وصل الضابط السوري المنشق “قيصر” إلى واشنطن للمرة الرابعة، ليكرر دعواته لمحاسبة النظام السوري على انتهاكاته بحق مئات آلاف المحتجزين في زنازينه، حسبما نقلت صحيفة “The Washington Post” أمس، 26 من أيلول.
هرّب “قيصر” عام 2014 ما يزيد على 55 ألف صورة توثق الانتهاكات المرتكبة في زنازين النظام السوري، ولكن المجتمع الدولي لم يقم بشيء لإيقاف المجازر المستمرة، حسبما كتب الصحفي الأمريكي جوش روغن، الذي أجرى لقاءً مع الضابط المجهول الهوية ومكان الإقامة.
وأكد مكتب التحقيق الفيدرالي (FBI) صحة صور “قيصر” كدليل على تعذيب وقتل وتجويع ما يزيد على 11 ألف مدني محتجز.
وعُرضت الصور في العواصم العالمية وعلى التلفاز وفي متحف “الهولوكوست” الأمريكي وفي قاعات الأمم المتحدة.
وقدم “قيصر” شهادته في الكونغرس الأمريكي عام 2014، منبهًا الولايات المتحدة إلى وجود أكثر من 150 ألف مدني محتجز في قبضة النظام السوري.
إلا أنه وبعد خمسة أعوام من تقديم أدلته، قال إنه “فقد الثقة بالمجتمع الدولي الذي هجّر المعارضة السورية، وهجّر أيضًا أعدادًا لا تحصى من المدنيين الذين تعرضوا للقتل في سوريا”.
وأضاف “قيصر”، متحدثًا عن زيارته الرابعة إلى واشنطن، “أكثر ما يؤلم في هذه الزيارة هو أننا في كل مرة نأتي، يكون الوضع أكثر مأساوية مما مضى”.
رحلة الإدانة والتفاعل الدولي
تفاعل المجتمع الدولي بدايةً مع صور “قيصر” بالغضب والصدمة، ووصف مسؤول وزارة الخارجية الأمريكية لجرائم الحرب، ستيفن راب، النظام السوري بأنه يمتلك أسوأ “آلية قاسية للموت” منذ عهد النازية.
شكلت إدارة أوباما لجنة لمنع الانتهاكات، ولكنها لم تقم بأي فعل واقعي لإيقاف الانتهاكات الواسعة المستمرة، حسبما كتب روغن، و”إدارة ترامب لم تقبل بتمويل التحقيق بجرائم الحرب السورية إلا بعد أن أُحرجت علنًا”.
وأطلق المحامون في فريق قيصر سلسلة من المحاكمات المحلية في الدول الأوروبية المركزة على المواطنين الأوروبيين الذين وثق قتلهم في الصور، مع أرجحية أن تمنع روسيا وصول أي قضية ضد النظام السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ولكن الكونغرس عجز عن تمرير ولو قرار واحد لمعاقبة النظام السوري وشركائه على جرائم الحرب، على حد تعبير روغن.
مرت نسخ “قانون قيصر سوريا لحماية المدنيين” من مجلس النواب ثلاث مرات، ولقيت دعم البيت الأبيض، ولكن قائد الأغلبية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، لم يقدمه بعد كقانون تام.
قال “قيصر” إن القانون مهم، إذ “تعرض الضحايا للقتل ورحلوا، ولكن إنقاذ أرواح مئات الآلاف الذين ما زالوا في سجون الأسد هو مسؤوليتنا، وهذا القانون سيطبع في عقول الناس أن الأسد ونظامه مجرمو حرب”.
سيتناول “قيصر” في خطابه الجديد للكونغرس حال المدنيين المعرضين للقصف في إدلب، والمدنيين الذين يعانون من الجوع في مخيم الركبان، ولكنه لا يحمل الكثير من الأمل.
فقد الضابط المنشق ثقته بالسياسات الدولية، ولكنه لم يفقدها بالثورة السورية، وأشار إلى أن واقع استمرار الثورة حتى الآن رغم كل ما جرى يبين أن الشعب السوري لن يتوقف أبدًا عن المطالبة بكرامته.
وأضاف “قيصر” مشيرًا إلى مسؤوليته واستمراره بالمحاولة “لقد عهدت لنا أعداد لا تحصى من المدنيين الذين قتلوا بسادية من قبل النظام، بإيصال رسالة لا بد أن تصل.. الشاهد الوحيد على حالتهم الأخيرة كان الله وعدسة الكاميرا الخاصة بي”.
وبحسب إحصائيات “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” قضى ما يزيد على 14 ألف رجل وامرأة وطفل تحت التعذيب على أيدي قوات النظام السوري، منذ آذار عام 2011 وحتى آذار عام 2019.
–