محمد حسام حلمي
خلّفت الحملة العسكرية على مدينة داريا مجزرةً راح ضحيتها أكثر من 700 شهيد، وأدت إلى حالة من المعاناة الإنسانية والتشريد والنزوح لكثير من الأهالي. ولم تقتصر الخسائر على الأرواح، وإنما امتدت أيضًا لتطال ممتلكات الناس، مخلفةً أضرارًا مادية لتضع مزيدًا من الضغوط عليهم لإخماد ثورتهم.
سنحاول من خلال هذا المقال تسليط الضوء على الأضرار والخسائر المادية الناجمة عن قطع التيار الكهربائي عن المدينة والأضرار التي لحقت بالأراضي الزراعية.
فقد سبق الحملة العسكرية، ورافقها وتلاها، انقطاع التيار الكهربائي لمدة زادت على 12 يومًا عن كامل المدينة، وبلغت 20 يومًا في بعض المناطق، مما تسبب بخسائر مادية طالت كل بيت. فكما هي عادة أهل البلد جميعًا، فإنهم يقومون بتخزين وتفريز الأطعمة والخضروات في مواسمها في البرادات والجمادات لاستخدامها على مدار العام. ونتيجة انقطاع التيار الكهربائي فقد فسدت كافة المثلجات والأطعمة المخزنة في الفريزات، مما اضطر الناس إلى رميها في حاويات القمامة.
وفي محاولة بسيطة لتقدير حجم الخسارة المادية الناجمة عن فساد المثلاجات ورميها يمكن القيام بما يلي:
يبلغ عدد المساكن في داريا 59042 مسكنًا، حسب أرقام المكتب المركزي للاحصاء لعام 2004، وهو الرقم الوحيد المتوفر لدينا، وبافتراض أن وسطي تكلفة الأطعمة المفرزة في كل بيت يقدر بـ 3000 ليرة على الأقل، يكون إجمالي الخسارة 3000 ليرة × 59042 مسكن = 177,126,000 ليرة سورية. أي أن قيمة المواد المفرزة التي تلفت وتم رميها يتجاوز 177 مليون ليرة على أقل تقدير. إلا أن العبرة هنا ليست في الرقم بذاته، وإنما بما يعكسه لنا من الأضرار الإنسانية المباشرة على حياة الناس اليومية، لاسيما مع صعوبة تأمين المواد الغذائية في ظل ظروف اقتصادية صعبة يمر بها الغني والفقير، حيث تصبح كسرة الخبز سندًا لسد رمق الجوع، فكيف بفساد مونة سنة كاملة.
أما الأضرار الناجمة عن القصف المباشر فقد طالت العديد من المنازل التي تضررت جزئيًا أو كليًا، ويضاف إليها المنازل والبيوت التي تم نهبها وسرقة محتوياتها أثناء عملية الاقتحام ومن ثم حرقها أو تخريبها، وتقدر الخسائر بهذا المجال بعشرات ملايين الليرات.
من ناحية أخرى، تشكل الزراعة أحد الموارد الاقتصادية الهامة لأهالي المدينة. فالعديد من أهالي المدينة يعملون في هذا القطاع. ولقد كان للحملة العسكرية على داريا بعض الأضرار والخسائر المادية المتعلقة بالمحاصيل الزراعية. وقد نجمت هذه الأضرار أساسًا عن عدم مقدرة المزارعين على الذهاب إلى حقولهم لسقاية مزروعاتهم ورعايتها مما تسبب في تلف بعض المحاصيل قبل جنيها. إذ كانت – ولاتزال- عملية الذهاب إلى الأراضي الزراعية مخاطرة قد تتسبب بخسارة حياة الشخص، كما حصل مع الشاب أيمن مظهر خولاني وأخيه يامن خولاني حين تم استهداف سيارتهما في طريقهما إلى مزرعتهم في سهل حوران. أما من استطاع الوصول إلى مزرعته فإن عائق الحصار الأمني للمدينة يمنعه من القدرة على نقل المحصول الزراعي إلى السوق. هذا بالإضافة إلى قيام الشبيحة بإتلاف بعض المزارع بآلياتهم العسكرية وحرق العديد من المزارع.