اليوم الأول لأعمال “اللجنة الدستورية” السورية.. انطباعات “إيجابية” ومحاولة لتلافي الخلافات

  • 2019/10/31
  • 9:58 ص

اليوم الأول لاجتماعات "اللجنة الدستورية" السورية في جنيف، 30 تشرين الأول 2019، (عنب بلدي)

عنب بلدي- جنيف

“لحظة تاريخية”، هكذا وصف المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، بدء مسار التفاوض حول الدستور السوري، مع انطلاق أعمال “اللجنة الدستورية” أمس الأربعاء في جنيف.

150 شخصية سورية تمثل بالتساوي النظام والمعارضة والمجتمع المدني، اجتمعت لمناقشة وضع دستور جديد على أمل تحريك مياه الحل السياسي في سوريا.

أغلب أعضاء اللجنة الدستورية أعلنوا عن تفاؤلهم بالخطوة الأولى، بعد انتهاء أعمال اليوم الأول من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، في المقابل قلل جزء من السوريين من قدرة تلك الاجتماع على إيصال سوريا إلى طريق الحل.

“الدستور ملك الشعب”

انطلقت أعمال اللجنة خلال جلسة افتتاحية ترأسها بيدرسون، خاطب فيها الأعضاء الحاضرين بقوله إن “المهمة التي ستباشرونها هي مهمة تاريخية، تتمثل بوضع عمل يؤسس لعقد اجتماعي للسوريين بعد قرابة تسع سنوات من الصراع العنيف، والمعاناة والانقسامات وغياب الثقة”، مضيفًا أن “عملية الإصلاح الدستوري تشكل مدخلًا جيدًا لتضميد الجراح”.

وأشار المبعوث الأممي إلى أن اللجنة الدستورية مخولة بكتابة مسودة التعديل الدستوري وتقديمها للاستفتاء الشعبي، معتبرًا أن “الدستور ملك للشعب السوري وحده، وهو من يقرر مستقبل بلده، ودور الأمم المتحدة يقتصر على تيسير عمل لجنة مناقشة الدستور”.

بدوره، قال رئيس وفد النظام السوري، أحمد الكزبري، إن السوريين “يبنون آمالًا كبيرة في إنجاح عمل اللجنة الدستورية كمدخل سياسي لإنهاء الأزمة”، مشيرًا إلى أن وفده “لا يمانع في إدخال تغييرات على الدستور الموجود أو وضع دستور آخر يحسّن واقع الشعب السوري، وهو وحده الذي سيقبل بالتعديلات أو يرفضها”.

ومن جهته، أكد الرئيس المشترك من جانب المعارضة، هادي البحرة، أن اللجنة الدستورية عازمة على إيجاد نقاط مشتركة بين المشاركين لحل الأزمة في سوريا، مشيرًا إلى أن عملها ليس سوى الخطوة الأولى في إعادة بناء سوريا.

وأضاف، “يحدونا أمل لإنجاز ماعجزنا عنه سابقًا، ونحن هنا للبحث عن أوجه التشابه لا الاختلاف”.

وتابع البحرة، “نبدأ عملنا بصياغة دستور جديد يرقى لتطلعات شعبنا، لا يقوم على الطائفية، ويطبق القرار الأممي 2245، ووفق جدول زمني محدد، ويدعم إجراء انتخابات نزيهة بإشراف الأمم المتحدة”.

بيدرسون أكد ثقته بالرئيسين المشتركين للجنة، مبديًا مرونة كبيرة في الاستجابة لمقترحاتهما، وتقديم الدعم لتجاوز أي خلافات، بما يتيح نجاح عمل اللجنة وضمان استقلاليتها، وفق تعبيره.

تطلعات أعضاء “اللجنة الدستورية”

“عنب بلدي” استطلعت آراء عدد من أعضاء “اللجنة الدستورية” وانطباعاتهم عن اليوم الأول للاجتماعات، ومحددات رؤيتهم لمجريات الأمور والنقاط التي سيتم التركيز عليها في اجتماعات الأيام المقبلة.

عضو مجموعة “المعارضة” في اللجنة الدستورية، الدكتور إبراهيم الجباوي، اعتبر أن الاجتماع الافتتاحي لأعمال اللجنة كان جيدًا إلى حد ما، واصفًا كلمات كل من المبعوث الأممي والرئيسين المشتركين للجنة بالـ “مقبولة”.

لكنه انتقد كلمة رئيس وفد النظام السوري لكونها احتوت على شيء من الاستفزاز، بحسب تعبيره، مضيفًا أنه لم يتم الاعتراض عليها كدليل على الرغبة القوية بفتح الطريق أمام المفاوضات. 

وأضاف، “قبلناها واستمعنا إليها دون اعتراض، كي نبرهن للعالم أننا جئنا بقلوب مفتوحة وبعزيمة وهمة لحقن دماء السوريين، ولإنتاج ما يمكن أن يخلص الشعب السوري من هذه المأساة التي حطت عليه، ومن الإرهاب الذي مورس عليه من قبل النظام وأعوانه”.

الجباوي أشار في الوقت نفسه إلى وجود تقدم في خطاب رئيس وفد النظام، من جهة أنه لم يأتِ فقط لتعديل دستور عام 2012، وإنما جاء مستعدًا لتغيير الدستور ولصياغة دستور جديد، وهذا ما لم يكن في خطابه قبل هذا اليوم.

وحول تطلعات مجموعة” المعارضة”، قال الجباوي “جئنا لصياغة دستور جديد يلبي طموحات الشعب السوري، يتناسب مع ثوابت الثورة، ويحقق الانتقال السياسي الحقيقي والانتقال بسوريا إلى دولة المواطنة والقانون والعدل والمساواة بين جميع مكونات الشعب السوري”.

تأمين البيئة الآمنة للانتقال السياسي

عضو مجموعة “المعارضة” في اللجنة الدستورية، مرح البقاعي، عبرت عن سعادتها بعودة المفاوضات إلى مسار “جنيف” الذي يجري برعاية أممية، وقالت، “وهذه خطوة بحد ذاتها لم تستطع مسارات (سوتشي) ولا مسارات (أستانة) أن تخطف المفاوضات، نحن الآن برعاية أممية وهذا يعني تطبيق القرارات الدولية التي تصب كلها في مصلحة المعارضة السورية”.

وأملت البقاعي أن تبقى الأمور سائرة بالاتجاه الصحيح، لكل ما فيه فائدة الشعب السوري ومستقبله، واستعادة حرياته، وعلى رأسها إطلاق جميع المعتقلين من سجون النظام من أجل تأمين البيئة الآمنة للانتقال السياسي.

وأضافت، “آن الأوان أن تنتهي معاناة السوريين، وأن تنطلق عملية الانتقال السياسي التي تبدأ بشكل متواضع من اللجنة الدستورية، التي تؤمّن الغطاء القانوني للانتقال السياسي، ولانتخابات حرة ومراقبة من الأمم المتحدة، ولتشكيل هيئة حكم تحت مظلة القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن وفي مقدمتها القرار رقم (2254)”.

وأشارت البقاعي إلى أن المجموعات الثلاث المكونة للجنة ستجتمع اليوم، الخميس 31 من تشرين الأول، مع بعضها لبحث مواضيع أساسية، وسيطرح كل عضو أسئلة تدور في ذهنه حول الدستور، لافتة إلى أنه لن يكون هناك أي حدود للسؤال، أو تحفظات على الأسئلة التي ستطرحها المعارضة، وفق ما تم الاتفاق عليه، مضيفة أن “الأسئلة ستكون بنّاءة لمستقبل سوريا، والاقتراحات ستصب في مصلحة الشعب السوري الذي طالت معاناته”.

خطوة إلى الأمام

عضو مجموعة “المجتمع المدني”، صباح حلاق، اعتبرت من جانبها أن اجتماع اليوم الأول كان إيجابيًا، وأن الكلمتين اللتين قدمهما كل من ممثلي النظام والمعارضة كانتا متوازنتين قدر الإمكان.

لكنها أشارت إلى أن كلمة البحرة كانت أشمل كونه تحدث عن السوريين داخل وخارج سوريا، وعن ملف المعتقلين والمختطفين والمفقودين من جميع الأطراف وأن من حق الأهالي معرفة مصير أولادهم المختفين، كما أكد على وضع دستور جديد للبلاد، ووفق مرجعية القرار 2254.

أما كلمة الكزبري فقد كانت موجهة فقط للداخل السوري، ولكن تم الحديث عن دستور جديد وهذا كان مؤشرًا إيجابيًا بحسب حلاق، كما أنه لم يستخدم مصطلح أن جميع المعارضة إرهاب، بل اعتمد عبارة “محاربة الإرهاب”.

وأضافت حلاق أن مجرد وجود 150 شخصية سورية بنفس القاعة، وجلوس وفدي النظام والمعارضة بمواجهة بعضهم، ومجموعة المجتمع المدني في المنتصف، يعتبر إيجابيًا جدًا، لافتة إلى أن الأمور ستبدو أوضح في اليومين المقبلين مع تشكيل اللجان الصغيرة التي ستعمل على صياغة الدستور.

وتابعت، “لن نضع قدرًا كبيرًا من التفاؤل ولكن سنقول إن الأجواء إيجابية وقد تكون خطوة إلى الأمام”.

الحذر من المماطلة والإغراق بالتفاصيل

عضو مجموعة “المجتمع المدني”، سميرة مبيض، وصفت فعاليات اليوم الأول بأنها كانت عبارة عن خطوات بروتوكولية سارت بشكل “إيجابي” عمومًا، كما تم التمهيد لبدء الاجتماعات المقبلة، وللنواحي اللوجستية لعقدها.

وبينت مبيض أن اجتماعات اليومين المقبلين ستكون عبارة عن نقاشات مفتوحة بين الـ 150 عضوًا لإبداء الرأي ومناقشة الأمور التي يرتؤونها، خلال فترة زمنية قصيرة ستتاح لكل شخص، وستكون هناك فرصة لطرح الأسئلة من قبل الأعضاء على الرئيسين المشتركين للجنة الدستورية.

وأشارت مبيض إلى أنه من الممكن لهذه الأجواء أن توحي بالإيجابية للأمور، لكنها حذرت من محاولات المماطلة والإغراق بالتفاصيل التي ستمنع الوصول إلى نتائج فعلية.

وأكدت مبيض أن التركيز على الهدف الرئيسي للجنة الدستورية يُفترض أن يكون من مهمة كتلة “المجتمع المدني” بشكل أساسي، لإبعاد محاولات تضييع الهدف الأساسي للجنة الدستورية المتمثل بكونها جزءًا من عملية الانتقال السياسي، أو محاولة المماطلة الزمنية التي يمكن أن تفقد هذه العملية معناها.

وأضافت، “هذه النقاط تشكل تحديات لمستقبل العملية الدستورية، ولدور الأشخاص والفئات الفاعلة ضمنها، ويتحلى الأشخاص الموجودون بدرجة من الوعي والمسؤولية التي تسمح أن يكون لهم دور لضمان الوصول للمسار السياسي السليم لإنهاء معاناة الشعب السوري بجميع أطيافه”.

السوريون غير واثقين باللجنة الدستورية

بينما يسعى أعضاء اللجنة الدستورية إلى إنجاح الجلسات الحوارية المنعقدة في جنيف، ويبدون تفاءلًا كبيرًا بها، لا ينعكس هذا الاندفاع لدى المواطنين السوريين.

في استطلاع مصور للرأي أجرته عنب بلدي، ونشرته أمس، الأربعاء 30 من تشرين الثاني، أبدى أغلب المشاركين عدم رضاهم عن اللجنة الدستورية، وعدم اعترافهم بشرعيتها، وأملهم بإنجازها أي حل في سوريا.

وشمل الاستطلاع مواطنين سوريين في الشمال السوري الخاضع لسيطرة فصائل المعارضة، وفي مدينة إسطنبول التركية.

واعتبر أحد المشاركين في الاستطلاع أن المشكلة الأساسية للسوريين ليست الدستور، بل ثاروا من أجل الحرية والكرامة، فيما قال آخر إن اللجنة مهما أنتجت من قرارات “رائعة ليس لدينا أمل بها”.

فيما انتقد أحد المشاركين أعضاء اللجنة الدستورية، معتبرًا أنهم “مرفهين” ولا يشعرون بالمواطنين في الداخل

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا