حمص – عروة المنذر
تعاني محطات الوقود في ريف حمص الشمالي، وسط سوريا، من ازدحام شديد، إذ تنتظر السيارات في طوابير طويلة للحصول على مخصصاتها من الوقود، نتيجة وصول المحروقات إلى المحطات عبر دفعات غير منتظمة، مترافقة مع حاجة كبيرة لسكان المنطقة وارتفاع الأسعار في السوق السوداء.
يحاول السكان الحصول على الوقود بواسطة “البطاقة الذكية”، وهي التي تمنحهم كمية محددة من المحروقات بالسعر المدعوم من حكومة النظام السوري.
وخلق ذلك “مافيا” من نوع جديد في المنطقة، مهمتها تحصيل مستحقات المواطنين عن طريق علاقات تربط عرابيها مع أصحاب المحطات ومراكز بيع الغاز، مقابل زيادة يتقاضاها هؤلاء، تجنب صاحب البطاقة الانتظار في الازدحام.
وتحدد وزارة النفط سعر المازوت بـ 180 ليرة والبنزين بـ 225 ليرة والغاز بـ 2500 ليرة للجرة، لكن الأسعار في السوق السوداء قد تصل إلى 425 ليرة للبنزين، بينما لا يتوفر المازوت والغاز.
محطات الوقود وعدم اكتفاء المنطقة
مع عودة ريف حمص الشمالي إلى سيطرة قوات النظام، منذ أكثر من عام، قننت الحكومة الدعم عن طريق البطاقة الذكية، إلا أن المحروقات لا تصل إلى محطات الوقود إلا ثلاث مرات شهريًا، وفي حال توفر البنزين أو المازوت يبدأ الزحام قبل أن تفرغ الصهاريج حمولتها في المحطة.
وقال “أبو محمد”، صاحب محطة وقود في منطقة الحولة بريف حمص الشمالي، لعنب بلدي، إن جميع محطات الوقود لا يتم تزويدها بالمحروقات إلا مرة واحدة كل عشرة أيام تقريبًا.
وأرجع التأخير بتزويد المحطات بالوقود إلى ما وصفه بـ “الفساد” في مصفاة النفط وشركة “سادكوب”، فمن الممكن الحصول على كميات إضافية من الوقود لقاء دفع مبالغ طائلة أو من خلال ارتباط صاحب محطة الوقود بعلاقات قوية مع ضباط الأفرع الأمنية، الذين يمارسون بدورهم ضغوطًا كبيرة على المسؤولين لزيادة عدد مرات تزويد المحطة بالوقود، بحسب رأيه.
وأوضح صاحب المحطة أن الكميات الموزعة من الوقود على المحطات غير كافية للمخصصات المحددة لأصحاب البطاقة الذكية، وهو ما يؤدي إلى ازدحام كبير قبل وصول الصهاريج بعدة ساعات، مشيرًا إلى أن المخصصات بالبطاقة لها مواعيد محددة للحصول عليها، وإذا تم تجاوزها من قبل صاحب البطاقة يفقد حقه بالحصول عليها، وهو ما يزيد من الازدحام.
سائقو التكسي.. وسطاء
يعتبر سائقو التكسي من أهم مصادر تزويد السوق السوداء بالمحروقات، فقد نشطوا في بيع البنزين لأصحاب “البسطات” في أثناء سيطرة المعارضة على ريف حمص الشمالي، من خلال علاقات تربطهم مع أصحاب المحطات في مركز محافظة حمص.
صعوبة الحصول على المحروقات المدعومة في المنطقة دفع سائقين إلى العودة لنشاطهم واستخدام علاقاتهم مع أصحاب المحطات، لاستجرار مخصصات المواطنين من المحروقات، مقابل مبلغ مادي يتقاضونه على كل ليتر أو زيادة على سعر جرة الغاز.
نادر، سائق سيارة أجرة من مدينة تلبيسة، قال لعنب بلدي إن طبيعة عمله تفرض عليه بناء علاقات مع أصحاب المحطات، ليستطيع الحصول على البنزين متى أراد، وهو ما دفع جيرانه وأقاربه للطلب منه أن يحصل على مخصصاتهم مقابل حصوله على 25 ليرة سورية عن كل ليتر.
“بدأت القصة من هنا حتى أصبح الأمر منظمًا أكثر، وبدأ عملي بالتوسع”، أضاف نادر، موضحًا، “كل بطاقة أسحب مخصصاتها أتقاضى ما يقارب خمسة آلاف ليرة عليها شهريًا، وبحكم علاقاتي مع أصحاب المحطات أستطيع سحب مخصصاتها بالوقت المطلوب دون فقدان أي كمية، وأجنّب صاحب البطاقة الازدحام على المحطات”.
ولا يتوقف عمل نادر على استجرار الوقود، بل يشمل الحصول على جرات الغاز وتبديلها لمستحقيها مقابل الحصول على ألف ليرة، وهو ما يجنب صاحب البطاقة المشاكل للحصول على مستحقاته.
ما البطاقة الذكية؟
بدأت وزارة النفط والثروة المعدنية فرض نظام البطاقة الذكية تدريجيًا في المحافظات السورية، بدءًا من آب 2018.
وحددت الوزارة خمس شرائح للحصول على المحروقات عبر البطاقة، أولاها الآليات الخاصة والآليات العائدة للفعاليات الاقتصادية الخاصة، وسيكون لها 100 ليتر شهريًا، والدراجات النارية 25 ليترًا، والسيارات العمومية وآليات النقل الجماعي العمومية 350 ليترًا شهريًا بسعر 225 ليرة سورية.
أما الآليات الحكومية، التي تقل مخصصاتها عن 100 ليتر، فيسمح لها بالتزود بالبنزين حتى 100 ليتر مثل السيارات الخاصة، بينما يسمح للمولدات الكهربائية والجرارات والأدوات الزراعية بالتزود بالبنزين بسعر التكلفة غير المدعوم، وهو 375 ليرة سورية.
وكل كمية تزيد على مخصصات الدعم ستباع بسعر التكلفة المتغير، وكذلك كل آلية لا تحمل البطاقة الذكية السورية أو غير السورية، مع بدء تنفيذ القرار بداية شهر أيار.