اتسمت سياسة الإدارة الأمريكية في سوريا، خلال السنوات الماضية، بـ”الغموض والتناقض”، خاصة حيال دعم أطراف كان تصفهم بالحلفاء قبل سحب دعمها لهم وتركهم في مواجهة مصيرهم.
وحاولت واشنطن، كغيرها من اللاعبين على الساحة السورية، إيجاد حليف لها قدمت له الدعم العسكري والمالي لتنفيذ مخططاتها وحماية مصالحها في المنطقة.
لكن منذ اعتلاء دونالد ترامب كرسي البيت الأبيض في 2016، تغيرت السياسة الأمريكية وشابها نوع من الفوضى والتناقض، مع قراراتها بالانسحاب والتخلي عن الحلفاء.
رسالة “واتساب”
وأطلقت أمريكا برنامج الدعم للفصائل المعارضة في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، في 2013، وذلك في خطوة عزتها لـ “إسقاط النظام السوري”، قبل أن يوقفه ترامب في تموز 2017 على اعتبار أن الدعم “غير فعال”.
وعملت أمريكا على دعم فصائل “الجيش الحر” وخاصة في الجنوب السوري، عبر تشكيل غرفة تنسيق الدعم (موك)، التي عولت عليها الفصائل بشكل كبير في أثناء هجوم قوات النظام بدعم من روسيا على الجنوب السوري في تموز العام الماضي.
لكن الفصائل فوجئت برفع أمريكا يدها عن “الجيش الحر” عبر رسالة “واتساب” وصلت إلى قادة الفصائل جاء فيها “نحن في حكومة الولايات المتحدة نتفهم الظروف الصعبة التي تواجهونها الآن، ولا نزال ننصح الروس والنظام السوري بعدم القيام بأي عمل عسكري يخرق منطقة تخفيف التوتر في جنوب غربي سوريا”.
وأوضحت أمريكا موقفها، “نفهم أنكم يجب اتخاذ قراركم حسب مصالحكم ومصالح أهاليكم وفصيلكم كما ترونها، وينبغي ألا تسندوا قراركم إلى افتراض أو توقع بتدخل عسكري من قبلنا”، مضيفة “يجب أن تتخذوا قراركم على أساس تقديركم لمصالحكم ومصالح أهاليكم، وهذا التقدير وهذا القرار في يدكم فحسب”.
بيان مفاجئ
وبالانتقال إلى المنطقة الشمالية الشرقية الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، التي لم تكن أيضًا بمأمن من السياسة المتقلبة لأمريكا، على الرغم من التحالف القوي بين الطرفين.
ودعمت أمريكا القوات الكردية خلال السنوات الماضية ماليًا وعسكريًا، وساندتها في معاركها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في منطقة شرق الفرات.
لكن رغم التحالف فاجأت إدارة ترامب الجميع بإصدار بيان أعطى الضوء الأخضر لتركيا بشن عملية عسكرية في شرق الفرات وإنشاء المنطقة الآمنة.
وبحسب بيان صادر عن البيت الأبيض اليوم، الاثنين 7 من تشرين الأول، فإن تركيا ستمضي قدمًا في العملية المخطط لها منذ فترة، لكن القوات الأمريكية لن تشارك بالعملية، ولن تكون موجودة في منطقة شمالي سوريا، بعد نجاحها في القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول أمريكي اليوم، أن واشنطن أبلغت “قسد” أن القوات الأمريكية لن تدافع عنها في مواجهة الهجمات التركية في أي مكان.
أما “قسد” فاعتبرت أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تفِ بالتزاماتها حيال إنشاء آلية لضمان أمن الحدود مع تركيا.
وقالت “قسد” في بيان لها اليوم، إن “قسد” أبدت مرونة من أجل إنشاء آلية أمن الحدود وقامت بكل ما يقع على عاتقها، إلا أن القوات الأمريكية لم تفِ بالتزاماتها وسحبت قواتها من المناطق الحدودية مع تركيا.
وبرر ترامب الانسحاب عبر “تويتر” بالقول “لقد حارب الكرد معنا، ولكن تم دفع كميات هائلة من المال والمعدات للقيام بذلك (…) إنهم يقاتلون تركيا منذ عقود (…) لقد استمرت هذه المعركة لمدة ثلاث سنوات تقريبًا، لكن حان الوقت لنا لكي نخرج من هذه الحروب المضحكة التي لا نهاية لها، والكثير منها قبلية، ونعيد جنودنا إلى الوطن”.
وليست المرة الأولى التي تدير أمريكا ظهرها لحلفائها من “قسد”، إذ دعمت الولايات المتحدة الأمريكية عملية الجيش التركي في منطقة عفرين ضد “وحدات حماية الشعب” (الكردية) المدعومة من أمريكا.
–