الزواج في إدلب.. عقود بلا اعتراف وأطفال بلا هويات

camera iconأوراق ثبوتية ودفتر عائلة سوري في أمانة السجل المدني بمعرة النعمان,- (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

إدلب – شادية التعتاع

انفصلت ريمة الجندي (27 عامًا) من مدينة معرة النعمان عن زوجها، بعدما تزوجت في الـ 19 من عمرها، ولم تستطع تثبيت زواجها في المحكمة لغياب الدوائر الحكومية.

بعد الطلاق، الذي قالت ريمة لعنب بلدي إنه جاء بسبب تعاطي الزوج للمخدرات، لم تستطع الشابة تحصيل حقوقها، رغم أن الزواج تم عن طريق الشيخ والشهود، لتتنازل عن جميع حقوقها مقابل الحصول على حريتها فقط.

تعتبر مشكلة الأوراق الثبوتية واحدة من المشاكل المعقدة في شمال غربي سوريا، المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة، إذ تعتبر مسألة تثبيت الزواج من أبرز المعوقات في المنطقة، وما يتبعها من تثبيت النسب للأطفال والمشاكل التي تصيب الأسرة في حال انفصال الشريكين، وصعوبة تحصيل الحقوق من ورثة ونفقة ومهر وغيرها، بسبب غياب المراكز الحكومية، وتعاقب إدارات بمرجعيات مختلفة على مناطق الشمال السوري.

أطفال بلا هويات

منى الريا، من بلدة معرة حرمة بريف إدلب الجنوبي، متزوجة منذ سبع سنوات ولم يتم تثبيت زواجها حتى اليوم.

منى هي الزوجة الثانية لزوجها، ولديها ثلاث بنات، لكنها لا تملك أي أوراق للبنات، والورقة الوحيدة التي تثبت زواجها هي الكتاب الشرعي بحضور الشيخ والشهود.

ابنة منى الكبرى يجب أن تكون اليوم في المدرسة، ولكن بسبب النزوح ولأنها ليست مسجلة ستُحرم من حقها في التعليم لهذا العام.

ولا توجد إحصائية رسمية عن عدد المواطنين الذين لا يملكون أوراقًا ثبوتية، أو لم يثبتوا زواجهم، في منطقة يصل عدد السكان فيها إلى أكثر من 3.8 مليون نسمة، بحسب إحصائيات فريق “منسقو استجابة سوريا”.

ولقياس مدى انتشار الظاهرة، أخذت عنب بلدي عينة في منطقة محددة، هي في مخيم “حفصة” في ريف معرة النعمان، إذ يقول مدير المخيم، جمعة العليوي، إن ما يهدد متابعة بعض الأطفال تعليمهم هو مسألة تثبيتهم في دائرة نفوس، إذ توجد عائلات لديها أربعة أطفال ليسوا مسجلين.

وأوضح مدير المخيم أنه توجد عائلات لا تملك أي أوراق ثبوتية، وتقدر نسبتها بنحو 40% داخل المخيم.

من الإشهار إلى التثبيت

تسجل بعض الزيجات في مناطق إدلب ضمن المحاكم الخاصة بكل بلدة أو مدينة، وتختلف أشكال التثبيت تبعًا لظروف تحكم عقود الزواج في المناطق المختلفة من إدلب.

وفي حديثه إلى عنب بلدي، قال المحامي العامل في السجل المدني والمحكمة في معرة النعمان عادل الإبراهيم، إن قسمًا من هذه العقود يتم تسجيلها في المحاكم الموجودة في عدة مناطق بإدلب.

وضرب المحامي مثالًا بمدينة معرة النعمان والمناطق المحيطة بها، حيث يعتمد كثير من المواطنين على محكمة المعرة لتثبيت زواجهم.

وأضاف الإبراهيم أن هناك زيجات يتم الاكتفاء بإشهارها وتثبيت الحقوق بالشهود، وخاصة أن هناك كثيرًا من الأشخاص لا يثقون بالمحاكم المحلية، أو بسبب جهل بعضهم وعدم الوعي بعواقب عدم تثبيت الزواج.

وبلغ عدد حالات الزواج المثبتة، منذ مطلع العام الحالي حتى مطلع شهر أيلول، 6114 واقعة زواج، بحسب أرقام وزارة الأحوال المدنية في “حكومة الإنقاذ” التي تدير المنطقة منذ مطلع العام.

كيف يتم تثبيت عقد الزواج في إدلب؟

معاون وزير الداخلية للأحوال المدنية في “الإنقاذ”، طلال زعيب، قال لعنب بلدي إن عملية التثبيت تبدأ بمراجعة كلا الزوجين أمانات السجل المدني للحصول على قيود فردية خاصة، ثم يتم التوجه بها إلى المحكمة الشرعية المختصة للحصول على عقد زواج أو إثبات زواج حسب الحالة.

وبحسب زعيب، تراسل المحكمة أمانة السجل المدني المختصة لتسجيل الزواج وحصول الزوجين على البطاقة العائلية.

وأضاف أنه في حال وفاة الزوج أو في حال الطلاق، تلجأ الزوجة إلى رفع دعوى إثبات زواج ونسب وفاة أو طلاق، بحسب الحال، في المحكمة المختصة.

وبحسب المحامي عادل الإبراهيم فإنه في حال عدم توفر البطاقة الشخصية، تؤخذ إخراجات القيد إلى المحكمة (قاضي الأحوال المدنية)، ويتم تثبيت العقد لديه ويوثق برقم ويحفظ في ديوان المحكمة، ويأخذ الزوج صورة عن العقد مصدقة أصولًا لتثبيتها في السجل المدني.

وفي حال غياب أحد طرفي العقد (فقد أو اعتقل أو قتل…) يتقدم الطرف الموجود إلى دائرة السجل المدني بطلب إخراج قيد للطرفين، ويتقدم بدعوى تثبيت زواج ونسب، ويتم تقييد الدعوى أصولًا، وتطلب المحكمة من المدعي تثبيت أقواله بشهود.

وإن صح الادعاء تصدر المحكمة قرارًا ينص على تسجيل واقعة الزواج في السجل المدني أصولًا، وتسجيل الأولاد على قيد الزوج في السجل المدني.

ولكن الأوراق الثبوتية المستخرجة من المحاكم في محافظة إدلب لا تعترف عليها أي دولة، ولا المؤسسات في مناطق سيطرة النظام السوري أيضًا، ما يجعل دائرة الاعتراف بها تقتصر على الشمال السوري.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة