نشرت صحيفة “Financial Times” الدولية الصادرة في بريطانيا تقريرًا حول رجال الأعمال السوريين الذين برزوا كأثرياء جدد خلال سنوات الصراع السوري.
وتحدثت مع عدد من رجال الأعمال المحليين الذين لم تذكر سوى أسمائهم الأولى، لتقديم شهاداتهم حول رجال الأعمال، وأبناء بعضهم الذين خلفوا آباءهم في التجارة والثراء.
رامي مخلوف وأبناؤه
وثق أبناء رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، محمد وعلي، رحلتهم المترفة في أنحاء أوروبا عبر حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين يرزح أكثر من 80% من السوريين تحت خط الفقر، حسب آخر الإحصائيات المتوفرة عام 2015، وتقول الأمم المتحدة إن الدلائل تقود للاعتقاد أن تلك النسبة قد زادت سوءًا.
وذكرت “Financial Times” أن مخلوف كان يُعتقد أنه يسيطر على أكثر من نصف الاقتصاد السوري قبل الصراع.
ورغم خضوعه للعقوبات الدولية منذ عام 2008، زادت ثروته على الأغلب، حسبما نقلت الصحيفة عن الباحث الاقتصادي السياسي السوري السويسري جوزيف ضاهر، الذي قال إن مخلوف استفاد على الأغلب من “طرق تهريب جديدة، واستثماره في فرص أعمال جديدة”.
وأضافت الصحيفة، أنه من المستحيل تقريبًا تقدير حجم ثروته، إذ تشمل إمبراطوريته قطاع الاتصالات والتجارة والنفط والغاز والمصارف والعقارات والإعلام والطيران، وأشهر شركاته “سيريتل” وشركة “الشام القابضة”.
ورامي مخلوف، حسب تعريف وزارة الخزانة الأمريكية عند فرضها لعقوباتها الاقتصادية عليه في شباط من عام 2008 هو “رجل أعمال قوي، امتلك إمبراطورية تجارية من خلال استغلال علاقاته مع أفراد النظام السوري، متلاعبًا بالنظام القضائي ومستخدمًا مسؤولي الاستخبارات السورية لتهديد منافسيه في العمل… وهو أحد مراكز الفساد الأساسية في سوريا”.
وذكرت سلسلة من المقالات الدعائية، التي نشرت خلال الصيف، أن ثروة ابنه محمد تقدر بملياري دولار، وحاولت الصحيفة التواصل معه عبر شركته MRM القابضة في دبي، ولكنها لم تحصل على رد.
ونقلت الصحيفة عن “رجل أعمال حلبي ينتمي لعائلة صناعية عريقة”، أن رجال الأعمال السوريين لم يكونوا يجرؤون على زيادة أرباحهم خشية من تدخل مخلوف.
وتابع، “كنا نتناقش دومًا، هل علينا أن نكبر؟ لأننا إن فعلنا، فسنخاطر بأن نصبح هدفًا كبيرًا”، وأضاف رجل أعمال حلبي آخر، “إن غار (رامي) من أحد شركاتك، سيدمرك”.
ولكن مكانة مخلوف لم تعد محمية كما كانت من قبل، حسبما نقلت الصحيفة، مستشهدة بـ”شائعات” تدور حول قيام الأسد بالاستيلاء على حصته من “سيريتل” وجمعية “البستان” التي أصبح من مديريها الجدد شخص مرتبط بأسماء الأسد.
وكان رئيس الوزراء، عماد خميس، قد قال إن الأسابيع المقبلة ستكشف عن أسماء مفاجئة خلال جلسة برلمانية أخيرة، مضيفًا “لا أحد فوق القانون”.
ونقلت الصحيفة عن المحرر في موقع “Syria report” المختص بالأعمال جهاد يازجي، قوله “ما حصل لمخلوف يعد على الأقل تحذيرًا واضحًا من بشار.. إنه بالتأكيد نهاية العلاقة الخاصة جدًا التي حظي بها معه”.
سامر فوز
برز رجل الأعمال سامر فوز، عند شرائه فندق “فور سيزونز” لقاء مبلغ غير معلن من رجل الأعمال السعودي الوليد بن طلال خلال فترة احتجازه في فندق “ريتز كارلتون” في السعودية ضمن الحملة ضد الفساد التي شهدتها المملكة.
ورغم أن فوز لم يكن يملك بداية الحرب سوى جواز سفر تركي وبعض العلاقات مع الإمارات، وشركة شحن تملكها عائلته منذ عام 1988، ارتكزت أعمالها على المواد الغذائية بشكل رئيسي، “قبل الحرب لم يسمع أحد بسامر فوز” حسبما قالت سيدة أعمال دمشقية، لـ “Financial Times“.
