عرض المتحف الوطني السوري، في 7 من تشرين الأول الحالي، لوحة فسيفسائية أثرية يعود تاريخها لنهاية القرن الخامس وبداية القرن السادس للميلاد، محتفيًا بالمغترب الذي “استعادها على نفقته الخاصة إلى دمشق”.
وبحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، فإن المغترب تجاوز رفض السلطات الكندية المتكرر لتسليمها “بذريعة الحرب على سوريا”.
إلا أن المسؤولين الكنديين لم يعترضوا على تسليم التحفة ذات الرمزية المسيحية لسوريا، وفقًا لمجلة “Maclean’s” الكندية، التي كشفت في تقريرها الصادر أمس، السبت 12 من تشرين الأول، عن تعاون السلطات الكندية مع رجل الأعمال السوري، وسيم الرملي، لإعادتها.
وكانت كندا قبلت بتعيين الرملي قنصلًا ممثلًا للنظام السوري في مونتريال، في شهر آب الماضي، ثم سحبت تعيينه نهاية شهر أيلول.
القطعة الأثرية المستعادة، هي واحدة من 82 قطعة فسيفسائية صدرها النظام السوري بطريقة غير شرعية نهاية التسعينيات، وتمت مصادرتها من قبل الشرطة الكندية ومسؤولي الجمارك الكنديين، وأعيدت إلى سوريا، ما عدا تلك اللوحة، حسبما ذكرت المجلة.
وعلى الرغم من أن اللوحة مقسومة إلى قطعتين، لتسهيل نقلها نظرًا لحجمها الكبير البالغ 347 سنتيمترًا طولًا، و273.5 سنتيمتر عرضًا، إلا أنها كانت “مبهرة إلى حد أن البروفسور جون فوسي، من جامعة مكغيل، وهو الوصي على قسم الفن اليوناني من متحف مونتريال، حينها، تمكن من استعارة التحفة وعرضها في المتحف”، وفق المجلة.
وتم تمديد تلك الاستعارة مرات عدة منذ عام 2004، وفي 29 من كانون الأول 2018، دخل الرملي إلى متحف “مونتريال للفنون الجميلة”، وقدم رسالة من الحكومة السورية، وطالب بتسليم اللوحة.
رحلة العودة
قال الوصي على التحف الأثرية في متحف مونتريال، هيلارد غولدفارب، لمجلة “Maclean’s” الكندية، “حين أتى (رجل الأعمال السوري وسيم الرملي) إلينا أول الأمر في كانون الأول، توقع أن اللوحة ستُنزل في يوم وليلة وتسلم له”.
ولكن الأمر تطلب “ملء إضبارات وتصريحات خاصة ليتم تسليمها”، وفي نهاية شهر نيسان تسلم وسيم الرملي التحفة، بحسب المجلة.
عاد رجل الأعمال السوري إلى المتحف برسالة من وزارة الثقافة السورية، وفي 4 من شباط الماضي، قدم الممثل الدائم لسوريا في الأمم المتحدة، بشار الجعفري، وثائق توكيل وسيم الرملي بتسلم اللوحة، لرئيس البعثة الكندية للأمم المتحدة، مارك آندريه بلانتشارد.
بدوره، قدم بلانتشارد في 12 من شباط الماضي، الوثائق لمكتب الشؤون الخارجية، الذي وقع عليها وسلمها لمسؤولي الثقافة في إدارة التراث الكندية.
ونقلت اللوحة في 13 من أيار الماضي، عبر شركة الطيران الفرنسية إلى باريس، ومن ثم شحنت إلى بيروت، حيث سلمتها السفارة الكندية للمسؤولين السوريين، الذين نقلوها إلى المتحف الوطني في دمشق، وكشفوا عنها الاثنين الماضي.
وقال المتحدث باسم وزيرة الشؤون الخارجية، كريستا فريلاند، آدم أوستون، “لم يكن لوزارة الشؤون الخارجية الكندية أي دور بتسهيل عودة التحفة”، إذ إن عملية التسليم تمت وفقًا للقوانين الناظمة للاستعارات.
وفي حين لم تنتهك كندا أي عقوبات اقتصادية خلال تلك العملية، لعدم تبادل الأموال، إلا أنها سمحت بعرض النظام السوري “كمنتصر”، وفقًا للمجلة.
وكانت كندا قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري منذ أيار عام 2012، بعد أحداث مجزرة الحولة في ريف حمص التي قتل إثرها 30 طفلًا تحت سن العاشرة، وأغلقت السفارة السورية في أوتوا، لكنها أبقت قنصليتين في كل من مونتريال وفانكوفر.
–