كريستيان رادنيدج – الإندبندنت
من خلال مطعم صغير داخل مجمع اللاجئين في الصحراء الأردنية، يحاول أحد الشباب السوريين مساعدة أكبر عدد من قاطني مخيم الزعتري، الذي يحتضن قرابة 83 ألف شخص جائع.
أدورف، شاب سوري من مدينة درعا، جنوب سوريا، يبلغ من العمر 39 سنة يؤمن بفكرة أنه لا يوجد اختلاف بين براميل الأسد التي يقصف بها شعبه وبين وحشية تنظيم “الدولة الإسلامية”، مشيرًا إلى “أنهم سواسية فهم يقتلون ويفعلون نفس الأشياء ولا فرق بينهما”.
لا يزال أدورف الذي يقطن كرفانته (غرفة مسبقة الصنع)، يتوق في هذا اليوم المغبرّ على طول الشريط الحدودي لمخيم الزعتري، للعودة إلى مدينته، شاكيًا بحرقة من نقص الاهتمام الذي يعاني منه المخيم خلال السنوات الثلاث الماضية.
خلال سنتين ونصف أمضاها داخل كرفانته يقول “أريد أن أرى العالم كله وهو يتخذ موقفًا جديًّا من الحرب في سوريا”، مضيفًا “جميع دول العالم، أوروبا وأفريقيا والولايات المتحدة هم ضد الأسد”.
ويشير أدروف إلى أنه “لن ينسى بأن أوروبا وأمريكا لم تفعل شيئًا خلال الثورة الليبية، وانخراطهما في الأحداث المصرية، بينما لا شيء حدث من هذا القبيل في سوريا”، مردفًا بأنه “عندما ظهر تنظيم الدولة تكاتفت أوروبا وأمريكا في قيادة قوات التحالف وتدخلت بشكل مباشر في سوريا، ولكن مع استمرار الأسد بقتل شعبه منذ 3 سنوات لا يوجد حراك غربي ضده”.
“أرجوكم أنهوا الحرب في سوريا، أرجوكم أنهوا الأسد”
بعد 4 سنوات من الحرب في سوريا فرّ قرابة 3.8 مليون مواطن إلى المنفى، بينما قتل أكثر من 220 ألف شخص، في الوقت الذي تجري فيه محادثات جنيف هذا الأسبوع بهدف مضاعفة الجهود الدولية الرامية إلى إيجاد حل سياسي للصراع.
ولكن المحادثات أقل أهمية في مخيم الزعتري الذي تديره مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والحكومة الأردنية، ويتجه قاطنوه إلى الاكتفاء الذاتي.
العديد من الأطفال نسوا أو ربما لا يعرفون أبدًا كيف كانت الحياة في سوريا، بينما يزداد التعداد السكاني في المخيم يومًا بعد يوم.
ولد الطفل عمار زويداني الذي يبلغ من العمر سنة واحدة في المخيم، يقول والده “أنا لست مع الأسد ولست مع الجيش السوري الحر ولست مع تنظيم الدولة، أنا فقط أريد أن أجد مكانًا آمنًا لأعيش فيه”.
ويأمل أمثال هؤلاء أن يسمعهم أحد ليس من المسؤولين عن المخيم وإنما من هم في لندن وواشنطن وموسكو وبرلين وباريس.
“أرجوكم أنهوا الحرب في سوريا، أرجوكم أنهوا الأسد” يضيف والد عمار الذي يشير إلى أن الأسد هو السبب في كل ما يجري في هذه المنطقة من العالم، “إذا تم التخلص من هذا الرجل سيكون كل شيء أفضل”.
على ما يبدو أن هناك اتفاقًا بين المملكة العربية السعودية وتركيا، بعد إقرارهما هذا الأسبوع بالتحالف ضد عدوهم المشترك وهو الأسد، متعهدين بتوحيد جهودهم في مساعدة قوات المعارضة السورية كجبهة النصرة “المرتبطة بالقاعدة” لإسقاط نظام الأسد.
هبة، فتاة سورية تبلغ من العمر 13 سنة، تفكر مع ابتسامة عريضة في أمر عودتها لتعيش في مدينتها درعا، وتقول “أصدقائي هناك وبيتي أيضًا؛ كل شيء هناك في الوطن”.
وتضيف هبة التي تختفي ابتسامتها عندما تتحدث عن عمها، متذكرًة بأنه كان يجلس في المنزل عندما قصفته قوات الأسد “أود العودة في الحال لو استطعت؛ لقد اشتقت له”.
المعيشة في المخيم “سيئة للغاية”
لا شيء يستطيع الأطفال أن يفعلوه في الزعتري، ولكن هناك كرة القدم؛ حامد ذو التسع سنين يقول “اعتدت مشاهدة مباريات كرة القدم في وطني سوريا وفريقي المفضل هو ريال مدريد”، مرتديًا قميص منتخب إنكلترا الذي يحمل اسم لاعب مشهور على ظهره.
ولكن في مطعمه يشعر أندروف بأمل ضئيل لمستقبل المخيم قائلًا “غادرنا سوريا لننجو بحياتنا، وعلى الرغم من أن لدينا 3 أو 4 مدارس في المخيم إلا أنه لا يوجد شيء مفيد داخلها، مضيفًا “هناك طلاب ومدرسون ولكنهم لا يعلمون أفكارًا جيدة… إنها سيئة للغاية”.
بالنسبة للجميع هناك فقر في الزعتري الذي يكلف قرابة 500 ألف دولار أمريكي يوميًا، وتقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأنها ستستمر في العمل مع الحكومة الأردنية وبمشاركة الجهات الخليجية المانحة الخاصة لإبقائه قيد العمل.
ولكن دون سعي جاد من الدول الغربية سيزداد استياء اللاجئين السوريين في المخيم، يقول أندروف “لن ننسى حقيقة أن لا أحد يريد مساعدة السوريين، هم يساعدون الأسد فقط”.
ترجمة عنب بلدي ولقراءة المقال باللغة الإنكليزية من المصدر اضغط هنا.