تمكن فوز، الذي درس في الجامعة الأمريكية في باريس، من الاستفادة خلال الحرب، وقال الباحث الاقتصادي السياسي جوزيف ضاهر، للصحيفة، إن “الخصائص الرئيسية لهذه الأسماء الجديدة هي دورهم كوسطاء للنظام”.
وتزايدت أعمال فوز منذ عام 2015، وتوسيع وارداته من الطعام إلى واردات أخرى من ضمنها الخدمات النفطية.
ووفقًا لوثائق “بنما” المسربة، فإن طائرة نفاثة صغيرة تحمل اسم “فوز” على ذيلها، تنقلت بين سوريا ولبنان والعواصم الأوروبية حتى نيسان الماضي، وهي ملك لشخص اسمه “سامر فوز”.
يقيم رجل الأعمال عادة في أرقى أجنحة فنادق “فور سيزونز” في العواصم الأوروبية، وفق ما أكده أحد موظفيه، كما يمتلك الفوز منجمًا للذهب جنوبي أنقرة وفندقًا خمس نجوم في بودروم، وفق ما قاله لمجلة “أرابيسك” البريطانية عام 2017.
ولكن صحيفة “الوطن” التي يملكها رامي مخلوف، انتقدت صفقات الفوز خلال العام الحالي.
وكان فوز قال لصحيفة “وول ستريت جورنال”، “إن تمت معاقبتي، فيجب أن تتم معاقبة الأمم المتحدة”، مستبعدًا أن يتلقى العقوبات التي فرضت على غيره من رجال الأعمال، قبل أن تفرض عليه عقوبات هذا العام.
حوّل “سامر فوز وأقرباؤه وإمبراطورية أعماله في الصراع السوري إلى عمل يولد الربح”، حسبما قال مسؤول وزارة الخزانة الأمريكية سيغال مانديلكير، لـ “Financial Times“، ولكن فوز يستمر بخرق قضية العقوبات الأوروبية، ولا يزال بإمكانه زيارة تركيا ودبي.
الإخوة قاطرجي
برز الأخوان حسام وبراء قاطرجي، بسبب جرأتهما في عقد الصفقات عبر خطوط القتال في الصراع السوري، مع عقدهما لصفقات نفطية مع تنظيم “الدولة الإسلامية”، عند سيطرته على آبار النفط في شرقي سوريا.
وقال “محلل سوري” لـ “Financial Times“، “إن الأخوين قاطرجي امتلكا الشجاعة للمشاركة بكل أشكال الصفقات”، كما تنقل اليوم شاحناتهم النفط من مناطق قسد إلى المصافي التي يسيطر عليها النظام.
ووفقًا للخزانة الأمريكية، فإن براء يملك شركة لبنانية تستورد النفط الإيراني إلى سوريا، وقال “صناعي مقيم في حلب يعرف الأخوين” للصحيفة، إنهما اشتريا القطن والقمح بمعدل كبير من منطقة شرقي الفرات.
ويعتني الأخوان بالقوات الموالية للنظام، للتأكيد على موالاتهما للنظام “إنهما يرعيان المقاتلين، ويعتنيان بهم ويدفعان لهم أكثر مما يستطيع الجيش”، حسبما قال الصناعي.
محمد حمشو وابنه
نقلت “Financial Times” عن “رجل أعمال حلبي”، أن “حمشو ليس شريرًا ولكنه انتهازي”، ويشتهر بارتباطه بماهر الأسد أخ الرئيس السوري.
وأشار شخص كان يعمل لدى حمشو، إلى أن علاقته بماهر الأسد هي سر نجاحه، مضيفًا “حمشو ليس رجل أعمال ثريًا وحسب ولكنه ظل ماهر الأسد، دون ماهر حمشو لا أحد”.
ابنه أحمد في منتصف العشرينيات من العمر، يقيم في دبي بالإمارات العربية المتحدة، ويتابع مع إخوته جمع الجوائز من مسابقات ركوب الخيل.
وفقًا لـ “مصدر مسؤول سابق”، فإن مدينة داريا التي تمت السيطرة عليها في آب عام 2016، نُهبت من قبل الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد قبل سقوطها، لاستخلاص الخردة والمعادن من حطامها.
وأضاف المصدر، “سمحت الفرقة الرابعة بدخول التقنيات والآليات الحديثة لبدء عملية استخراج كل جزء من المعدن. حتى استخرجوه من الإسمنت وأخذوه. ولم يمتلك سوى رجل أعمال واحد تلك المعدات في سوريا: محمد حمشو”، حسبما قال المصدر.
و”بعد ثلاثة أعوام لم ينته حمشو وماهر من استخراج كل المعادن من المدينة، التي ما زال قسمها القديم محظورًا على الأهالي لأن رجال حمشو ما زالوا هناك”، وفق المصدر.
–