ليس فقط بسبب الكحول.. ماذا نعرف عن تشحم الكبد

  • 2019/11/03
  • 11:12 ص
تشحم الكبد

د. أكرم خولاني

مع ارتفاع مستوى الدخل والمعيشة وانتشار العادات الغذائية غير الصحية بدأنا نسمع أكثر فأكثر عن مرض “تشحّم الكبد”، ولأن هذا المرض يبقى صامتًا دون أعراض واضحة، فإنه غالبًا ما يكشف مصادفة في أثناء التقييم الطبي لغرض ما، وعندها يجب أن يعالج بشكل سريع لأن إهماله قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة.

ما هو مرض تشحّم الكبد

تشحّم الكبد، أو مرض الكبد الدهني fatty liver disease ، هو تجمع الدهون داخل خلايا الكبد أكثر من الطبيعي، لتشكل  أكثر من 5-10% من وزن الكبد، حيث تتجمع حويصلات كبيرة من الدهون الثلاثية في داخل خلايا الكبد عن طريق عملية التشحم وانحلال الدهون (أي تراكم الدهون غير الطبيعية داخل الخلية).

ويقسم مرض تشحّم الكبد بشكل مبسط إلى ثلاث مراحل مرضية:

  • المرحلة الأولى، هي تشحم الكبد البسيط: وفيه تنتشر الخلايا الدهنية بين خلايا الكبد دون حدوث تلف في خلاياه أو حدوث تلف بسيط لا يتسبب بظهور أي مشاكل أو مضاعفات، ودون أن تؤثر في وظائف الكبد الطبيعية.
  • المرحلة الثانية، هي التهاب الكبد الدهني: وفيه يحصل نوع من الالتهاب في النسيج الكبدي مسببًا ارتفاع الأنزيمات الكبدية.
  • المرحلة الثالثة، هي تشمّع الكبد Cirrhosis: وهو مرض خطير.

ويُقسم تشحّم الكبد من حيث المسببات إلى نوعين رئيسين هما:

أولًا- تشحّم الكبد غير الكحولي:

ويعتبر هذا النوع من أمراض الكبد الدهنية التي لا ترتبط باستخدام الكحول، وفيه يحدث تشحّم الكبد البسيط والذي يمكن أن يتطور إلى التهاب الكبد الدهني غير الكحولي، الذي يزيد احتمالية المعاناة من تشمّع الكبد Cirrhosis وسرطان الكبد.

ثانيًا- تشحّم الكبد الكحولي:

لفهم حدوث هذا المرض يجدر بيان أن الكبد هو العضو المسؤول عن تحطيم الكحول عندما يتناولها الإنسان، ولكن يترتب على عميلة التحطيم إنتاج مركبات تلحق الضرر بالكبد، وتتسبب بحدوث الالتهابات، وتضعف قدرة الجسم المناعية، وأن هذه المركبات تتسبب بتراكم الدهون على الكبد وإتلافه، ومن الجدير بالذكر أن العلاقة بين شرب الكحول والضرر الواقع على الكبد علاقة طردية، إذ يزداد الضرر بازدياد شرب الكحول. ويشكل تشحّم الكبد الكحولي المرحلة الأولى للإصابة بالتهاب الكبد الكحولي ثم تشمّع الكبد.

يحدث هذا المرض في أواسط العمر، عند البالغين في الأربعينيات والخمسينيات من أعمارهم، رغم أن الصغار قد يصابون به أيضا، وهو لا ينحصر في مجموعة من الناس دون أخرى، كما لا يبدو جليًا لدى أحد الجنسين دون الآخر، إلا أن الدراسات تفترض أن الأشخاص المنحدرين من أصول لاتينية يعانون منه أكثر من غيرهم.

تشحّم كبد خطير خلال الحمل

في حالات نادرة جدًا تتراكم الدهون في الكبد لدى المرأة الحامل، هذه الظاهرة تشكل خطرًا جديًا يهدد حياة الأم والجنين معًا، فقد يتطور لدى كليهما فشل كبدي، وتلوث حاد أو نزيف.

ليس واضحًا السبب الذي يؤدي إلى حدوث تشحّم الكبد خلال الحمل، وربما كان للهرمونات دور في التسبب بهذا المرض.

بعد تأكيد تشخيص الإصابة بهذا المرض لدى المرأة الحامل، يتم توليدها في أسرع وقت ممكن، وفي حالات معينة قد تحتاج الأم إلى العناية المشددة لبضعة أيام، لكن الكبد، في معظم الحالات، يعود إلى أداء عمله بشكل طبيعي في غضون بضعة أسابيع.

ما أسباب الإصابة بتشحّم الكبد؟

باستثناء أن تناول المشروبات الكحولية بإفراط هو المُسبب الرئيسي لتشحّم الكبد الكحولي، فإن أسباب تشحّم الكبد غير الكحولي مرتبطة بوجود بعض العوامل، منها:

  • السمنة، السكري من النمط الثاني، يؤثر تشحّم الكبد على ما بين 70% و90% من الأشخاص المصابين بالسمنة أو السكري.
  • انخفاض سريع بالوزن.
  • ارتفاع مستوى الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • المتلازمة الاستقلابية.
  • العادات المعيشية غير الصحية، مثل الإفراط في الأكل، وقلة الحركة، وسوء التغذية.
  • أخذ بعض أنواع الأدوية، مثل: بعض الأدوية المُستخدمة في علاج السرطان والكورتيكوستيروئيدات والأميودارون والميثوتركسات والديلتيازيم وحبوب منع الحمل.
  • التعرّض لبعض السموم مثل الفوسفور، وتسمم الفطر.
  • التهابات الكبد الفيروسية، وخاصة النوع C.
  • انقطاع التنفس في أثناء النوم.
  • قصور الغدة الدرقية وقصور المبيضين والمبيض متعدد الكيسات ونقص هرمون الذكورة.

