يلقي فيلم “الرابعة بتوقيت الفردوس”، للمخرج محمد عبد العزيز، الضوء على العاصمة السورية دمشق، في أثناء العمليات العسكرية بين عامي 2012 و2013.
يوم واحد في حياة شخصيات الفيلم، تختلف مصائرهم وظروفهم، إلا أن الألم الكبير الذي يحيط بكل شخصية من الشخصيات يوحد الجميع على اختلاف انتماءاتهم الاجتماعية والسياسية والثقافية.
يجمع الألم شخصيات من أجيال مختلفة، جيل قديم تعدت أعمار أفراده السبعين، على حافة الموت، منهم من ماتت ذاكرته، ومنهم من طلب منه الموت، يليه جيل ذو ماضٍ لا يقل ألمه عن الواقع الحالي للمدينة، وجيل ثالث مختلف، طامح للتغيير، بعد سقوط النظريات التي آمن بها واحدة تلو الأخرى.
يفتتح الفيلم مشاهده بأفعى تدخل بيتًا دمشقيًا قديمًا، ليوظف ذلك في الإيحاء بدخول قوى الشر إلى دمشق، ويصور الفيلم بعد ذلك موت العاصمة البطيء.
ويعرف المخرج محمد عبد العزيز، باستخدامه رموزًا بصرية ذات دلالات، كالتي استخدمها سابقًا في فيلمي “نصف ملغ نيكوتين” و”دمشق مع حبي”.
يشير الفيلم إلى القضايا التي كانت في الماضي تشكل “مصيبة كبرى” حال حدوثها، واليوم تمر في حياة المجتمع مرور الكرام، خاصة من خلال قصة بشير الكردي، الذي يسعى لبيع كليته لتأمين الدواء لزوجته المريضة.
وبين شخصيات الفيلم، تبدو قصة بشير، التي أداها الممثل محمد آل رشي، الأكثر إيلامًا وواقعية، والأكثر شبهًا بالأشخاص المقهورين في سوريا، خاصة مع الأداء العالي ودخول الأداء في عمق شخصية السوري الكردي، الذي فقد كل شيء، حتى بيته.
كفاح بشير في عاصمة تحكمها الفوضى والجنون والحرب، لا ينفصل عن كفاح مايا التي أدت دورها الممثلة نور يوسف، وهي مريضة سرطان، تكافح من أجل حياتها، بعدما كانت ضحية زواج مصالح.
يخرج المشاهد بعدة أسئلة من الفيلم حول المصير المتوقع لسكان المدينة، والفوضى التي تحكمها، ويلخص الفيلم الإجابة في عبارة “هذه المدينة لم تعد موجودة سوى في عقلك، فقط”.
ويصور الفيلم دمشق تحت ضغط الحرب والمصالح، بينما لم تعد المدينة تملك نفس الألق والسحر اللذين تغنى بهما الشعراء السوريون والعرب.
يقدم محمد عبد العزيز من خلال فيلمه صورة “واقعية” لدمشق “المشوهة”، ضمن مونتاج متقن، ولعل أهم ما تميز به الفيلم، هو ما لا تتميز به الأفلام الروائية السورية عادة، البساطة في السرد والوضوح في المضمون، بعيدًا عن الرمز الصعب الذي لجأ إليه المخرجون السينمائيون السوريون طويلًا.