عنب بلدي – أحمد جمال
بعد عامين تقريبًا من إعلان النظام السوري سيطرته على دير الزور، عادت المظاهرات لتطالب قواته بالانسحاب من بلدات تقع شرق نهر الفرات، بعد حالة احتقان ناتجة عن تهديدات عسكرية تجاه المنطقة وسكانها.
المظاهرات شهدتها منطقة الـ “7 كيلومتر”، وشملت بلدات الصالحية والحسينية ومراط وخشام، تحت عنوان “جمعة التحرير”، في 20 من أيلول الحالي.
غضب شعبي
رفع المتظاهرون لافتات تنادي بانسحاب قوات النظام من منطقة الـ “7 كيلومتر”، ليرد عناصر النظام بإطلاق النار تجاه المتظاهرين، الذين هاجموا بدورهم نقاطًا وحواجز لا سيما حاجز “كازية الصقر”، بالقرب من معبر الصالحية.
ووثقت شبكات محلية، من بينها “دير الزور 24″، فيديوهات لتماس المتظاهرين مع قوات النظام، وحوارًا دار بين ضابط برتبة عقيد وبين الأهالي في محاولة منه لتخفيف الاحتقان.
وأسفرت المظاهرات عن مقتل ثلاثة أشخاص، مدنيَين وعنصر من قوات الأمن الداخلي التابع لـ “قسد” (أسايش)، حين كان بلباسه المدني بين المتظاهرين، إضافة إلى إصابة أكثر من عشرة مدنيين آخرين، واعتقال عدد آخر، بحسب وكالة “هاوار”، وشبكة “دير الزور 24″.
وتشمل منطقة الـ “7 كيلومتر” البلدات التي تسيطر على قوات النظام السوري، شرق الفرات، وانطلقت المظاهرات من مناطق تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إلى حواجز ومناطق تسيطر عليها قوات النظام.
وتفصل بلدة الصالحية بين مناطق سيطرة الجانبين، وتعتبر شريانًا اقتصاديًا لأهالي المنطقة لنقل البضائع التجارية وغيرها.
احتقان وراء الغضب الشعبي
تعزى أسباب المظاهرات إلى تهديدات عسكرية من قياديين في ميليشيات رديفة للنظام، نقلتها بتسجيلات مصورة صفحات محلية، ومنها “فرات بوست”، الأسبوع الماضي، وتتضمن تهديدات باقتحام مناطق دير الزور الخاضعة لسيطرة “مجلس دير الزور العسكري” (التابع لسيطرة “قسد”).
أبرز تلك التسجيلات كانت لقيادي في ميليشيا “لواء الباقر”، هدد باقتحام ريف دير الزور الغربي، مكيلًا تهمًا وإهانات لأهالي المنطقة، وذلك بحضور ضباط روس.
وقال مدير شبكة “دير الزور 24″، عمر أبو ليلى، لعنب بلدي، إن هناك حالة غضب لدى الأهالي بسبب تلك التهديدات المتصلة بالنظام وقواته، وهذا ما دفع سكان المنطقة لمطالبة قوات النظام بالانسحاب من المنطقة.
قسد تتحرك
ردت “قسد” على تلك التهديدات على لسان القيادي الميداني في مجلس دير الزور العسكري التابع لها، محمد الخليل، وبحضور أمير عشائر البكير، أحمد الخبيل، بأنها جاهزة للتصدي لأي هجوم تجاه مناطق سيطرتها من قوات النظام وحلفائه.
كما أغلقت “قسد” معبر الصالحة، عقب التهديدات، ودمرت المعابر المائية على ضفتي الفرات في المنطقة بمساندة “التحالف الدولي”، في خطوة لمنع أي محاولات تقدم للنظام تجاه مناطق سيطرتها.
وقال أبو ليلى، لعنب بلدي، إن “قسد” لم تدعُ الأهالي للتظاهر كما نشرت بعض الصفحات المحلية، لكنها في الوقت ذاته لم تمنع أحدًا، الأمر الذي عزز أعداد المتظاهرين ضد النظام السوري في بلدات المنطقة.
النظام صامت
من جانبه لم يعلق النظام السوري رسميًا على المظاهرات، مكتفيًا عبر إعلامه الرسمي بالحديث عن مظاهرات شعبية رافضة لسيطرة “قسد” في مدن شرق الفرات.
كما نشرت صفحات موالية على “فيس بوك”، منها “شبكة أخبار دير الزور” الجمعة الماضي، صورًا لمسيرات شعبية مؤيدة “مضادة” خرجت في دير الزور، لتطلق هتافات وشعارات مناهضة لـ “قسد” وتمجد النظام السوري.
وكتبت “شبكة أخبار دير الزور”، “الآن أبناء بلدات خشام ومراط وعموم ريف محافظة دير الزور يشعلون الساحات في وجه الاحتلال الأمريكي والميليشيات الانفصالية، بعد أن حاولت إرسال كلابها للتظاهر ضد الحكومة السورية اليوم الجمعة، حيث قابل أبناء ريفنا الميامين كافة محاولات التظاهر بالرفض”.
ويتهم النظام السوري “قسد” بارتكاب الجرائم بحق سكان مناطق شرق الفرات التي تسيطر عليها، ويصفها بـ “الميليشيات الانفصالية” ويدعوها مرارًا لتسليمه تلك المناطق، وكانت أحدث تلك الدعوات عبر بيان قدمته وزارة الخارجية إلى مجلس الأمن الدولي ومنظمة الأمم المتحدة، في 15 من أيلول الحالي، ونقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
لكن “قسد” وذراعها السياسية، “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، رفضا تلك الاتهامات، ودعا المجلس النظام السوري إلى الحوار الديمقراطي والتخلي عما وصفها بسياسة الاستبداد التي يمارسها.