تعد السينما فنًا حديثًا مقارنة بالفنون الأخرى التي صنعها الإنسان عبر تاريخه الطويل، إلا أن هذا الفن الحديث استطاع جمع الفنون كلها معًا.
لم تكن مراحل تطور هذا الفن سهلة، خاصة مع ارتباطه ارتباطًا وثيقًا بالصناعة والتكنولوجيا، رغم عمره القصير.
ويشرح ديفيد كوك، في كتابه “تاريخ السينما الروائية”، تفاصيل نشأة السينما وتطورها التقني.
يبدأ الكتاب بشرح ما قبل عصر السينما، وعلاقة اختراعات تقنية بالوصول إلى اختراع السينما، وهذا الفصل تحديدًا له أهمية كبيرة سواء للمتخصصين في السينما أو للمهتمين والراغبين بفهم آلية عملها، التي لم تتغير حتى بعد اختراع آلات التصوير الحديثة.
وترتبط صناعة السينما بعدة علوم ومهن في وقت واحد، فحتى النجار والحداد لديهما دور معين في صناعة الفيلم، وفي هذا الكتاب يمكن فهم هذا الأمر بشكل واضح.
يشرح الفصل الأول علاقة السينما بالفيزياء والكيمياء، وكيف تتصل بشكل أو بآخر بالعلم، قبل أن ينتقل ليشرح بعض الاختراعات التي تمت خصوصًا للسينما وكيف أحدثت فارقًا كبيرًا في هذه الصناعة الحديثة.
وبقدر ما يولي الكتاب أهمية لهذه الاختراعات، يمنح مساحة للنظريات اللاحقة (تطور الدراما والمونتاج) التي منحت السينما هذا التأثير الكبير، وتحديدًا دور المخرج غريقيث في تطوير عملية “سرد الفيلم”، والبناء الدرامي للفيلم.
ويروي الكتاب دور السينما الأمريكية والسينما السوفيتية ومدى تأثير كل منهما على السينما عامة، دون أن يغفل دور القارة الأوروبية في هذه الصناعة.
تحدث الكتاب عن مركز صناعة السينما الأمريكية، هوليوود، كيف نشأ والمشاكل والفضائح التي أحاطت به، والأنظمة والقوانين التي تطورت يومًا بعد يوم، وكان لها تأثير مباشر على الصناعة، ثم السنيما في عهد الاتحاد السوفيتي، والدور الكبير في تطورها نتيجة المونتاج الذي وظفه المخرج “أيزنشتاين” ليحكي أفلامه، فيما صار يعرف لاحقًا لدى بعض المختصين باسم “نظرية المونتاج الروسي”.
ويبرز الفيلم دور الصوت في عملية تطوير الأفلام ولماذا عارضه بعض كبار الممثلين والمنتجين (على رأسهم الممثل تشارلي تشابلن).
بقدر ما يبدو الكتاب موجهًا للمختصين في السينما على اختلاف تخصصاتهم، إلا أنه يسلط الضوء لكل المهتمين بالسينما والأفلام، لفهم كيف نشأ هذا الفن وكيف يؤثر على حياتهم بشكل مباشر.