عنب بلدي – إدلب
تصل فرق المنظمات الإنسانية حاملة الهدايا والألعاب لتجمع أطفال المخيمات العشوائية في حفلات عابرة تنتهي سريعًا، لتعود رتابة الحياة الصعبة في الخيام الهزيلة وسط حقول الزيتون.
يواجه سكان المخيمات العشوائية تحديات عديدة، من نقص الخدمات والحاجات الأساسية، إلى الفقر ومخاطر المرض والشتاء المقبل، ويزيد عليها بالنسبة للأطفال نقص فرص التعليم وتدهور الأمن، الذي تفرضه حياة النزوح في شمال غربي سوريا.
تفاعل مع كل لحظة على حدة
يملك الأطفال مرونة نفسية تفوق الكبار، إذ يتفاعل الطفل مع كل لحظة كما هي، يستمتع بها أو يحزن دون أن يحمل مشاكل الماضي
والحاضر، حسبما تقول الاختصاصية النفسية كوثر سعيد.
وأضافت سعيد في حديثها لعنب بلدي أن النشاط الترفيهي حين يترافق مع دعم نفسي يكون له أثر إيجابي على مشاعر الأطفال، الذين يتمكنون عن طريق اللعب والحب والاهتمام تعويض حرمانهم السابق.
وتخصص عدد من المنظمات الإغاثية في دعمها لأهالي المخيمات أنشطة ترفيهية ونفسية وتعليمية للأطفال، تزداد وتيرتها في مواسم الأعياد والعودة إلى المدارس، مثل أنشطة منظمة “عطاء” و”سيريا ريليف” و”بنفسج”.
وتهدف تلك الأنشطة، حسبما قال مدير برنامج الحماية في منظمة “بنفسج”، إبراهيم سرميني، في حديث سابق مع عنب بلدي، إلى “تخفيف الضائقة النفسية الموجودة عند الأطفال”، مشيرًا إلى وجود أنشطة مجدولة “للاستجابة الطارئة” للأطفال القاطنين تحت شجر الزيتون في المخيمات العشوائية.
وكانت المنظمة أقامت بداية شهر أيلول الماضي ماراثونًا شمل فعاليات رياضية وفنية وترفيهية، وتضمن منافسات السرعة واجتياز الحواجز والقفز وشد الحبل، مع فقرات أخرى من المهرجين وقراءة القصص ومسرح الظل.
ونشرت منظمة “سيريا ريليف”، عبر حسابها على “فيس بوك” بداية تشرين الأول الحالي، إعلانًا عن متابعتها “مبادرة الباص الجوال” الذي يعمل على جلب “المتعة والعلم” لأطفال المخيمات العشوائية، وذكرت المنظمة أن هدفها إعادة “بعض من حقوق الأطفال التي حرموا منها”.
“تمنح تلك الفعاليات آثارًا إيجابية للأطفال، لأنها تشعرهم بالاهتمام ووجود بارقة أمل، فهي تحمل أهمية عالية، ودونها لا تبقى سوى غمامة اللجوء السوداء”، قالت الاختصاصية النفسية.
لا يغرق الطفل في الهموم ما لم تكن قد غُرست فيه عن طريق الكبار، على حد تعبير الاختصاصية، التي أشارت إلى أن الآثار الجسدية والنفسية للعب تدوم بعد انتهاء تلك الأنشطة نتيجة ارتفاع هرمون السعادة “الأندروفين” وانخفاض هرمون التوتر والخطر “الأدرينالين” في جسد الطفل.
ويعد اللعب “حاجة أساسية” للأطفال، حسبما أضافت، ويمثل الترفيه والأنشطة أحد الحلول للتخفيف من المعاناة التي تحملها تحديات الحياة في المخيمات العشوائية.
يحتاج واحد من كل ثمانية أطفال دعمًا نفسيًا متخصصًا، مع استمرار العنف في أنحاء سوريا، الذي أثر على أكثر من خمسة ملايين طفل، بينهم أكثر من 2.6 مليون طفل نازح، و2.5 مليون طفل لاجئ، حسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).