ثلاثة ملفات عكرت صفو العلاقات التركية- الأمريكية
مرت العلاقات التركية- الأمريكية، مؤخرًا، بعدة مطبات أدت إلى توتر العلاقات بين الحليفين في “الناتو”.
وتعقدت العلاقة بين الحليفين بسبب عقوبات فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على شخصيات تركية ومؤسسات حكومية، لحل المسائل التي عكرت صفو العلاقات بين الطرفين، لمصلحة واشنطن.
وتعد قضايا القس الأمريكي، وشراء تركيا لمنظومة الدفاع الجوي “S-400” من روسيا، وعملية “نبع السلام” التي تشنها تركيا على الأراضي السورية، أسخن الملفات بين واشنطن وأنقرة في الأشهر الأخيرة.
قضية القس الأمريكي
دخلت أنقرة وواشنطن، مطلع العام الماضي، في أزمة دبلوماسية تعتبر الأكبر بين البلدين منذ عقود، على خلفية اعتقال تركيا القس الأمريكي أندور برانسون، الذي تتهمه أنقرة بضلوعه في محاولة الانقلاب الفاشلة، في تموز 2016.
وتدهورت العلاقات بين الدولتين بعد إعلان وزارة الخزانة فرض عقوبات اقتصادية على وزير العدل، عبد الحميد غول، والداخلية، سليمان صويلو، التركيين، في شباط 2018.
وردت أنقرة على القرار الأمريكي بتوعدها بفرض عقوبات مماثلة بشكل فوري.
وتعتبر هذه المواجهة هي الأولى دبلوماسيًا بين البلدين منذ أزمة سيطرة تركيا على القسم الشمالي من جزيرة قبرص عام 1974.
ألقت السلطات التركية القبض على القس الأمريكي أندور برانسون، في 9 من كانون الأول 2016، بعدة تهم تضمنت “ارتكاب جرائم” باسم منظمتي “غولن” و”حزب العمال الكردستاني” (بي كي كي)، الذي تعتبره تركيا منظمة “إرهابية”، تحت مظلة رجل دين.
وذكرت لوائح الاتهام أن القس “كان يعرف الأسماء المستعارة لقياديين في منظمة غولن”، وفق ما قالت وكالة “الأناضول” التركية.
وأوقفت السلطات التركية القس 21 شهرًا بتهمة دعم جماعة فتح الله غولن، التي تتهمها أنقرة بالضلوع في محاولة الانقلاب، قبل أن تحيله إلى الإقامة الجبرية.
وأصدرت المحكمة التركية في ولاية إزمير، في تشرين الأول من العام الماضي، حكمًا على القس الأمريكي بالسجن لمدة ثلاث سنوات وشهر و15 يومًا مع وقف التنفيذ، قبل أن تفرج عنه بدعوى انتهاء حكمه.
“S-400” تدفع واشنطن لتعليق تسليم “F-35” لأنقرة
في 12 من تموز الماضي، أعلنت وزارة الدفاع التركية عن بدء تسلمها منظومة الدفاع الجوي الروسية المتطورة “S-400″، في وقت شهدت هذه الصفقة اعتراضًا أمريكيًا على امتلاك تركيا لهذه المنظومة وشرائها بالوقت ذاته لطائرات “F-35” الأمريكية.
دعا الرئيس الأمريكي تركيا للتخلي عن الصفقة واصفًا إياها بـ “المشكلة”، وقال، في حزيران الماضي، على هامش قمة العشرين في أوساكا اليابانية، “يتعين على تركيا أن تتخلى عن صفقة (S-400). إنه أمر غير مقبول وعلى تركيا عدم شراء هذا النوع من الأسلحة لأنها عضو في الناتو ويجب علينا التقيد بجميع الالتزامات”.
وهدد ترامب في بداية أزمة الصفقة بفرض عقوبات على أنقرة، وقالت الإدارة الأمريكية إنها ستمنع أنقرة من شراء مقاتلات “F-35” كما ستطرد الطيارين الأتراك الذين يتدربون حاليًا في الولايات المتحدة، ما لم تتراجع تركيا عن صفقتها مع موسكو.
ومطلع أيار الماضي، أعلنت الولايات المتحدة تعليق “عمليات التسليم والأنشطة” المتعلقة بشراء تركيا مقاتلات الجيل الخامس “F-35”.
وتعتبر الولايات المتحدة أنه لا يمكن لتركيا أن تمتلك منظومة “S-400” الروسية ومقاتلات “F-35” الأمريكية معًا، بسبب القلق من أن تكنولوجيا “F-35” الحساسة يمكن أن تتعرض للضرر من منظومة “S-400″، أو أنها قد تستخدم في تحسين نظام الدفاع الجوي الروسي، بحسب وكالة “بلومبيرغ”.
وتعتبر منظومة “S-400” الأحدث بين أسلحة الدفاع الجوي على الصعيد العالمي، وتتميز بقدرتها على تتبع 160 هدفًا وإطلاق 80 صاروخًا في آن واحد، وتتمتع بمدى رصد يصل إلى 600 كيلومتر ونطاق إصابة بمساحة 400 كيلومتر.
عملية “نبع السلام” التركية في سوريا
في 9 من تشرين الأول الحالي، أطلقت تركيا عملية عسكرية شمال شرقي سوريا، داخل الحدود السورية، للتخلص من فصيل “وحدات حماية الشعب” (الكردية) تحت اسم “نبع السلام”، والتي تهدف أيضًا إلى إقامة “منطقة آمنة” لضمان عودة اللاجئين السوريين إلى المنطقة.
شنت القوات التركية وقوات من “الجيش الوطني السوري” العملية البرية وسيطرت على عدة مناطق وصولًا إلى الطريق السريع بعمق 30 كيلومترًا، ولكن هذه العملية لم تلقَ ترحيبًا دوليًا، بل على العكس شن قادة الدول الأوروبية هجومًا على تركيا واعتبروا التوغل التركي في الأراضي السورية “غزوًا”.
سببت “نبع السلام” إحراجًا لإدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد أن أعلن البيت الأبيض النأي بالنفس وسحب القوات العسكرية الأمريكية الموجودة في المنطقة، بمثابة إعطاء ضوء أخضر لتركيا بشن عمليتها.
بعد أيام على العملية التركية، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن عقوبات شملت وزارتي الطاقة والدفاع التركيتين، بالإضافة إلى ثلاثة وزراء هم: وزير الطاقة ووزير الدفاع ووزير الداخلية.
واعتبرت الوزارة في بيان العقوبات التي فرضتها على أنقرة، في 14 من تشرين الأول الحالي، أن الحملة العسكرية التركية عرضت المدنيين الأبرياء للخطر وزعزعت استقرار المنطقة، بما في ذلك تقويض الحملة لهزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
تصاعد الخلاف الأمريكي- التركي الذي سببته العملية العسكرية تلته محادثات أجراها نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعلن الطرفان بعدها عن اتفاق بين أنقرة وواشنطن على وقف إطلاق نار مؤقت في شمال شرقي سوريا، ريثما تنسحب “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تدعمها واشنطن من المنطقة التي تعتزم تركيا إقامة منطقتها “الآمنة” فيها.
قدمت تركيا عدة تعهدات بموجب الاتفاق من بينها عدم شن عملية عسكرية، مقابل دعم واشنطن جهود أنقرة لإقامة “المنطقة الآمنة” بشرط حماية السكان المحليين والأقليات والبنى التحتية في المنطقة.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :