ثلاثة مسامير أمنية للنظام السوري في شرق الفرات

  • 2019/09/29
  • 11:02 ص

مطار القامشلي في سوريا - 2018 (ويكبيديا)

عنب بلدي – أحمد جمال

لا يزال النظام السوري يحتفظ بمسامير أمنية في شرق الفرات، المنطقة الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية” متمثلة بذراعها العسكرية “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

وتنحصر سيطرته على مربعات أمنية في مركزي مدينتي الحسكة والقامشلي، ضمن تفاهمات محدودة مع “قسد”، إلى جانب سيطرته على عدد من القرى في منطقة “السبعة كيلومترات” بريف دير الزور.

خلال الأسبوعين الأخيرين، شهدت مناطق ريف دير الزور مظاهرات شعبية تدعو لانسحاب النظام من البلدات التي يحتفظ فيها شرق الفرات، في مساعٍ لعودة سكان تلك المناطق إليها، الأمر الذي غضّت “قسد” الطرف عنه، والتزم النظام الصمت حياله.

ويعتبر النظام السوري “الإدارة الذاتية”، متمثلة بذراعيها العسكرية والسياسية، “ميليشيات انفصالية مدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية”، بحسب الرواية الرسمية، ويصر عبر بياناته الرسمية على عودة نفوذه إلى شرق الفرات، باعتبار تلك القوى “غير شرعية”.

سيطرة بدعم روسي

توجد قوات النظام في منطقة “السبعة كيلومترات” بريف دير الزور شرق نهر الفرات، بدعم روسي يعمل على تمكين الوجود العسكري لحليفه، على حساب سيطرة “قسد” المدعومة من أمريكا، في ظل تمسك روسي بالبقاء في تلك المناطق.

يقول الصحفي السوري صهيب جابر، ابن محافظة دير الزور، إن الروس هم الجهة المتحكمة بالبلدات الخاضعة لسيطرة النظام السوري في دير الزور، مشيرًا إلى أن القوات الروسية تتمركز في تلك البلدات لمنع الاشتباك بين النظام و”قسد”.

ويضيف صهيب جابر، في حديث إلى عنب بلدي، أن الحلف الروسي- السوري يصر على البقاء شرق الفرات، مع غياب نية الانسحاب من تلك المناطق، رغم إبداء الروس استعدادهم الانسحاب من شرق الفرات خلال اجتماع عُقد في الأيام الماضية بين ممثلين عن “التحالف الدولي” والقوات الروسية في المنطقة، بحسب صهيب.

ويرى الصحفي أن إمكانية انسحاب النظام من المنطقة ما زالت ضعيفة، لأن الميليشيات الإيرانية هي من ترفض الانسحاب وتعزز وجودها العسكري رغم الاحتجاجات الشعبية والمفاوضات الدولية.

تفاهمات مشتركة

إلى القامشلي، التي تعتبر بمثابة العاصمة السياسية لـ “الإدارة الذاتية” شرق الفرات، يحتفظ النظام بمربع أمني، وهو عبارة عن مؤسسات حكومية وأمنية يشرف عليها، إلى جانب إشرافه على مطار القامشلي.

كما يتحكم النظام بمربع أمني صغير في مدينة الحسكة، متمثل بمدفعية “كوكب” وبعض الدوائر الحكومية والمدارس الموجودة في المدينة، ضمن تفاهمات واتفاقيات غير معلنة بين “قسد” والنظام.

ويقول مدير شبكة “دير الزور24″، عمر أبو ليلى، لعنب بلدي، إن وجود النظام في المربعات الأمنية في القامشلي والحسكة مرهون بتفهامات مع “قوات سوريا الديمقراطية”، ويتجلى ذلك بتنقل عناصر الطرفين في تلك المناطق بشكل اعتيادي.

وشهدت تلك المربعات نزاعات بين الطرفين، خلال العام الماضي، تمثلت باشتباكات مباشرة بين قوات النظام وعناصر الأمن الداخلي (أسايش)، وأسفرت في أيلول 2018 عن قتلى في صفوف الطرفين، لكنها سرعان ما هدأت بعد اعتذار رسمي قدمته “أسايش” للنظام، واعتبرت الحادثة تصرفًا فرديًا.

دعوات للانسحاب من الضفة الشرقية

وشهد الريف الشمالي لدير الزور مظاهرات شعبية غاضبة خلال الأسبوعين الماضيين، وجه المتظاهرون من خلالها دعوات لانسحاب قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية من شرق الفرات إلى غربه، وإعادة تلك المناطق لسيطرة “قسد” و”التحالف الدولي”.

