ناشيونال إنتريست – بوب بوكر
يعتبر ظهور نظام الأسد بشكل أضعف مما كان عليه سابقًا خلال حربه ضد المعارضة السورية، حجةً قويةً لإعداد خطط طوارئ للتعامل مع أكبر كارثة إنسانية قد تنكشف في سوريا وما حولها.
ولا يمكن استبعاد احتمال حدوث إبادة كاملة للعلويين، ولكن التهديد القائم حاليًا هو نزوحهم بشكل واسع النطاق وخاصة من الساحل الغربي لسوريا باتجاه لبنان “كون نظام الأسد يبدو هشًّا وسقوطه بات وشيكًا”، والذي يمكن أن ينتج عن الخوف من الإبادة الجماعية وتضخيم الأحداث عبر وسائل الإعلام، الأمر الذي لم تشهده المنطقة منذ النكبة الفلسطينية عام 1948.
أي تدفق كبير من الطائفة العلوية (التي لا يعرف عددها بشكل محدد، ولكنه يقدّر بنحو مليوني شخص، ويشكل نسبة 10% من سكان سوريا)، يكاد يكون خطرًا كبيرًا على المؤسسات والتوازن الطائفي للدولة اللبنانية.
ونظرًا للضعف الذي يظهره نظام الأسد مؤخرًا في قتاله ضد المعارضة، وللسوابق التاريخية (نكبة فلسطين 1948 ومؤخرًا اليزيديين والأكراد في العراق)، يتعيّن على المجتمع الدولي أن يستعد للأسوأ القادم.
تشويه للتوازن الطائفي في لبنان
وفي ظل انهيار الأسد ومحاولات العلويين الفرار خارج سوريا، لا يبدو أن الغالبية العظمى من اللاجئين وخاصة العلويين منهم والأقليات الأخرى قادرون على العودة إلى بلادهم.
وتبدو العواقب وخيمة فيما لو حدثت موجة التدفق هذه، التي سيتردد صداها على مدى عقود على المستوى السياسي والإنساني والاستراتيجي.
وتكافح الحكومة اللبنانية في التعامل مع العبء الكبير الذي يفرضه قرابة 1.2 مليون لاجئ سوري على أراضيها، فتراها حريصة على منع ازدياد هذا العدد، خوفًا من أن يتشوّه التوازن الطائفي في البلاد بشكل عام، وأن يتفاقم الصراع بين السنة والعلويين شمال لبنان على وجه الخصوص.
وتستقبل أوروبا أعدادًا كبيرة من السوريين الذين يصلون عن طريق القوارب من دول كثيرة، وتعتبر الوجهة المفضلة لديهم بينما تعتبر دول الخليج خيارًا للبعض الآخر، ولكن لا يظهر بأن أيًا منها على استعداد لفتح الأبواب أمام اللاجئين السوريين.
وهناك تحدٍّ يواجه المجتمع الدولي في تأمين استراتيجية شاملة تساعد اللاجئين في لبنان والأردن، فضلًا عن احتمال تدفق العلويين، إذ سيكون على دول اللجوء أن تتعامل مع الأعباء المالية والاجتماعية لاستيعاب هذا الكم.
ومن الواضح أن يشكل السيناريو المحتمل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، ويجب على الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن النظر في أمره “على هذا النحو”، عبر التخطيط فيما بينهم برئاسة الأمم المتحدة للوصول إلى استجابة دولية، والاستفادة من خبرات وكالات الأمم المتحدة، ومن المنظمات الدولية غير الحكومية المختصة في مجالات حماية الطفل.
ضمانات لسلامة العلويين
وينبغي أن يكون الهدف الرئيسي والمباشر هو الحد من مخاطر التدفق الإضافي، وفي هذا الصدد يجب على الأمم المتحدة والدول الغربية أن تؤثر على تركيا والسعودية وقطر وغيرها من الدول لتحث المعارضة السورية التي تدعمها على الامتناع عن إيذاء العلويين.
ويجب أن تصرّ تلك الدول على تجنب استخدام “صور العقاب” كسلاح لإضعاف نظام الأسد، كما يجب تسليط الضوء على مسؤولياتها سواء الدينية أو التي تتعلق بالقانون الإنساني الدولي، للحفاظ على أرواح المدنيين وممتلكاتهم من خلال تشجيعها لقوات المعارضة على أنها “نقطة تمييز” عن السلوك التي تتبعه قوات الأسد.
ستحتاج وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية للتفاوض بشكل مباشر مع قوات المعارضة للحصول على ضمانات لسلامة العلويين، إذ يجب أن تبدأ الآن بالعمل على وضع استراتيجيات ونهج بنّاء للتفاوض مع الأفراد الرئيسيين لتلك القوات، وبالتالي تحصد نتيجة جهودها.
ويجب على المجتمع الدولي ابتكار طرق جديدة لتوفير الأمن لأولئك الذين يسعون إلى مغادرة البلاد أو الذين فرّوا مسبقًا.
وقد تكون لبنان مترددة في فتح حدودها أمام العلويين حتى في حالات الطوارئ، لذلك يجب أن يجري حوار مكثّف مع كل من الحكومة اللبنانية والجهات الفاعلة الأخرى لتجنب احتمال حدوث مزيد من الانتقاص للسيادة اللبنانية.
كل ذلك من شأنه أن يهدف إلى تسهيل عودة اللاجئين إلى ديارهم “على المدى الطويل” والتي تبدو مستحيلةً غالبًا، ومع ذلك بالنسبة للذين عادوا إلى ديارهم هناك احتمال ضئيل أن يتم استيعابهم دون مساعدة مالية كبيرة لإعادة بناء منازلهم.
نهايةً، يجب العمل على إعطاء “صانعي القرار” معالم واضحة وخيارات ذات مصداقية بشأن هذه القضايا الشائكة، بوجود قدر كبير من الخبرة لديهم في البلقان وأماكن أخرى سابقًا، والتي لا بد من استغلالها للمساعدة في هذا الأمر.
ترجمة عنب بلدي، لقراءة المقال باللغة الانكليزية من المصدر اضغط هنا.
–