منصور العمري
نشر تلفزيون أورينت مؤخرًا فيديو بعنوان: “مسلخ اللجنة الدستورية“. يحسب لأورينت أنها تقدم رأي شريحة واسعة من السوريين بلجنة تأهيل المجرم الأسد، ولقناة “تيلي أورينت” مقاطع الفيديو بحسها الكوميدي المبدع، لكن هذا لا يبرر بأي حال من الأحوال الدرك المرعب الذي وصل إليه هذا الفيديو، من حيث انعدام أدنى معايير الإحساس ومراعاة الكرامة الإنسانية ومشاعر أهالي المعتقلين وضحايا الأسد، في ذلك الفيديو.
مهنيًا، لا يوجد أي تحذير بأن الفيديو أدناه يحوي مشاهد مؤذية للأطفال وشريحة من المشاهدين.
لكن المسألة تتجاوز هذا التحذير، فالانفلات من الإنسانية في سبيل إيجاد أفكار “مبدعة”، قد يشكل إهانة لكرامة البشر. أعمل في التوثيق منذ سنين، وشاهدت آلاف الفيديوهات والصور الحقيقية لجرائم الأسد، لكني لم أشعر بهذه الإهانة والاشمئزاز اللذين شعرت بهما حين شاهدت هذا الفيديو، فتخيلت فورًا أن هذا القلب أو اللحم المقطع لمعتقل أعرفه كما أراد الفيديو، فما حال الأمهات تحديدًا حين يتخيلن قلوب فلذات أكبادهن ولحمهم.
احتوى الفيديو على تمثيل درامي بأعضاء أجساد ضحايا الأسد، من إظهار قلب حقيقي وتناوله بالأيدي بلا أي ورع، والكبكبة وتقطيع لحم المعتقلين وغيرهم من الضحايا.
هذا التصوير المروع ينبهنا إلى أنه يجب وضع حدود معينة ومدونة أخلاقية لكيفية تعامل الفن والإعلام مع الضحايا وجثثهم، من أجل تجنب أعمال مماثلة. كراهية الأسد لا يجب أن تعمي بصيرتنا، فنتحول إلى أشباه له ولـ “فنه”.
يجب ألا ينحط الفن إلى درجة أن يكون مروعًا ومرعبًا ومهينًا للناس، لأنه بعد هذه النقطة، يتحول إلى عمل بغيض وشاذ ومدمر لا خلّاق، فجراح السوريين لا تزال نازفة، والواجب الإنساني يفرض مراعاتها.
رغم أنه لا يمكن وضع حدود قسرية للفن عمومًا، فهو يعتمد على السياق والموضوعية والمبادئ الأخلاقية، التي قد تتغير، لكن الحد الأدنى الذي يجب أن يلتزمه الفنان هو حسه وحساسيته الإنسانية.
هذا الفيديو قد يزعج كثيرًا من السوريين الذين فقدوا أحباءهم في معتقلات الأسد وتحت براميله ومشافيه، في الحقيقة لا أدري ما الذي كان يدور في ذهن ممثلي الفيديو وكاتبه وكل من شارك فيه! ألم يدرك أي منهم أن هذ العمل قد يفطر قلوب أمهات وأحباء المعتقلين وضحايا الأسد؟
أقل ما يجب فعله بعد حذف هذا الفيديو هو تقديم اعتذار لأهالي ضحايا الأسد، وعدم الانجرار إلى هذه المتاهات غير الإنسانية.
–