برزت سوريا في ثلاث حملات أقامها أو شارك بها فنان الشارع البريطاني الشهير “بانكسي”، بهدف لفت الانتباه العالمي لبشاعة الحرب وآثارها على المدنيين ومحنة اللاجئين عبر المتوسط.
حملت أعمال الفنان، المجهول الهوية، والذي استخدم اسمه المستعار لتجنب الملاحقة القانونية المرتبطة بالرسم على المباني، رسائل اجتماعية وسياسية متنوعة منذ أن بدأ برسم الجداريات في تسعينيات القرن الماضي، ليصبح أيقونة للفن الناقد المتمرد.
جال “بانكسي” العالم برسوماته، التي تعرضت للتخريب والتقليد والسرقة والبيع المتكرر، وأثارت الجدل مرارًا لتصبح من أكثر الأعمال الفنية طلبًا ورغبة.
واحتلت الرسومات عناوين الأخبار إما لرسائلها السياسية، كالتي انتشرت في أنحاء قطاع غزة على يده عام 2015، أو لأسعارها القياسية مثل لوحة “برلمان القردة” التي تمثل مجلس النواب البريطاني، وبيعت في تشرين الأول الماضي بمبلغ 9.9 مليون جنيه إسترليني.
سوريا لم تكن استثناء، فقد نالت اهتمام الفنان الناشط، وبرزت بلوحاته الجدارية التي تدين الحروب وتذكر بمحنة اللاجئين، ومن خلال مشاريعه التي تعاون فيها مع فنانين ومنظمات خيرية لتقديم المساعدات المباشرة للاجئين.
مع سوريا.. “هناك دائمًا أمل”
اشترك “بانكسي” بحملة “مع سوريا” #WithSyria، التي أقامها تحالف من 90 منظمة إنسانية حول العالم، عام 2014، في الذكرى الثالثة لبدء النزاع السوري، مستخدمًا عمله الفني الأشهر الذي يمثل فتاة تلاحق بالونًا أحمر.
تضمنت مشاركته مقطع فيديو تحدث خلاله الممثل البريطاني، إدريس آلبا، عما ألحقته الحرب السورية من دمار، وما خلفته من ضحايا حتى ذلك الحين، داعيًا لإيقافها.
“الفتاة مع البالون” تمثل سلسلة من الرسومات التي انطلقت عام 2002، ثم استخدمت مرارًا بأشكال متعددة لإيصال أفكار سياسية، في حملة سوريا، وفي قطاع غزة عام 2015، وخلال الانتخابات البريطانية.
وخطف العمل الفني الأضواء العالمية حين مزقت نسخة من العمل نفسها (بواسطة جهاز وُضع داخل اللوحة) عند بيعها في مزاد علني لقاء مبلغ مليون و42 ألف جنيه، في 5 من تشرين الأول من عام 2018.
“ابن مهاجر من سوريا” في مخيم فرنسي
رسم “بانكسي”، في كانون الأول من عام 2015، لوحة على حائط مخيم كاليس للاجئين في فرنسا والمسمى “الغابة”، وهي تظهر مؤسس شركة “Apple” الراحل، ستيف جوبز، حاملًا كيسًا أسود فوق كتفه، والحاسوب الأصلي من شركته بيده، معنونة باسم “ابن مهاجر من سوريا”.
أصدر حينها الفنان بيانًا قال فيه، “نقاد للاعتقاد أن الهجرة تمثل عبئًا على موارد بلادنا ولكن ستيف جوبز كان ابن مهاجر سوري. شركة Apple هي الأكثر ربحًا عالميًا، وتدفع أكثر من سبعة مليارات دولار سنويًا من الضرائب، وهي موجودة فقط لأننا سمحنا بدخول شاب من حمص”.
وكان العمل جزءًا من سلسلة تمحورت حول اللاجئين والتوعية بمعاناتهم على الشاطئ الفرنسي، وأتى بعد أن نفذ الفنان البريطاني مشروع “Dismal aid” في المخيم الذي كان أغلب اللاجئين فيه من سوريا.
وضم مشروعه بناء مساكن مؤقتة لسبعة آلاف مهاجر، من بقايا منتزه “Dismaland”، المعروف بـ”منتزه للعائلات لا يناسب الأطفال”، الذي افتتح في بريطانيا بمشاركة 58 فنانًا لفترة محدودة في صيف عام 2015، حاملًا رسائل نقد اجتماعي وسياسي متعددة.
تصميم سجادات الترحيب لدعم اللاجئات
انضم “بانكسي” لمنظمة “Thistle Farms” الأمريكية غير الربحية، ومنظمتها الوليدة “Love Welcomes”، في جهودها لدعم اللاجئات في المخيمات اليونانية، عبر تعليمهن صناعة سجادات الترحيب المحاكة من ستر النجاة الملقاة على الشاطئ الأوروبي.
وكانت المنظمتان الأمريكيتان قد بدأتا اهتمامهما بدعم اللاجئين السوريين في اليونان منذ عام 2017، وأعلنت “Love Welcomes” عن تعاونها مع الفنان البريطاني بداية شهر تشرين الأول الماضي، عند افتتاح متجره الأول في لندن “Gross Domestic Product” (إجمالي الناتج المحلي).
سيقوم “بانكسي” بتعليم النساء كيفية حياكة تصميمه الخاص، الذي بيعت كل قطعه الأولى البالغة 500 حتى الآن بمبلغ 579 يورو لكل واحدة، ليعود ريعها للاجئات بالكامل.
لم يتوقف أثر “بانكسي” في سوريا على تلك المشاريع، إذ ألهم عددًا من فناني الشارع من منظمة “كش ملك” لبدء حملة “مشروع بانكسي” مع بلوغ الحرب السورية عامها الثامن بداية العام الحالي، ناشرين رسوماتهم التي حملت الرسائل الثورية السياسية على جدران إدلب.
وكان فنان الشارع السوري “أبو مالك الشامي” قد عُرف باسم “بانكسي سوريا”، منذ أن انتشرت رسوماته على أنقاض البيوت في مدينة داريا من صيف عام 2014 حتى صيف عام 2016، حين هُجر أهلها وانتقل إلى الشمال السوري ليتابع الرسم في إدلب.
–