عنب بلدي – ريف إدلب
يتجول عبد الله إسماعيل، وهو نازح من قرية عرافيت في جبل الأكراد بريف اللاذقية، في مخيم “أهل القرآن” بريف إدلب، ويتحدث للنازحين عن تجربته في العيش ضمن الخيم في أثناء فصل الشتاء، مقدمًا بذلك عدة نصائح من شأنها التخفيف من الكوارث التي قد يتعرض لها النازحون في حال هطول الأمطار الغزيرة.
يقول عبد الله لعنب بلدي، “غرقت خيمتي في شتاء العام الماضي، وبصعوبة بالغة استطعت إخراج أطفالي منها وبقيت في خيمة واحدة مع أهلي ما يقارب أسبوع حتى توقفت الأمطار، لأعود وأنصب الخيمة مجددًا، وهذا ما أخشاه أن يحصل مع أهلنا النازحين من ريف حماة”.
ويضيف، “أتجول بين الخيم الجديدة، وأقدم ما تعلمته من سنوات نزوحي وتجربتي معه، كي لا يتعرض النازحون الجدد لما تعرضت له العام الماضي، لذلك أقوم بإرشادهم لفتح ممر للمياه بجوار خيمهم، كي لا تجرف السيول خيامهم في حال كانت قوية”.
وشهدت مخيمات النازحين في الشمال السوري خلال الشتاء الماضي كوارث عدة بسبب الأمطار والسيول التي تعاقبت خلال عدة أسابيع، وأدت إلى غرق آلاف الخيام وتضرر ممتلكاتها، إلى جانب تسجيل وفيات وأعداد من المرضى.
ومنذ 2 من شباط الماضي، وثق فريق “منسقو استجابة سوريا” نزوح أكثر من 93274 عائلة (606272 نسمة) موزعين على المساحة الممتدة من مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، وصولًا إلى مناطق شمال غربي سوريا، نتيجة العمليات العسكرية الدائرة في أرياف حماة الشمالية والغربية وريف إدلب الجنوبي.
الخيام مكتظة
“أبو بشار”، مدير أحد مخيمات ريف إدلب الغربي، يقول لعنب بلدي “حاولنا بكل جهدنا استقبال عدد من العائلات، ولكن ذلك لم يحصل لأن مخيمنا مكتظ بالسكان، ولا توجد خيام فارغة، ومن جهة ثانية لا يوجد دعم من المنظمات لتوسيع المخيم وتجهيز خيام جديدة للنازحين”.
ويضيف “أبو بشار” أن الوضع سيكون كارثيًا مع قدوم فصل الشتاء إن استمر على هذا الحال، مشيرًا إلى أن خيام العائلات النازحة لا يمكن أن تقاوم الأمطار والثلوج، ومعظمها تبرع بها السكان من خيامهم القديمة أو صنعت من أغطية فقط.
وفي وقت سابق من شهر أيلول الحالي، حذر فريق “منسقو استجابة سوريا” من وقوع كارثة في مخيمات النازحين بمحافظة إدلب، مع دخول فصل الشتاء، ونزوح آلاف المدنيين من ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي.
ونشر الفريق بيانًا، في 7 من أيلول، ناشد فيه المنظمات والهيئات الإنسانية العاملة في المنطقة للعمل على تقديم المساعدة الفورية للنازحين القاطنين في المخيمات والتجمعات العشوائية في إدلب، وخاصة مع ازدياد أعداد المخيمات في فترة النزوح الأخيرة إلى 1153 مخيمًا يقطنها 936981 نسمة، بينها أكثر من 242 تجمعًا عشوائيًا غير مخدم.
وطالب الفريق بالعمل على تأمين مراكز إيواء فورية للنازحين القاطنين ضمن المدارس التابعة للمجمعات التربوية، لإفساح المجال أمام الطلبة للعودة واستكمال العملية التعليمية في المنطقة.
تحركات لتخفيف الأضرار
من بين النصائح التي قدمها النازح عبد الله إسماعيل للنازحين الجدد، ردم أطراف الخيام بالتراب، وتثبيتها بشكل كبير لمقاومة الرياح والعواصف.
ويشير إلى أن كثيرًا من العائلات تنصب خيامها بسرعة، ولا تعمل على تثبيتها بسبب ما تعيشه من صدمة بعد نزوحها.
وكخطوة إسعافية قد تقلل من الكارثة التي يتم التحذير منها بشأن مخيمات الشمال السوري مع دخول فصل الشتاء، يتحرك “الدفاع المدني” في عدة مناطق خاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.
ويوضح محمد حاج أسعد، مدير مديرية “الدفاع المدني” في اللاذقية، أن “الدفاع المدني” فتح وسهّل أكثر من مكان لبناء خيم في منطقة الزوف وخربة الجوز لاستيعاب النازحين من ريف حماه وإدلب.
ويقول لعنب بلدي، “قمنا بتركيب نحو 150 خيمة بالتعاون مع منظمة عطاء وفريق ملهم التطوعي، وعملنا على فتح وتركيب الخيم، كما استهدفت الفرق الإسعافية وخاصة المراكز النسائية المخيمات لتقديم جلسات توعوية”.
وأبدى حاج أسعد تخوفه من وضع النازحين في الأيام المقبلة، مع دخول فصل الشتاء، قائلًا، “لا يخفى على أحد، كون المنطقة جبلية وطينية فستكون هناك معاناة لأهلنا في هذه المخيمات سواء القديمة أو المستحدثة، بسبب الطرقات الترابية وغزارة الأمطار خلال فصل الشتاء”.