ما أعراض تشحّم الكبد؟

إن تشحّم الكبد في المرحلتين البسيطة والمتوسطة قد لا يصرح بأي أعراض واضحة تشير إليه، وهو لا يؤثر في الحالة العامة للمريض ولا في الحالة المعيشية ولا في العمل، وعادة ما تظهر الأعراض في المرحلة الثالثة بعد أن يكون قد ضرب ضربته في الخلايا الكبدية، وحتى في هذه المرحلة فإن المصاب قد يظل لفترة طويلة يشكو من عوارض لا يعيرها اهتمامه، مثل نقص الشهية، الإعياء والتعب، التشوش وعدم القدرة على التركيز، نفخة البطن، المغص، شعور الثقل في المنطقة العلوية اليمنى من البطن، الذي كثيرًا ما يفسره المصاب بأنه مشكلة عسر هضم لا أكثر، ولكن مع تقدم المرض قد تظهر أعراض أشد مثل كبر حجم البطن (حبن) بسبب تراكم السوائل، وضمور العضلات، ونزوف هضمي، وحمامى راحية (احمرار راحة اليد)، والتثدي عند الرجال، واليرقان (اصفرار الجلد والأغشية المخاطية).

كيف يتم التشخيص؟

إن تشحّم الكبد غالبًا ما يكتشف مصادفة في أثناء التقييم الطبي لمرض آخر، أو بعد شكوى المريض من بعض الإرهاق السريع الذي يمنعه من إنجاز أعماله اليومية أو القيام بمهام تتطلب قوة عضلية كاملة، أو من ألم في الربع العلوي الأيمن من البطن أو أسفل عظام الصدر من الجانب الأيمن.

  • بالفحص السريري قد يلاحظ وجود ضخامة بسيطة في الكبد.
  • بالفحوصات الدموية يظهر ارتفاع بالأنزيمات الكبدية ((ALT,AST.
  • بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو) يظهر تشحم الكبد.
  • بالخزعة يتم تأكيد التشخيص ودرجة الإصابة، تشحّم أو التهاب أو تشمّع.

كيف يعالج تشحّم الكبد؟

لا يتوفر، حتى اليوم، علاج لتشحّم الكبد، لكن تتوقف المعالجة على التخلص من الأسباب:

  • في حالات تشحّم الكبد الناجم عن تناول الكحول فإن التوقف التام عن شرب الكحول هو الخطوة الأكثر أهمية وحيوية.
  • تقليل الوزن الزائد بصورة صحية تدريجية لمرضى تشحّم الكبد غير الكحولي، بمقدار 0.5 – 1 كغ أسبوعيًا، لإنقاص الوزن 9 – 12% خلال بضعة أشهر.
  • اتباع نظام غذائي متوازن وصحي، عن طريق تحديد كمية السعرات الحرارية، وتجنب الأغذية الغنية بالكربوهيدرات المكررة التي يتم هضمها بسرعة، أي يجب الحد من استهلاك أغذية مثل الخبز الأبيض، والأرز الأبيض، والسكر المكرر.
  • زيادة النشاط الجسماني.
  • التوقف عن استخدام الأدوية المسببة لتشحّم الكبد أو استبدال أخرى بها تحت الإشراف الطبي.
  • معالجة ارتفاع الشحوم الثلاثية في الدم.
  • وكان العقاران روزيغليتازون Rosiglitazone وبيوغليتازون pioglitazone مرشحين للعلاج لأنهما يخفضان من مقاومة الجسم للأنسولين، وهو السبب الرئيس للكبد الدهني، إلا أنهما لم يسجلا حتى الآن من منظمة الغذاء والدواء.
  • كذلك فإن فيتامين E هو إحدى الوسائل العلاجية الممكنة، بجرعة عالية (800 وحدة دولية يوميًا)، إلا أن كثيرًا من الأطباء قلقون من الجرعات الكبيرة لأنها ترتبط بزيادة خطر نزف الدم.

ما سبل الوقاية من الإصابة بتشحّم الكبد؟

  • الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية.
  • اتباع نظام غذائي صحي، بالإكثار من الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، وتجنب الدهون المشبعة الموجودة في اللحوم وجلد الدجاج والأجبان والألبان الكاملة الدسم، وتجنب الدهون المتحولة أو التقابلية (المهدرجة) الموجودة في المقليات والوجبات السريعة، والإكثار من الدهون غير المشبعة الأحادية كزيت الزيتون وزيت الفول السوداني، والمتعددة كزيت الذرة وفول الصويا وبذر الكتان والجوز والسلمون. كما أن تناول كميات متزايدة من الكافيين يسهم في تقليل خطر الإصابة بتشحّم الكبد اللاكحولي، فاستهلاك كميات من الكافيين تعادل أربعة أكواب من القهوة والشاي يوميًا قد تحمي وتمنع من الإصابة بتشحّم الكبد أو زيادة حدته في حال الإصابة به، لأن الكافيين يعمل على تقليل المحتوى الدهني داخل الكبد ويقلل من عملية الأكسدة الضارة بخلاياه.
  • الحفاظ على وزن صحي، فعند وجود زيادة بالوزن أو سمنة يجب تخفيض الوزن، أما عند كون الوزن صحيًا فيجب العمل على الحفاظ عليه باتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية.
  • التمارين وممارسة الرياضة معظم أيام الأسبوع بانتظام.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية