عنب بلدي – إدلب
مطلع تشرين الثاني الحالي، حاولت “هيئة تحرير الشام”، التي تسيطر على معظم محافظة إدلب شمال غربي سوريا، اقتحام مدينة كفرتخاريم شمال غربي المحافظة، بحجة امتناع الأهالي عن أداء “الزكاة عن موسم الزيتون”، وسط مقاومة من أهالي المدينة.
جباية زكاة الزيتون “عنوة” فتح الباب أمام اعتراضات حول أحقية “تحرير الشام” و”حكومة الإنقاذ” المدعومة منها، بجمع زكاة الثمار بشكل إلزامي.
وفتحت هذه الاعتراضات الباب أمام تساؤلات أخرى تدور حول اتخاذ حكومة “الإنقاذ” و”تحرير الشام” من زكاة الزيتون حجة لاقتحام المدينة ومحاربة “المسيئين” فيها.
هل يحق لـ “تحرير الشام” جباية زكاة الزيتون بشكل إلزامي
المجلس الإسلامي السوري قال في بيان له، في 7 من تشرين الثاني الحالي، إن “حكومة الإنقاذ” ومن خلفها “هيئة تحرير الشام” ليس لهم سلطان على المناطق التي ينتشرون فيها.
وقال المجلس إنه ليس لـ “تحرير الشام” سلطة “شرعية معتبرة”، حتى لو بحكم الغلبة، “فهم ليسوا دولة معترفًا بها، لا من قبل المناطق التي يسيطرون عليها، ولا من غيرها (…) ليس لهم طاعة ولا سلطان، ومن يطيعهم من الناس فاتقاء لشرهم وخوفًا من بطشهم”.
وحول إلزام الأهالي بأداء زكاة الزيتون، قال المجلس إن ذلك خلاف لقول الجمهور الذين يوجبون الزكاة في كل ما يقتات (يؤكل ويخزن) ويدّخر وييبس من الحبوب والثمار، كالقمح والشعير والذرة، والزيتون ليس منها”.
وأكد المجلس أنه حتى لو ذهب بعض العلماء بوجوب زكاة الزيتون، فليس لـ “تحرير الشام” ولا “لذراعها” (حكومة الإنقاذ) سلطة لإلزام الناس، مضيفًا، “لقد علمنا أن أهل المنطقة شكلوا لجانًا لأخذ زكاة أهلهم وأبناء بلدتهم طواعية وردها لفقراء البلدة نفسها، وهذا الأصل في الزكاة”.
بدوره أشار الشرعي السابق في “هيئة تحرير الشام”، علي العرجاني، عبر حسابه في “تلجرام”، “من كان يذهب إلى قول الحنفية والمالكية في وجوب زكاة الزيتون، فعليه أن يأخذ بقولهم في عدم دفعها للحاكم الفاسق، فكيف بقوة تفرض نفسها، من اللصوص والفساق”.
وأضاف العرجاني أنه ليس “للمتغلب” (الحاكم بالقوة) ولاية شرعية عند العلماء و”هو فاسق مبتدع بالإجماع، إلا أن يقبل الناس فيه بعد ظهور صلاحه وعدله، فليس للهيئة ولاية شرعية في المحرر توجب على الناس الانصياع”.
قضية كفرتخاريم
شهدت مدينة كفرتخاريم، في 5 من تشرين الثاني الحالي، توترًا عقب خروج مظاهرات من الأهالي ضد “لجان جمع الزكاة”، التي كانت تحاول جمع الزكاة من معاصر الزيتون، وطُردت خارج المدينة.
شهود عيان من المدينة أكدوا لعنب بلدي أن ما حصل ليس رفضًا لدفع الزكاة، بل الرفض كان الدفع لـ”تحرير الشام”، ولـ “بيت مال المسلمين”، متسائلين: هل يوجد “بيت مال مسلمين” فعلًا؟
وقال مواطنان من أهالي المدينة لعنب بلدي، إن رفض دفع الزكاة لم يكن بشكل قطعي، بالعكس تمامًا، فإن الأهالي يريدون دفعها ولكن ليس لـ “الإنقاذ”.
وأضافا أنه في كل عام يجمع الأهالي الزكاة ويوزعونها لفقراء المدينة، وأن طرد “لجان الزكاة” التابعة لـ”الإنقاذ” جاء بعد اتفاق بين مجلس أعيان كفرتخاريم مع “الهيئة”، الذي يتضمن أن أموال الزكاة تبقى في المدينة، ولكن “الهيئة” بدأت بجمع الزكاة مرتين، حتى خرجت مظاهرة وطردت تلك “اللجان”.
وتوصلت “الجبهة الوطنية للتحرير” و”هيئة تحرير الشام” إلى اتفاق ينهي التوتر في المدينة، في 7 من تشرين الثاني الحالي، وهو ما أكده الناطق باسم “الجبهة الوطنية”، ناجي مصطفى، ومسؤول التواصل الإعلامي في “الهيئة”، تقي الدين عمر، لعنب بلدي، لكن الطرفين لم يفصحا عن تفاصيل الاتفاق.