%3 من الناس مصابون بها.. ماذا نعرف عن الشخصية الفصامية

  • 2019/09/22
  • 1:26 ص
ماذا نعرف عن الشخصية الفصامية

د. أكرم خولاني

أحيانًا قد نصادف أشخاصًا غريبي الأطوار، يفسرون دوافع الآخرين وسلوكياتهم بطريقة سلبية، ويخلقون حالة كبيرة من عدم الثقة في الآخرين، ويتجنبون الانخراط في الأنشطة الاجتماعية، وينأون بأنفسهم باستمرار عن التفاعل الإيجابي مع الآخرين، وربما كان هؤلاء مصابين باضطراب في الشخصية يسمى “الشخصية الفصامية”.

ما هي الشخصية الفصامية

هي حالة نفسية تتميز بشدة القلق الاجتماعي، والأفكار المُشوهة والسلوك المُضطرب، والمعتقدات الغريبة غير العادية والمخاوف، وجنون العظمة، وصعوبة تكوين العلاقات والحفاظ عليها.

يحدث اضطراب الشخصية الفصامية عند حوالي 3% من الناس، وهو أكثر شيوعًا بين الذكور منه بين الإناث، ويشعر الشخص الذي يعاني من هذا الاضطراب بالانزعاج الشديد من بقاء العلاقات الوثيقة مع الآخرين، وذلك لأنه بشكل أساسي يعتقد أن الآخرين يحملون أفكارًا سلبية تجاهه، ولذلك فهو يتجنب تشكيل علاقات معهم، وكثيرًا ما يُفسر المواقف على أنها غريبة أو لها معنيى غير معتاد، وتُعتبر الخوارق والمعتقدات الخرافية أمرًا شائعًا لدى المصابين، وقد يشعرون بأن لديهم قوى غير عادية للإحساس بالأحداث قبل وقوعها، أو قراءة أفكار الآخرين، وقد يعتقدون أن لديهم القدرة على السيطرة على الآخرين بطريقة سحرية، وقد تحدث تغيرات إدراكية لدى المصابين، مثل الشعور بوجود شخص آخر، أو سماع صوت يهمس باسمهم، وقد تنطوي أحاديثهم على تعبيرات غريبة، وغالبًا ما تكون مستطردة أو غير مترابطة أو غامضة.

ويعتبر المصاب بهذا الاضطراب غريب الأطوار بسبب أخلاقياته الغريبة، فأسلوب ملبسه يكون غير متناسق إلى حد كبير، وهو لا يعبأ بالأعراف الاجتماعية المعتادة، مثل تجنب التواصل بالعين، وارتداء ملابس عليها بقع حبر وذات مقاس كبير، كما يساوره القلق في المواقف الاجتماعية، خاصة تلك المواقف التي يكون فيها أشخاص لا يعرفهم، ولا يتفاعل مع الآخرين إلا عند الاضطرار إلى ذلك.

وغالبًا ما يسعى المصاب إلى علاج الأعراض المصاحبة، ومنها القلق والاكتئاب، بدلًا من اضطراب الشخصية ذاته، وفي بعض الحالات قد يترافق اضطراب الشخصية الفصامية بالوسواس القهري.

وننوه إلى أنه يمكن بسهولة الخلط بين اضطراب الشخصية الفصامية ومرض الانفصام، إذ إن انفصام الشخصية هو مرض عقلي شديد يفقد فيه الناس الاتصال بالواقع، أما الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الفصامية فهم يتعرضون لنوبات ذهانية قصيرة مع أوهام أو هلوسة بعكس الحال في مرض انفصام الشخصية الذي يدوم طويلًا، كما أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الفصامية عادة ما يكونون مدركين للفرق بين أفكارهم المشوهة والواقع، بينما لا يمكن للمصابين بالانفصام أن يتخلصوا بشكل عام من أوهامهم.

ما أسباب الإصابة باضطراب الشخصية الفصامية

كغيره من اضطرابات الشخصية لم يتم تحديد أسباب الإصابة بهذا الاضطراب على وجه الدقة، ولكن يعتقد أن الأسباب التي تقف وراءه هي خليط من العوامل الوراثية والعوامل البيئية.

الوراثة: تُعتبر معدلات اضطراب الشخصية الفصامية أعلى بكثير لدى الأشخاص الذين لديهم أقارب يعانون من الفصام عن الأشخاص الذين لديهم أقارب يعانون من الأمراض العقلية الأخرى أو الأشخاص الذين ليس لهم أقرباء مصابون بأمراض عقلية.

العوامل البيئية: كالتعرض لصدمة نفسية أو إجهاد مزمن، والتفاعل السيئ للشخص في نموه المبكر مع أسرته وأصدقائه وأطفال آخرين محيطين به، وتناول المخدرات خلال فترة المراهقة، وتدخين الأم في أثناء الحمل.