المظاهرات الأخيرة كانت الجمعة، 27 من أيلول الحالي، وحملت عنوان “جمعة شهداء الصالحية”، وتركزت في دوار المدينة الصناعية الخاضعة لسيطرة “قسد” وعلى مشارف منطقة “السبعة كيلومترات” الخاضعة لسيطرة النظام السوري وحلفائه.

ورفع المتظاهرون للأسبوع الثاني على التوالي، لافتات تطالب النظام والميليشيات الإيرانية بالانسحاب، إلى جانب تنديد شعبي بمقتل واعتقال عدد من أبناء المنطقة على يد عناصر النظام قبل أسبوع.

وكانت المنطقة الخاضعة للنظام، شهدت مظاهرات شعبية غاضبة، في 20 من أيلول الحالي، بعد حالة احتقان ناتجة عن تهديدات عسكرية تجاه المنطقة وسكانها.

وشملت المظاهرة بلدات الصالحية والحسينية ومراط وخشام، تحت عنوان “جمعة التحرير”، ليرد عناصر النظام بإطلاق النار تجاه المتظاهرين، الذين هاجموا بدورهم نقاطًا وحواجز، لا سيما حاجز “كازية الصقر”، بالقرب من معبر الصالحية.

وأسفرت المظاهرات عن مقتل ثلاثة أشخاص مدنيين وعنصر من قوات الأمن الداخلي التابع لـ “قسد” (أسايش)، حين كان بلباسه المدني بين المتظاهرين، إضافة إلى إصابة أكثر من عشرة مدنيين آخرين، واعتقال عدد آخر، بحسب وكالة “هاوار” وشبكة “دير الزور 24″.

وجاءت تلك المظاهرات بعد تهديدات عسكرية مصورة من قياديين في ميليشيات رديفة للنظام، نقلتها صفحات محلية، ومنها “فرات بوست”، الأسبوع الماضي، وتتضمن تهديدات باقتحام مناطق دير الزور الخاضعة لسيطرة “مجلس دير الزور العسكري” (التابع لسيطرة “قسد”).

أبرز تلك التسجيلات كانت لقيادي في ميليشيا “لواء الباقر”، هدد باقتحام ريف دير الزور الغربي، مكيلًا تهمًا وإهانات لأهالي المنطقة، وذلك بحضور ضباط روس.

وردت “قسد” على تلك التهديدات على لسان القيادي الميداني في مجلس دير الزور العسكري التابع لها، محمد الخليل، وبحضور أمير عشائر البكير، أحمد الخبيل، بأنها جاهزة للتصدي لأي هجوم تجاه مناطق سيطرتها من قوات النظام وحلفائه.

كما أغلقت “قسد” معبر الصالحية، عقب التهديدات، ودمرت المعابر المائية على ضفتي الفرات في المنطقة بمساندة “التحالف الدولي”، في خطوة لمنع أي محاولات تقدم للنظام تجاه مناطق سيطرتها.

وتفصل بلدة الصالحية بين مناطق سيطرة الجانبين، وتعتبر شريانًا اقتصاديًا لأهالي المنطقة لنقل البضائع التجارية وغيرها.

النظام متمسك بـ “الشرعية”

من جانبه لم يعلق النظام السوري رسميًا على المظاهرات الداعية لانسحابه من شرق الفرات، مكتفيًا عبر إعلامه الرسمي بالحديث عن مظاهرات شعبية رافضة لسيطرة “قسد”، وتوثيق ما يصفه “الانتهاكات المستمرة” تجاه سكان المنطقة.

ونشرت صفحات موالية على “فيس بوك”، منها “شبكة أخبار دير الزور”، في 20 من أيلول الحالي، صورًا لمسيرات شعبية مؤيدة “مضادة” خرجت في دير الزور، لتطلق هتافات وشعارات مناهضة لـ “قسد” وتمجد النظام السوري.

ويتهم النظام السوري “قسد” بارتكاب الجرائم بحق سكان مناطق شرق الفرات التي تسيطر عليها، ويصفها بـ “الميليشيات الانفصالية” ويدعوها مرارًا لتسليمه تلك المناطق، وكانت أحدث تلك الدعوات عبر بيان قدمته وزارة الخارجية إلى مجلس الأمن الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، في 15 من أيلول الحالي، ونقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

لكن “قسد” وذراعها السياسية “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، رفضا تلك الاتهامات، ودعا المجلس النظام السوري إلى الحوار الديمقراطي والتخلي عما وصفها بسياسة الاستبداد التي يمارسها.

خريطة توضح توزع سيطرة النظام السوري في مناطق شرق الفرات الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية (عنب بلدي)

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا