لا يزال المقترح الذي تقدمت به ألمانيا بشأن إنشاء “منطقة أمنية” شمالي سوريا قائمًا، ورغم المواقف المتضاربة منه من قبل الأطراف الدولية، فإن برلين تحاول من خلاله كسر هيمنة اتفاق “سوتشي”، الذي توصلت إليه تركيا وروسيا، منذ يومين.
المقترح سبق لقاء الرئيسين التركي والروسي، رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين، بيوم واحد، وتعتبر فكرته جديدة في الشرق الأوسط من قبل ألمانيا، وإلى جانب ما تسعى إليه الأخيرة من خلاله لكسر اتفاق “سوتشي”، من شأن المقترح أن يعيد تماسك دول حلف “شمال الأطلسي”، بعد القرار المفاجئ الذي أصدره الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بسحب قواته من شمال شرقي سوريا.
وكانت وزيرة الدفاع الألمانية، أنيجريت كرامب كارينباور، قد اقترحت، في 21 من تشرين الأول الحالي، إقامة “منطقة أمنية” شمالي سوريا، تخضع لسيطرة دولية بمشاركة تركيا وروسيا.
وأضافت، في مقابلة مع محطة “دويتشه فيله” التلفزيونية، أن الخطوة ستسهم في استقرار المنطقة، حتى يتمكن المدنيون من إعادة البناء، ويتمكن اللاجئون من العودة طوعًا.
وأشارت كرامب كارينباور إلى أنها على اتصال وثيق بالمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، فيما يتعلق بفكرة إنشاء “منطقة أمنية” في شمالي سوريا، وأنها أبلغت أهم حلفاء ألمانيا بالاقتراح.
بين مرحب ورافض
المقترح لاقى ردود فعل متباينة، وحظي بدعم تركيا والولايات المتحدة، في الأيام الماضية، لكن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، أشار إلى أنها قد تتطلب مشاركة الأمم المتحدة.
ورفضت روسيا المقترح، وهي التي تمكنت عبر اتفاق “سوتشي” بشأن مناطق شمالي سوريا أن تضع قدمًا لها شرق الفرات (في مناطق النفوذ الأمريكي سابقًا)، واعتبرت أن “المنطقة الأمنية” لا جدوى من إقامتها.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، الأربعاء 23 من تشرين الأول الحالي، إن موسكو لا ترى جدوى من إقامة “منطقة أمنية”، تحت إشراف دولي شمال شرقي سوريا.
وأضاف لوكالة “ريا نوفوستي”، “من وجهة نظرنا، ما حدث في سوتشي يعتبر حلًا للمشكلة”.
وتابع، “ذلك لأنه يضع حدًا لنشاط تركيا العسكري في هذه الأراضي، ويمنع مواجهات عسكرية من هذا النوع أو أي نوع آخر، ويضع أساسًا لحل كل المشكلات عن طريق الحوار (…) لا أعتقد أن ثمة ضرورة لاتخاذ أي تدابير إضافية”.
كسر هيمنة “سوتشي”
مع استمرارية التحركات الخاصة بالمقترح الألماني (إنشاء منطقة أمنية)، تستعجل روسيا بتنفيذ البنود المتفق عليها في سوتشي، بين الرئيسين أردوغان وبوتين.
وكانت قد بدأت بتسيير دورياتها العسكرية في المنطقة الحدودية لسوريا مع تركيا، في اليومين الماضيين.
كما أنها أعلنت إرسال المئات من عناصر “الشرطة العسكرية” للمشاركة في الدوريات، التي تمتد من رأس العين إلى الحدود العراقية، ومن مدينة تل أبيض إلى عين العرب (كوباني).
وبحسب ما ذكرت وكالة “رويترز” اليوم، الجمعة 25 من تشرين الأول، أصرت وزيرة الدفاع الألمانية، أنيجريت كرامب كارينباور، في اجتماع لوزراء دفاع دول حلف شمال الأطلسي في بروكسل على أن مهمة تنفيذ دوريات على الحدود التركية- السورية لا يمكن أن تُترك لموسكو وأنقرة فحسب.
وقالت للصحفيين، “الوضع الحالي غير مرضٍ”.
وأضافت كرامب كارينباور أنها تلقت تطمينات من أنقرة على أن العمليات العسكرية التركية لن تسفر عن إعادة توطين جماعية للسكان أو تطهير عرقي.
واعتبرت أن “اتفاق سوتشي لم يجلب السلام ولا يوفر أساسًا لحل سياسي على المدى الطويل. نبحث عن حل يشمل المجتمع الدولي”.
وقال دبلوماسي من حلف “شمال الأطلسي” للوكالة، إنه “من الضروري إجراء المزيد من المحادثات لكن الوزير التركي قال إنه منفتح على الاقتراح”، في إشارة لمحادثات ثنائية بين وزيرة الدفاع الألمانية ونظيرها التركي، خلوصي أكار.
وأضاف دبلوماسي آخر أن المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، يمكنها أن تناقش الخطة مع نظرائها من تركيا وبريطانيا وفرنسا في قمة للحلف ستعقد في لندن في 4 من كانون الأول المقبل.
–