عبادة كوجان – عنب بلدي
قتلت قوة مشتركة مؤلفة من فصائل فيلق حمص، وحركة أحرار الشام الإسلامية، وجبهة النصرة، حوالي 50 عنصرًا مسلحًا ينتمون إلى فصيل الكتيبة الخضراء، في قريتي الزعفرانة والمكرمية في ريف حمص الشمالي، بتهمة الانتماء لتنظيم «الدولة الإسلامية»، وذلك يوم الاثنين 11 أيار الجاري.
وأتت عملية الزعفرانة غداة معركة «وكان حقًا عليه نصر المؤمنين» التي أطلقتها فصائل المعارضة ضد قوات الأسد في ريف حمص الشمالي 5 أيار الجاري، بهدف فك الحصار عن مدينة الحولة، وذلك قبيل قيام تنظيم الدولة بأسر بعض الجرحى في مشفى الزعفرانة وباختطاف أحد مشايخ ريف حمص.
وكان حوالي 13 عنصرًا من آل زغيب قتلوا على يد القوة المشتركة في الزعفرانة، من بينهم أبو جهاد زغيب وأبو ليلى زغيب، القياديان في الكتيبة الخضراء، وهما من ثوار حي بابا عمرو في مدينة حمص، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة في الأوساط العسكرية والثورية في المحافظة، بين مؤيد ومستنكر لهذه الحملة.
الثائر أبو جهاد.. ابن بابا عمرو
واستنكر الناشط الإعلامي خالد أبو صلاح في صفحته على موقع فيس بوك، حادثة مقتل أبو جهاد زغيب، قائلًا: «آه يا أبا جهاد … أوَمثلك يقتل على الشبهة».
وعرف أبو جهاد في حيه بابا عمرو منذ بداية الثورة، إذ استشهد ثلاثة من أبنائه خلال الحملات العسكرية لنظام الأسد على الحي، وأضاف أبو صلاح «يا والد الشهداء ويا أنبل الرجال، لست بحاجة لشهادة الصامتين ولا شهادة المتكلمين فأفعالك ونخوتك سبقتك إلى قلوب الناس حتى كُنت ملجأ اليتم ودوحة الثكلى»، وأردف «مالمست يومًا فيك تطرفًا أو منهجًا مكفرًا ماعرفت فيك إلّا النبل ياسيد الرجال».
وفي تصريح لعنب بلدي، قال باسل فؤاد، مدير مكتب بابا عمرو الإعلامي، إن «معظم ثوار باباعمرو كانوا في بداية الثورة منضوين تحت كتيبة الفاروق، وكانت البوصلة هي إسقاط النظام، الأمر اليوم مختلف هناك أجندات وفصائل دخيلة كداعش وغيرها»، معقبًا حول حادثة الزعفرانة «أبو جهاد زغيب عرف عنه حسن الخلق عندما كان متواجدًا في بابا عمرو».
أبو جهاد، وقبيل مقتله بثلاثة أيام، نفى تبعيته لتنظيم الدولة، قائلًا في محادثة على تطبيق «واتس أب» جمعته مع صديقه أبو أحمد «كل من يقف ضد المصالحة والهدن والتسويات داعش»، في إشارة إلى اتهامه بمبايعة التنظيم لرفضه الهدن التي يسوقها نظام الأسد في مدن وبلدات ريف حمص.
التصفية جاءت بعد تجاوزات كبيرة
من جهته، رفض ناصر نهار، قائد فيلق حمص، الفصيل الأبرز في المعارك ضد خلايا تنظيم الدولة في ريف حمص الشمالي، الإدلاء بأي تصريح حول حادثة الزعفرانة، مؤكدًا لعنب بلدي أن تداعيات الحملة في ريف حمص ستتوضح في بيان لاحق.
بينما اعتبر سليمان أبو ياسين، عضو رابطة إعلاميي حمص، أن المجموعات والخلايا النائمة لتنظيم الدولة ارتكبت العديد من التجاوزات والجرائم، كان آخرها خطف جرحى من المشافي الميدانية، تابعين لفصائل مشاركة في غرفة «نصرة المستضعفين» التي أطلقت معركة «وكان حقًا عليه نصر المؤمنين».
وأضاف أبو ياسين، في حديث إلى عنب بلدي، أن «تلك الخلايا قامت بخطف الشيخ أحمد جنيد، وعندما أرسلت الفصائل لها طلبًا لتوضيح ما حصل، اتهموا كل الفصائل بالردة وأهل الريف بالردة والصحوات»، وأردف «اجتمعت الفصائل وأمهلتهم أيامًا عدة لتسليم المخطوفين، لكن لم يكن هناك أي استجابة، بل ردوا على الفصائل باتخاذ المدنيين دروعًا بشرية في الزعفرانة وتلبيسة».
في شهر نيسان الفائت، شهد الريف الشمالي لحمص عدة تفجيرات بجانب مقرات فيلق حمص في مدينة الدار الكبيرة، إضافة إلى اغتيال أبو سليمان الخالدي أمير جبهة النصرة، والشاب محمود نصرة مقاتل في فيلق حمص، وسط اتهامات وجهها الفيلق للمدعو صدام زغيب ابن شقيق أبو جهاد والمتهم بمبايعة «داعش»، وقتله بعد ذلك بأيام. وتابع أبو ياسين «كل هذه الحوادث أدت إلى اتخاذ قرار مشترك بطرد ومحاسبة المجرمين المتسترين بانتمائهم لتنظيم الدولة».
ورأى سليمان أبو ياسين، أن تنظيم الدولة حاول منذ بداية دخوله ريف حمص هدم كل التشكيلات العسكرية، مفتعلًا صراعات، ومسوقًا إياها على أنها حرب عشائرية مناطقية، والحل الوحيد لها هو وجود «دولة الإسلام»، مستقطبًا عددًا من عناصر المعارضة والجيش الحر.
إلا أنه أعرب عن أسفه لمقتل شبان من عائلة زعيب «والله شعرنا بالحزن عليهم وأيضًا شعرنا بالقهر، لأننا عجزنا كإعلام داخلي أن نسحبهم من المحرقة التي كانت تدفعهم لها قيادات التنظيم»، مؤكدًا أن آل زغيب كانوا متواجدين في بلدة الزعفرانة أثناء المعركة، واتخذوا من المدنيين في المشفى وغيرها دروعًا بشرية لهم، ولم يستجيبوا لنداء السلم وإلقاء السلاح، بحسب تعبيره.
ورغم محاولات الفصائل المشتركة بمعارك ريف حمص ضد «الخلايا النائمة» لتبرير حادثة مقتل آل زغيب في بلدة الزعفرانة، إلا أن ناشطين من مدينة حمص يؤكدون على ضرورة توضيح ما جرى وكشف جميع الملابسات التي أدت إلى وقوع هذه «المجزرة» بحق ثوار حي باباعمرو، رافضين كل الاتهامات المسوقة لهم بانتمائهم إلى «داعش».