طارق أبو زياد – ريف حلب
«أدفع نصف دخلي الشهري ثمنًا للخبز فقط، أي ما يعادل 15 ألف ليرة»، بهذه الكلمات ينقل أبو ياسر، الذي يعمل إداريًا في إحدى كتائب ريف حلب الغربي، معاناته في الحصول على رغيف الخبز ليطعم أطفاله الخمسة.
يعاني السوريون في المناطق المحررة من الشمال ارتفاعًا في ثمن الخبز، خصوصًا بعد قطع مادة الطحين من قبل نظام الأسد كليًا في إطار حربه المستمرة، كما جعل المخازن هدفًا رئيسيًا لطائراته ليتكرر مشهد اختلاط رائحة الخبز بالدماء.
مخصصات النظام «مقطوعة»
أبو محيي الدين، وهو محاسب في أحد المخابز في ريف حلب الغربي (نتحفظ على ذكر منطقته لأسباب أمنية)، تحدث لعنب بلدي عن صعوبة تأمين مادة الطحين «قبل الثورة كنا نحصل على مخصصاتنا كباقي المخابز من النظام وبأسعار رخيصة».
بقي الأمر على ما هو عليه «حتى حررت المنطقة من قبل مقاتلي المعارضة قبل ثلاث سنوات، ليقطع الطحين عن المخبز نهائيًا» وفق (أبو محيي الدين)، الذي يكمل «اضطررنا لشراء المادة عن طريق شبيحة النظام بأسعار مضاعفة حتى بدأنا باستيراد الطحين من تركيا وأصبح مؤمنًا إلى حدٍ ما».
يبلغ سعر ربطة الخبز الواحدة وسطيًا بين 125 إلى 165 ليرة وفق نوعها وانقطاع الطحين عن المنطقة، ويعزو أبو محيي الدين ارتفاع أسعار الخبز أيضًا إلى أسعار المحروقات «الملتهبة» وصعوبة التنقل وإيجاد مكان آمن بعيد عن قصف الأسد.
تركيا تسهّل دخول الطحين
وفي السياق تحدث أبو ثائر الحلبي، وهو مالك لأحد المتاجر في مدينة كفركرمين، عن طريقة دخول مادة الطحين من تركيا والمشاكل التي تواجههم «تركيا تقدم تسهيلات ضخمة جدًا فهي تضحي بالطحين المخصص لها وتدخله بأسعار رخيصة نسبيًا… أحيانًا تتعرقل التجارة على المعابر بسبب المشاكل التي تحصل من قبل بعض السوريين للأسف، ما يؤدي إلى ارتفاع سعر الطحين وإذا طال الأمر ينقطع بشكل كامل».
يباع الطحين بنصف دولار للكيلو الواحد (تقريبًا 130 ليرة) للزبائن العاديين، أما للمخابز فبأسعار أقل، كما ينقل أبو ثائر، موضحًا أنه من نوع زيرو (أبيض) الجيّد مقارنة بالموجود في مناطق النظام.
«السياحي» حلّ أخير
أبو أكرم، شيف في أحد مطاعم مدينة الأتارب، يقول «لا يمكننا الاعتماد على الخبز الذي يأتي من المخابز فأسعاره مرتفعة ولا يمكن تأمينه بشكل دائم، ونحن بحاجة الخبز يوميًا ليبقى طازجًا، لذلك نقوم بصناعته بالطرق البدائية على التنور حتى نطمئن بأننا لن ننقطع منه».
بينما يقول أبو جمعة، صاحب دكان في ريف المهندسين بحلب، إن أغلب السكان والمطاعم يعتمدون على مخبز شمسين للخبز السياحي (الذي يبعد 10 كيلومترات عن حلب باتجاه دمشق) رغم ارتفاع سعره عن الخبز العادي.
ويختم أبو جمعة «الحمد لله هنا نستطيع تأمين الطحين ومعاناتنا مقتصرة على سعره، أما في المناطق المحاصرة في الجنوب فالحصول على الطحين هو أصعب من تأمين لبن العصفور» حسب تعبيره.
ارتفاع سعر رغيف الخبز إلى 6 أضعاف عمّا كان عليه قبل الثورة، يعتبر أحد أشكال معاناة السوريين في الحصول على قوت يومهم، عدا عن محاولاتهم الجاهدة لتأمين المقومات الأساسية لمعيشتهم كالكهرباء والماء، منتظرين «يوم الفرج».