمية).
خزان المقاتلين
مع تدخل “حزب الله” في سوريا بشكل فعلي، أواخر نيسان عام 2013 على وقع معارك مدينة القصير في ريف حمص الغربي حينها، خرج الأمين العام لـ “حزب الله” اللبناني في كلمة له على قناة “المنار”، التابعة للحزب، ووعد بعدم ترك اللبنانيين في ريف القصير عرضة للهجمات، وأعلن للمرة الأولى أن مقاتلين من حزبه يشاركون في المعارك الدائرة بالمدينة الحدودية مع لبنان، وفي الدفاع عن مقام السيدة زينب الشيعي قرب دمشق.
بعد ذلك، بدأت تظهر ملامح تأسيس جمعيات تحمل اسم “كشافة الإمام المهدي”، التي تشكل رافدًا بشريًا أساسيًا للجسم العسكري في “حزب الله”، إذ تنخرط الأغلبية الساحقة من منتسبي الكشافة في “العمل الجهادي” بعد عمر 16 سنه.
ووفق تقرير نشره موقع “جنوبية” اللبناني، في نيسان 2015، فإن أول دورة عسكرية ينخرط فيها الأطفال ضمن “كشافة المهدي”، تسمى ”محو الأمية”، يتعرف خلالها المراهقون إلى مبادئ علم السلاح، وكيفية التصويب وإطلاق النار على أهداف ثابته، لتبدأ بعدها الدورات الصيفيّة المكثّفة فيتخرّج هؤلاء الشباب بعد عامين مقاتلين متمرسين في مختلف أنواع الأسلحة ومستعدين لخوض أعنف المعارك تلبية لفتوى المرشد وأوامر الأمين العام لـ”حزب الله”.
وأضاف التقرر أن مشاهدة أطفال “كشافة المهدي” وهم يؤدون عرضًا عسكريًا ويتسلحون ببنادق بلاستيكية بات مألوفًا في لبنان، وذلك استعدادًا للمعارك الحقيقية عند بلوغ سن الرّشد.
وخلال بحث أجرته عنب بلدي على موقع “فيس بوك” حول فروع لجمعية “كشافة المهدي” في سوريا، تبين أنه تم افتتاح عدة فروع لها في المناطق التي تنتشر فيها الميليشيات الإيرانية و”حزب الله” في سوريا منذ أعوام مثل “كشافة الولاية” و”كشافة الإمام المهدي (عج) فرع نبل إناث“، ومجموعة “كشافة الإمام المهدي في سوريا“.
وعرف لبنان منذ ثمانينيات القرن الماضي ظهور ما يسمى بجمعية “كشافة الإمام المهدي” تستهدف الأطفال تحت مسمى “الكشافة” وبذريعة أن هذا الشكل من الجمعيات والنشاطات معروف على مستوى العالم.
لكن بالنسبة لـ “كشافة المهدي” فهم، وكما يظهر من أدبياتهم، جمعية دينية بامتياز، تقوم بإعادة زرع وتثبيت الأفكار الدينية للمذهب الشيعي بشكل متطرف، كما أن هذه الجمعيات تشارك دومًا في تقديم عروض شبه عسكرية في دلالة مباشرة على المستقبل الذي ينتظر هؤلاء الأطفال، فهم يعدون ليكونوا وقودًا وذراعًا خارجيًا لإيران، التي تهيمن على عموم هذه الأنواع من الأنشطة، فصور الخميني والرموز الإيرانية لا تفارق أي نشاط لهذه الجمعيات.
تمويل الجمعية
تُمّول جمعيات “الكشافة” إضافة إلى مؤسسات أخرى تلعب نفس الدور، من خلال “المستشارية الثقافية الإيرانية” في دمشق، التي ترسل هيكلية ومخطط المؤسسات إلى “جمعية الفرات للسلام والسلم الاجتماعي” التي تتخذ من منطقة المزة في دمشق مقرًا لها، وفق بحث أجراه مركز “حرمون للدراسات المعاصرة“، في نيسان 2018.
وأشار البحث، إلى أن هذه الجمعيات تقوم بنشاط واسع النطاق يشمل إقامة المعارض والرحلات الترفيهية للأطفال من مناطق دمشق الجنوبية والمشاركة في المسيرات المؤيدة للنظام.
ولفت إلى أن جمعية “كشافة الإمام المهدي” تقوم بنشاط غريب وغير تقليدي مقارنة بما ينبغي أن تكون عليه جمعيات الأطفال، إذ تغسل عقول الأطفال غسلًا منظمًا، عن طريق جمعهم في قاعات مجهزة بآلات عرض، وسرد بعض القصص والأفلام حول “النواصب” (مصطلح شيعي عن الطائفة السنية) وأهمية الثأر للحسين، وتعرض بعض المشاهد التمثيلية والعروش المسرحية التي يحضرها رجال دين من وقت إلى آخر.
وتنشر صفحات الكشافة هذه صورًا لبعض الأطفال باللباس العسكري وهم يحملون علم إيران وصور الخامنئي في مسيرات ومواكب “حسينية” في مناسبات متعددة.
أما النشاط الأكثر إثارة للاستغراب وفق البحث، فهو تدريبات رياضية شبيهة جدًا بتلك التي تقدم للجنود في الوحدات العسكرية، إذ أعدّت الجمعية مراكز تدريب خاصة مجهزة بأدوات للقفز والزحف وبعض التمارين القاسية، في ما يبدو أنه إعداد مبكر لهؤلاء الأطفال كي يكونوا جنودًا مستقبليين في خدمة “الإمام المهدي”.
–