عقد الآمال على «المصالحات» وتأييد بشار الأسد «قهرًا»

  • 2015/05/17
  • 3:43 م

محمد فواز

على الرغم من أن الكثيرين خارج الزنزانات لا تروقهم فكرة المصالحات، إلا أنها تعتبر أمل المعتقلين الوحيد داخل الزنزانة، فلا يدخل معتقل جديد إليها حتى يتبادره الناس بالسؤال عن أمر ما، وعما يجري في الخارج، ويسأل كل عن بلدته، هل تجري فيها مصالحة؟

في كل يوم يستيقظ المعتقل منتظرًا الخروج، حتى إذا حل المساء يعتريه اليأس، واستمرار ارتفاع مؤشر الأمل هذا وانخفاضه يجعل أجواءً من الكآبة والحزن تسود الزنزانات، وبعض المعتقلين يصابون بنوبات عصبية شديدة، والسبب هو استمرار ارتفاع وانخفاض هذا المؤشر بشكل متكرر.

جهاد، الذي كان معتقلًا في فرع السياسية بدمشق، وهو من حي برزة، يقول «جاؤوا بي أنا وعدة أشخاص من برزة وقالوا لنا إنكم ستخرجون بالمصالحة، وعند دخول كل معتقل جديد كنا نسأله بلهفة» هل من جديد في مصالحة برزة؟ ليقول لنا أحدهم: لا أعلم شيئًا، فنتركه، ويأتي آخر فيقول: إنها فشلت، فنغضب منه ونتهمه بالكذب».

يتابع جهاد حديثه لعنب بلدي «كنا نستيقظ كل يوم ونجهز أغراضنا أملًا بأن نخرج، ونروي لبعضنا ونفسر الأحلام التي قد تكون مبشرة بالحرية، وكلما فتح السجان الباب نأمل أن ينادي علينا بإخلاء السبيل، ومما يزيد الأمر سوءًا تلك الكلمات التي كان السجان يتعمد أن يلقيها بسخرية «الأمور جيدة وهناك أخبار مبشرة».

«كنا نتلقف هذه الأخبار ونتأمل بها كثيرًا، وكنا نكتشف في كل مرة أن هذا مجرد كلام مقصده أن يجعلنا نتأمل بأوهام ثم نيأس بعد انتظار طويل، كان هذا حالنا كل يوم حتى يحل المساء فنيأس من الخروج، البعض يجلس منزويًا ليبكي والبعض يدعو الله، وآخرون يحاولون إمضاء الوقت بالكلام عن ذكريات الحياة خارج المعتقل، والبعض يلجأ إلى النوم»، استمر جهاد على هذه الحال حتى أفرج عنه بعد مضي خمسة أشهر من اعتقاله.

إجبار المعتقلين على الهتاف والتأييد لبشار

يستغل السجانون والعساكر كل مناسبة «وطنية»، فيفتحوا باب الزنزانة ويأمرون المعتقلين بالهتاف لبشار الأسد، وفدائه بأرواحهم ودمائهم. هذا ما يسمى بـ «القهر النفسي»، فإجبار المسجون على تمجيد سجانه أمر صعب، ويشعر الإنسان بالغيظ والغضب، وعادة ما يكون لهذا الشعور ارتدادات على نفسية المعتقل، إذ يؤدي به في بعض الحالات إلى نوبات بكاء، وفي حال لم يتم التنفيس عن الغضب بالكلام أو البكاء قد يؤدي إلى انهيار عصبي من شدة الكبت.

«مررت شخصيًا بهذه التجربة، حيث كنت معتقلًا في فرع الفيحاء بدمشق… وعندما جرت ما تسمى الانتخابات الرئاسية أجبرونا على انتخاب بشار الأسد. أخرجونا وأمرونا بوضع توقيعنا على ورقة الانتخاب، وبعد فوزه فتح السجان الباب وقال: اهتفوا لرئيسكم وتاج رؤوسكم بشار الأسد»، يقول المعتقل المفرج عنه.

مضيفًا «هنا، بدأ المعتقلون المساكين بالهتاف بالروح بالدم نفديك يا بشار، والله سوريا بشار وبس، كنت حاضرًا هناك، وشعرت بالغضب وأحسست بالذل، فكيف أهتف لمن سجنني ظلمًا وعذبني ظلمًا وحرمني من رؤية أطفالي ظلمًا.. كيف أهتف لمن رأيت بسببه الناس يموتون مرضًا وجوعًا».

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع