نقص الكتب المدرسية يهدد عملية التعليم في إدلب
ريف إدلب – يوسف غريبي
غابت طبعات الكتب المدرسية الحديثة عن متناول الطلاب في محافظة إدلب منذ ثلاث سنوات، ليبلغ نقصها اليوم مرحلة حرجة تهدد العملية التعليمية، وسط استنزاف مستمر تعانيه المدارس نتيجة القصف والدمار.
“خلقنا جيلًا غير قادر على التفكير بأبسط المسائل، نتيجة الاستعمال المكرر للكتب ذات التمرينات المحلولة”، يقول مشرف مجمع إدلب التربوي، عبد الله العبسي، لعنب بلدي، مشيرًا إلى خطورة نقص الكتب المدرسية على التعليم.
لم تمتلك محافظة إدلب ما يكفي لتغطية 30% من حاجات الطلاب قبل بدء موجة النزوح الأخيرة، التي وصفت بأنها الأكبر خلال سنوات الصراع السوري، بعد مغادرة أكثر من مليون شخص ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، نتيجة الحملة العسكرية التي يشنها النظام السوري وحليفته روسيا منذ شباط الماضي.
وأضاف العبسي أن الجهات الداعمة والمسؤولة عن التعليم لم تقدم أي كتاب مدرسي جديد خلال السنوات الثلاث الماضية، ما زاد من الحاجات الملحة للطلبة مع تزايد الضغوط التي تواجهها المؤسسات التعليمية لاستيعاب الأطفال المقيمين والنازحين وتوفير الخدمات لهم.
تتطلب المراحل التعليمية الأولى تجديد الكتب المدرسية كل عام، “لأن الطالب يحل واجباته على الكتاب، ففي حال استُعمل مرة ثانية أو أكثر نكون قد دمرنا تفكير الطالب وقدرته على الإبداع لأنه يجد الإجابة على الكتاب دون أي تفكير”، حسبما قال العبسي.
أما بالنسبة للمراحل العليا، “فلا يوجد ما يغني عن الكتاب ومعلوماته المفصلة والرسومات والخرائط وغيرها”.
قيم مهددة تسندها الخطط الطارئة
“الكل يعلم أهمية الكتاب المدرسي ودوره في المدارس”، قال رئيس دائرة المطبوعات والكتب المدرسية في مديرية التربية والتعليم في إدلب، أنور السعيد، لعنب بلدي، مشيرًا إلى دور المنهاج الموحد في صقل قدرات الطلاب، وتوحيد المفاهيم وغرس القيم.
قاطعت المديرية كتب النظام السوري لما تضمه من “سموم تربوية وفكرية” على حد وصف السعيد، الذي أضاف أنها “تمجد رأس النظام وتقدمه على أنه صانع للسلام، مع أنه يدمر الطلاب ويقتلهم ويشردهم، وهو من خرب العملية التعليمية”.
وأشار السعيد إلى أن الكتب المدرسية التي يعتمدها النظام السوري تسبب “الفساد” من خلال الأفكار التاريخية والجغرافية المغلوطة، ولذلك اعتمدت المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية على مناهج معدلة وزعت في مدارسها.
وتعتمد مديرية التربية والتعليم هذا العام على الكتب المدورة “كخطة طارئة” من خلال توزيعات السنوات السابقة وهي لا تلبي سوى نسبة 10 إلى 20٪ من الاحتياجات، حسب تقدير السعيد.
وحذر رئيس دائرة المطبوعات من تفاقم الآثار السلبية لغياب المناهج المقررة لكل صف، التي “تؤثر على المستوى التعليمي للطلاب ومستوى تفكيرهم، ومستوى غرس القيم والمفاهيم التربوية لديهم”.
في عهدة المنظمات
لا حلول مطروحة الآن لتعويض نقص الكتب المدرسية غير التلخيص للطلاب من قبل المعلم على السبورة، حسبما قال مشرف المجتمع التربوي، عبد الله العبسي، مشيرًا إلى تلقي وعود من “الحكومة المؤقتة” بتأمين الكتب لم تتحقق بعد.
ودعت مديرية التربية والتعليم في إدلب المنظمات والمؤسسات المدنية لتوفير الكتب، مع مواجهتها “ضعف الاستجابة من المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع الدولي”، على حد تعبير رئيس دائرة المطبوعات والكتب المدرسية في المديرية، أنور السعيد.
وقدمت المديرية “تسهيلات” للمؤسسات والمنظمات، من خلال توفير ملفات إلكترونية للمناهج والكتب لجميع المراحل من الصف الأول حتى الثالث الثانوي العلمي والأدبي.
وأثرت الحملة العسكرية الأخيرة في المنطقة على أكثر من 100 مدرسة في القطاع الجنوبي، حسبما قال السعيد، وأدت إلى نزوح أكثر من 50 ألف طالب إلى الشمال.
كما تسببت بضياع أعداد كبيرة من الكتب المدورة التي لا تزال موجودة في كثير مدارس الجنوب، “ولكن لا يمكن الوصول إليها بسبب استمرار القصف على كثير من المدارس في الجنوب من مجمعات المعرة وكفرنبل وأريحا وجسر الشغور”، وفق السعيد.
وأضاف أن مجموع أعداد الطلبة المحتاجين للكتب في إدلب يبلغ نحو 450 ألف طالب من الصف الأول حتى الثالث الثانوي العلمي والأدبي، لا تملك المديرية تقديم أي نسخ جديدة لهم، ولفت إلى أن تأمين تلك النسخ بات “في عهدة المنظمات والمؤسسات المدنية”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :