يحكي فيلم “روح القمح” للمخرج السوري هفال قاسو، قصة ثوار يحاولون إيصال القمح إلى إحدى القرى المحاصرة من قبل قوات محتلة. تبدو القصة معتادة في السينما بشكل عام، إلا أن زاوية التناول والمعالجة مختلفة للغاية، خاصة أن الفيلم ينتمي للأفلام الموسيقية.
يفتتح الفيلم مشاهده بضابط عسكري ينظر إلى صور لأطفال، قبل أن يمهرها بختم أحمر، كدلالة على صدور حكم الإعدام بحق هؤلاء الأطفال، في مشهد رمزي للغاية، يختتم بإلقاء صورهم في حوض للماء.
اللافت في هذا المشهد، هو استعانة المخرج بصور لأطفال ذوي ملامح مختلفة، وبهذا يفك المخرج باكرًا ارتباط الفيلم بأي زمان أو مكان، ليربط فيلمه بثورة عالمية ضد أي ديكتاتور على هذه الأرض.
يدور الفيلم حول ضابط في جيش احتلال، يقرر في لحظة ما إخبار الثوار عن نية قوات الاحتلال إقامة كمين للإيقاع بهم، وينجح الضابط بالوصول للثوار عن طريق إحدى السيدات.
يتميز الفيلم بموسيقاه، كونه ينتمي إلى نوعية الأفلام الموسيقية النادر إنتاجها في الدول العربية.
ألّف موسيقى الفيلم إبراهيم شامل، وكتب كلمات الأغاني الشاعر ضياء رحمن، الذي شارك في كتابة السيناريو إلى جانب المخرج هفال قاسو، أما الإضاءة والتصوير فأشرف عليهما بيشوي روزفلت.
الفيلم، وهو من إنتاج “المعهد العالي للسينما- أكاديمية الفنون في القاهرة”، عام 2009، هو أول فيلم موسيقي في تاريخ المعهد الذي أنشئ عام 1960، وصُوّر عبر شريط خام، وليس بكاميرات الديجيتال الحديثة، وهذا يعني مزيدًا من الصعوبة ومزيدًا من الدقة.
نجح المخرج هفال قاسو بتوليف عناصر فيلمه ليحكي القصة بطريقة صعبة، عبر سيناريو متماسك، يحمل إبداعًا مختلفًا، كما تمكن من التوليف بين المباشرة في الطرح، والرموز.
صوّر المخرج المعركة التي دارت بين الثوار وقوات الاحتلال برقصة فنية، تميل أكثر إلى لغة السينما، التي تم وُظّفت الموسيقى في خدمتها.
الفيلم يحمل “لغة سينمائية”، لمخرج شاب، يعرف ماذا يريد، وكيف يوظف إمكانياته الفنية بطريقة جميلة.