كيف يُشخَّص اضطراب الشخصية الفصامية

قد يظهر اضطراب الشخصية الفصامية لأول مرة في مرحلتي الطفولة والمراهقة بأعراض تتمثل في العزلة، وضعف العلاقة بالأقران، والقلق الاجتماعي، والتأخر الدراسي، والحساسية المفرطة، وغرابة الأفكار، واللغة، والأسلوب، والأوهام، وقد يبدو هؤلاء الأطفال “شواذ”، أو “غريبي الأطوار”، ويتسمون بسرعة الاستثارة.

لكي يتم تشخيص الاضطراب، يجب أن تكون الأعراض التالية ظهرت لدى الفرد بمُجرد وصوله إلى مرحلة البلوغ المُبكر، فلا يتم التشخيص في مرحلة الطفولة أو المراهقة لأن الطفل أو المراهق يكون تحت التطور المستمر وحدوث تغيرات في الشخصية حتى الوصول إلى النضج، وهذه الأعراض هي:

  • عدم وجود أشخاص مقربين خارج نطاق الأسرة.
  • يكون لدى الفرد معتقدات أو سلوكيات غريبة الأطوار أو غير عادية.
  • سيطرة الغيبيات والخرافات على تفكير الشخص.
  • قلق اجتماعي مُفرط من المُحيطين المُقربين والغرباء على حد سواء.
  • تسيطر على الشخص أفكار حول شدّة عظمته الشخصية، كما تسيطر عليه شكوك حول ولاء الآخرين وصدقهم تجاهه.
  • تفسير الأحداث العابرة والطبيعية بأن لها معنى شخصيًا خاصًا به.
  • استشعار المصاب لشخص غائب بأنه موجود.
  • طريقة كلام الشخص الفصامي تكون غريبة أو متلهفة.
  • استجاباته العاطفية تكون سطحية ومحدودة.
  • تجارب إدراكية غير عادية تشمل حدوث الأوهام الجسدية التي يراها المريض تحدث أمامه بشكل مادي تمامًا كأن يرى أن إصبعه قد قُطع.

ولمساعدة الطبيب في التشخيص الصحيح للحالة يكون من المفيد إحضار صديق مُقرب أو أحد أفراد الأسرة مع المريض، ممن راقبوا تصرفاته عن قرب ويمكنهم تقديم نظرتهم إلى الطبيب.

كيف يعالج اضطراب الشخصية الفصامية

عادة ما ينطوي علاج اضطراب الشخصية الفصامية على مجموعة من أساليب العلاج النفسي الطويل الأمد مع معالج لديه خبرة في علاج هذا النوع من اضطراب الشخصية، بالإضافة إلى الأدوية.

العلاج النفسي:

قد يساعد العلاج النفسي الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الفصامية في البدء بالثقة بالآخرين من خلال بناء علاقة ثقة مع المعالج النفسي.

يشمل العلاج النفسي ما يلي:

  • العلاج السلوكي المعرفي: ويشتمل على تحديد وتغيير أنماط التفكير المشوهة، وتعلم مهارات اجتماعية محددة، وتعديل السلوكيات.
  • العلاج الداعم: وهو يتمثل في تقديم التشجيع وتعزيز المهارات التكيفية مع الظروف والبيئة.
  • العلاج الأسري: ويشمل مساعدة أفراد الأسرة، ما قد يساعد على تقليل القلق والتوتر وتحسين الثقة في المنزل.

العلاج الدوائي:

لا توجد أدوية تمت الموافقة عليها من قِبل إدارة الغذاء والدواء، لعلاج اضطراب الشخصية الفصامية، ولكن قد يقوم الأطباء بوصف دواء مضاد للذهان، ومثبت للمزاج ومضاد للاكتئاب أو مضاد للقلق، ليساعدوا في تخفيف بعض الأعراض المعينة مثل نوبات الذهان أوالاكتئاب أو القلق، ويمكن أن تساعد بعض الأدوية في تقليل الأفكار المضطربة التي يختبرها الشخص المريض.

كيف يجب التعامل مع اضطراب الشخصية الفصامية

غالبًا لا يعترف المصابون بالاضطراب بأعراض مرضهم، وكل شعورهم بالأزمة يتمثل في رغبتهم بالتخلص من الاكتئاب الذي يلازمهم، لذا إذا كان أحد الأشخاص في دائرتك القريبة يعاني من اضطراب الشخصية الفصامية، فما يجب فعله كخطوة أولى هو ملاحظة تصرفاته بشدة وعن قرب، والقراءة عن المرض والإلمام بأعراضه وتطوراتها ليكون لديك وعي كامل بالحالة، وتجب العناية والاهتمام بالمصاب لأن إهماله يزيد من حدة الأعراض ويصبح وضعه النفسي أكثر سوءًا.

مقالات متعلقة

أسرة وتربية

المزيد من أسرة وتربية