ريف حماة – إياد عبد الجواد
حُرم سهل الغاب في ريف حماة الغربي من مزروعاته الصيفية هذا العام، نتيجة الحملة العسكرية التي شنها النظام السوري مدعومًا من حليفه الروسي منذ شباط الماضي، واستولى إثرها على مناطق من السهل، ما تسبب بنزوح فلاحيه.
اضطر المزارع هيثم درويش، من قرية الحواش، لترك أرضه المزروعة بالقمح دون حصاد هذا العام، بعد أن غمرتها المياه، دون أن يتمكن من تصريفها، جراء القصف الذي نفذته قوات النظام السوري، والذي منعه أيضًا من زراعة المحاصيل الصيفية في موسمها حاله كحال آلاف المزارعين في المنطقة.
تحديات ونتائج “باهظة”
لم يتمكن الفلاح علي العبدو من زراعة أرضه أيضًا في سهل الغاب، المعروف بخصوبته ووفرة مياهه، مشيرًا إلى أن أغلب الأراضي الزراعية مكشوفة على مناطق سيطرة النظام، وبالتالي يسهل استهدافها من قواته.
وأوضح علي، في حديثه لعنب بلدي، أن “المياه متوفرة لدينا، لكن بسبب القصف الذي تنفذه قوات النظام لم يتمكن الأهالي من العودة والزراعة، وطبعًا لا توجد جرارات، والقصف المستمر دفع الناس للنزوح وترك الزراعة”.
تخلى مزارعو سهل الغاب، خلال سنوات الحرب الماضية، عن زراعة محاصيل الحبوب بسبب التحديات الكبيرة التي واجهتها، من ارتفاع تكلفة الرعاية، وقلة سوق التصريف، مع تحكم التجار بسعر المبيع.
واتجه المزارعون إلى زراعات تدر ربحًا أكبر، مثل البطاطا والبقوليات والنباتات العطرية، حسبما قال المهندس الزراعي أنس أبو طربوش، لعنب بلدي.
إلا أن التحديات الأمنية الجديدة حالت دون تمكن الفلاحين من زراعة أراضيهم، حتى بالمزروعات التي يشتهر بها سهل الغاب، مثل الذرة البيضاء والصفراء وعباد الشمس، مع فقد ما تتطلبه الزراعة من آليات وأيادٍ عاملة، ولم تترك لهم خيارًا سوى البحث عن مصادر جديدة للدخل، حسبما قال الفلاح هيثم درويش الذي حول عمله إلى صيد الأسماك هذا العام.
بقي سهل الغاب دون زراعة صيفية “للمرة الأولى” هذا العام، حسبما قال المهندس الزراعي، ما سبب ارتفاع أسعار الخضراوات في أسواق الشمال السوري، مثل الفاصولياء والفليفلة الخضراء والحمراء، كون السهل هو “سلة الشمال السوري من الخضراوات الصيفية المتنوعة”.
القطاع الزراعي يواصل الانهيار
تعد الزراعة، حسبما قال المهندس والخبير الزراعي أنس أبو طربوش لعنب بلدي، مصدرًا لمعيشة ما يزيد على 95% من أهالي سهل الغاب بريف حماة الغربي، لكن “القطاع الزراعي يواصل الانهيار”.
سيطرة النظام على قسم من مناطق سهل الغاب، ونزوح أهالي القسم الآخر نتيجة المخاطر الأمنية، ترافق مع ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وأجور خدمات الزراعة، في ظل ضعف القدرة الاقتصادية للفلاحين.
كما سببت الحرب غياب محاصيل أخرى حسبما أشار المزارع هيثم درويش، قائلًا، “منذ بدء الثورة لم يبقَ قطن ولا شوندر، أما بالنسبة للقمح فمنه ما تعرض للغمر (بفعل الأمطار الغزيرة) ومنه ما تعرض للحرق بفعل القذائف”.
تقدر المساحات الزراعية في منطقة سهل الغاب بنحو 135 ألف دونم، حسبما قال أنس أبو طربوش، مضيفًا أن 120 ألفًا منها زرعت بالقمح هذا العام لتواجه القصف والفيضان والحرائق، التي أتت على 40% من مساحتها.
وقدر المهندس الزراعي المساحات التي سيطرت عليها قوات النظام بنحو 75 ألف دونم من المساحة الإجمالية للسهل خلال الحملة الأخيرة، تعرض جزء منها للحرق، واستثمر جزء آخر، بينما تمت السيطرة على مزارع تربية الأسماك لبيعها في مناطق سيطرة قوات النظام.
وكانت الأمم المتحدة قدرت عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في سوريا بـ 6.5 مليون شخص، مع تعرض 2.5 مليون شخص لخطر انعدامه، في حين يعاني 83% من السوريين من الفقر، في العام التاسع من الصراع السوري.