عنب بلدي – إدلب
“الشتاء على الأبواب” عبارة يكررها النازحون داخل سوريا لينذروا أنفسهم بضرورة تحضير تجهيزات التدفئة ومستلزمات الفصل الأقسى، لكن في الوقت الذي بات فيه ما يقارب المليون سوري يسكنون في مخيمات شمال غربي سوريا، أصبحت الاحتياجات أكثر إلحاحًا، وتأمينها أكثر صعوبة.
وصل عدد المخيمات في شمال غربي سوريا، إلى 1153، بينها 242 مخيمًا عشوائيًا، بينما كان عددها سابقًا 130، بحسب ما قاله مدير فريق “منسقو الاستجابة”، محمد حلاج، لعنب بلدي.
كما ازداد عدد النازحين ضمن المخيمات ووصل إلى أكثر من 962 ألفًا، بسبب حركة النزوح الأخيرة من مناطق جنوب إدلب، وفق الحلاج، الذي أبدى تخوفه من عمليات عسكرية للنظام، في جنوبي وغربي إدلب، قد تؤدي لموجات نزوح جديدة.
وأضاف أن “احتياجات المخيمات للتدفئة ضخمة، والمنظمات غير قادرة على تغطيتها بسبب كثرتها، وازدياد أعداد الخيم والنازحين فيها، ما أدى إلى نقص كبير في مستلزمات التدفئة”.
دعم ضعيف واحتياجات متزايدة
جاء في تقييم نشره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، في 5 من تشرين الثاني الحالي، عن الاحتياجات الشتوية في شمال غربي سوريا، أنه من المتوقع أن يستفيد حوالي 900 ألف شخص في شمال غربي سوريا، من المساعدات الشتوية هذا العام.
لكن المكتب تحدث عن فجوة تمويل بنسبة 40%، إذ تستدعي الاحتياجات المقدرة توفير مبلغ 32 مليون دولار أمريكي، لتأمين العناصر الأساسية، بينما لا يزال تمويل الاستجابة الإنسانية الشاملة منخفضًا، وخطة الاستجابة الإنسانية تمول فقط 52% من الاحتياجات.
بالمقابل، ازدادت احتياجات الشتاء بالنسبة للعائلات المهجرة والمحتاجة في المخيمات هذا العام بشكل كبير، بالمقارنة مع الأعوام السابقة، وفق مدير فريق الداخل في منظمة “أيادٍ بيضاء”، محمد الغوش.
وأرجع الغوش سبب ازدياد الاحتياجات إلى التصعيد المستمر من قبل قوات النظام والطيران الروسي، على مناطق الشمال، الذي تسبب بنزوح آلاف العائلات.
ومع ازدياد الاحتياجات، بات توفير بعضها صعبًا للغاية، بحسب مدير جمعية “شباب ساعد”، إحدى مؤسسات منظمة “بنيان”، أحمد قطان، الذي أوضح في حديث لعنب بلدي أن مادة المازوت لا يمكن تأمينها، لذا لا تصنف ضمن الاحتياجات.
وارتفع عدد قاطني المخيمات في شمال غربي سوريا، بسبب نزوح أكثر من 440 ألفًا، بحسب تصريح نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، بعد هجوم قوات النظام على ريفي حماه وإدلب في آب الماضي.
كما نزح إليها 70 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة، بعد العملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا، التي بدأت في 9 من تشرين الأول الماضي.
خطوات لتدارك المعاناة
تختلف وسائل التدفئة من مخيم لآخر بحسب مكان المخيم والمواد المتوفرة، فبعض المخيمات يعتمد في التدفئة على الوقود (المازوت أو الكاز)، وبعضها يعتمد على الفحم أو الحطب أو البيرين (مخلفات عصر الزيتون)، لكن إحدى أسوأ وسائل التدفئة تلك التي يُعتمد فيها على حرق الألبسة والمواد البلاستيكية، ما يسبب أضرارًا صحية لقاطني المخيم.
وتنتظر المخيمات بدء توزيع الدعم المخصص للتدفئة، لكن الاستجابة حتى اليوم ضعيفة، ويعود السبب إلى أن جزءًا كبيرًا من تمويل حملات المنظمة يعتمد على التبرعات، وحتى اليوم الأجواء لا تزال دافئة، ولا يوجد محفز للمتبرع لتقديم الدعم لفصل الشتاء، بحسب مدير فريق الداخل في منظمة “أيادٍ بيضاء”، محمد الغوش.
بالمقابل، بدأت بعض المنظمات مشاريع خدمية تتعلق بأزمات الشتاء، كمشاريع إصلاح بعض الطرقات، وتحسين بعض الخيام، إذ أطلقت جمعية “شباب ساعد” مشروع “التأهب للسيول” في مخيمات أطمة، بحسب ما أكده مديرها، أحمد قطان.
وأوضح قطان أن هدف المشروع تخفيف معاناة النازحين في المخيمات، إذ أُطلق بالتزامن مع “حملة الشتاء”، منذ بداية شهر تشرين الثاني الحالي، التي تشمل جميع الاحتياجات الشتوية الرئيسة للمخيمات.