رغم المخاطر الأمنية..
مكاتب حوالات غير مرخصة تواصل عملها في ريف حمص
حمص – عروة المنذر
فرضت الحاجة إلى الحوالات المالية الخارجية في ريف حمص الشمالي خلال سيطرة فصائل المعارضة، إنشاء مكاتب خاصة للصرافة وتحويل الأموال، تعمل بالتعاون مع وسطاء في مناطق سيطرة النظام وخارج سوريا.
وكان المدنيون يحصلون عن طريقها على الأموال المرسلة إليهم من أقاربهم في الخارج، كما كانت وسيلة لتوصيل رواتب العاملين في منظمات المجتمع المدني، والمبالغ المخصصة لدعم جزء من أنشطتهم.
بعد سيطرة قوات النظام على ريف حمص الشمالي، بموجب اتفاق “المصالحة” المبرم منذ عامين، تعرض أصحاب مكاتب الحوالات للمساءلة الأمنية بغرض الوقوف على قيمة الحوالات ومصادرها ومستلميها، ما أدى إلى إغلاقها “علنًا” بشكل كامل.
ورغم التشديد الأمني الذي فرضته قوات النظام في مناطق ريف حمص الشمالي، لا تزال مكاتب تحويل الأموال غير المرخصة تعمل في السر، بعيدًا عن أعين السلطات الأمنية.
خطورة عالية
تعتبر مكاتب الحوالات من أبرز المستهدفين في قائمة النظام أمنيًا، على اعتبار أنها من أهم طرق التمويل لأي عمل يعود إلى المعارضة، وهو ما جعلها في خانة الاتهام بتمويل “خلايا نائمة”.
ونتيجة التهمة التي قد تلحق بالعاملين في هذه المكاتب، “فإن خطورة عملهم لا تقل عن أي عمل تقوم به خلية نائمة”، وفق ما قاله أحد العاملين في مكتب للحوالات المالية في ريف حمص الشمالي.
وأضاف العامل، الذي رفض نشر اسمه لأسباب أمنية، في حديث لعنب بلدي، “عن طريق المكاتب غير المرخصة يمكن أن يصل أي مبلغ من أي دولة في العالم إلى أي شخص، دون علم أجهزة الأمن بأي معلومات مرتبطة بالمرسل أو المستلم أو حتى الوسيط”.
ولا تتم عملية توصيل الأموال بسلام دائمًا، إذ يؤدي الاستنفار الأمني في بعض الأوقات إلى إيقاف العمل بشكل كلي لفترات متفاوتة ريثما تعود الأمور إلى طبيعتها، وفق العامل ذاته.
ويلفت العامل إلى أن الحوالات عمومًا “ليست إلا مبالغ مالية بسيطة يرسلها أبناء من خارج سوريا إلى ذويهم لإعانتهم على تدبر أمورهم المعيشية”.
نصب واحتيال
رغم قلة مخاطر التحويل عبر مكاتب الصرافة غير المرخصة، وسرعة تسلّم الحوالة، يبقى التحويل من خلالها باهظ التكلفة، فأجور التحويل تتجاوز 6% من قيمة المبلغ المراد تحويله.
كما أن تذبذب سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الواحد، يزيد من تكاليف التحويل لتصل إلى 10% من قيمة الحوالة، إذ يرفض أصحاب مكاتب الحوالات المالية بشكل قطعي تسليم الحوالات بالقطع الأجنبي.
أبو خالد، وهو أحد سكان مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي، يستقبل الحوالات بشكل دوري عن طريق أحد مكاتب الحوالة، من ابنه اللاجئ في ألمانيا.
يقول أبو خالد (رفض نشر اسمه الكامل لأسباب أمنية) لعنب بلدي، “كثير من الأحيان أتحمل خسائر تفوق عشرة آلاف ليرة فارق تصريف سعر العملة، علمًا أن ابني يدفع أجور التحويل مسبقًا”.
إذ يتعمد صاحب المكتب إبقاء الحوالة لديه يومين أو أكثر، بحسب ما أكده أبو خالد، وبمجرد أن تهبط قيمة الليرة، يبدي صاحب المكتب جهوزيته لتسليم الحوالة المالية وفق سعر الصرف الحالي، ما يعرض أبو خالد للخسارة دون أن يستطيع الاعتراض.
رغم ذلك، لا تزال مكاتب الحوالات غير المرخصة تحظى بتفضيل الأهالي الراغبين في الحصول على حوالاتهم المالية، بحسب ما يؤكده سمير، وهو أحد عملاء هذه المكاتب.
يقول سمير (طلب عدم نشر اسمه كاملًا لأسباب أمنية)، لعنب بلدي، “رغم الخسائر التي أتعرض لها جراء التحويل عن طريق مكاتب الحوالة غير المرخصة، لكنها تبقى بديلًا أفضل من التعامل مع المكاتب المرخصة، التي تزود الأفرع الأمنية بمعلومات تتعلق بجداول الحوالات بشكل دوري، ما قد يعرضنا إلى المساءلة والاعتقال”.
ومن مميزات المكاتب غير المرخصة، وفق سمير، أن المكاتب المرخصة تسلم الحوالات وفق سعر صرف الدولار في المصرف المركزي (438 ليرة سورية للدولار الواحد)، أي أقل بنحو 150 ليرة، ما يعني خسارة كبيرة لمستلمي الحوالات ذات القيمة المرتفعة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :