يعيد المخرج العالمي كوينتين تارانتينو في فيلمه “كان يا مكان.. في هوليود” رواية جريمة مروعة حدثت نهاية الستينيات، بطريقة جديدة، لتتحول إلى كوميديا وإثارة ومفاجأة، تنقل المشاهد إلى عالم السينما الزاخر في تلك الفترة.
طلب المخرج من مشاهدي عمله التاسع، الذي بدأ عرضه في صالات العرض في 23 من آب الماضي، ألا يبوحوا بمحتواه كي لا يفسدوه على غيرهم.
وكتب تارانتينو، في 20 من أيار، عند عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان “كان” السينمائي، “أنا أحب السينما. أنتم تحبون السينما. إنها رحلة اكتشاف قصة للمرة الأولى.. عمل الممثلون وطاقم العمل بجد لتقديم عمل مميز، وطلبي الوحيد هو أن يتجنب الجميع كشف أي شيء قد يمنع الجمهور اللاحق من اختبار الفيلم بالطريقة ذاتها”.
السطور التالية لن تخيب رجاءه، لكنها ستقدم خلفية تزيد من متعة المشاهدة.
يروي الفيلم حكاية عالم صناعة السينما أواخر الستينيات، حين بدأ ينغرس في وعي تارانتينو الصغير، الذي ولد عام 1963، من خلال شخصية ممثل (يلعب دورها ليوناردو ديكابريو) يكافح للحفاظ على مكانته وشهرته في مرحلة التجدد والضياع التي كانت تعيشها هوليوود، وأمريكا بشكل عام، ومن خلال قصة صديقه الوفي وشريكه في العمل (يلعب دوره براد بيت).
يسلط المخرج تارانتينو، وهو كاتب العمل أيضًا، الضوء على الزوايا التي أحبها واستمتع بها ضمن عالم هوليوود الفريد، مقدمًا أفلامًا عدة لا فيلمًا واحدًا ضمن عمله.
تسير قصة أبطال الفيلم جنبًا إلى جنب مع إحدى أكثر الجرائم بشاعة وشهرة في لوس أنجلوس، وأعاد تارانتينو خلالها صياغة التاريخ، كما فعل سابقًا في عمل “Inglourious Basterds” عام 2009.
القصة الحقيقية التي أثارت إلهام المخرج (لكنه حورّها برواية بديلة واقتبس منها فقط) كانت جريمة قتل الممثلة والعارضة الأمريكية شارون تايت، برفقة أربعة من ضيوفها، وهي حامل في شهرها الثامن على يد طائفة “عائلة مانسون”.
تعرضت تايت، التي كانت متزوجة من المخرج الفرنسي البولندي رومان بولانسكي، للطعن 16 مرة وهي في منزلها في التاسع من آب عام 1969، بعد أن رُبطت مع صديقها جاي سيبرينغ بحبل عقد حول رقبتيهما.
لا توجد دوافع للجريمة ولا هدف واضح لها، واحتار بها المحققون قبل أن يعترف مرتكبوها عند تعرضهم للاعتقال، بعد أشهر بتهم متعلقة بسرقة السيارات.
قائد الطائفة، تشارلز مانسون، جمع نحو 100 من الشابات والشباب مستخدمًا دعاوى الحياة الهيبية، المناهضة للحروب والقيم الرأسمالية، ليقنعهم بامتلاكه للقدسية والرؤى الصادقة، في أثناء عيشهم معًا في مزرعة مهجورة واستهلاكهم المستمر للمواد المهلوسة.
أرسل مانسون أربعة من أتباعه إلى المنزل، الذي كان يقطنه المنتج الموسيقي تيري ميلتشر، الذي كان قد رفض منحه عقدًا للاحتراف سابقًا.
ومع علمه بترك ميلتشر للمنزل إلا أنه أمرهم بالذهاب إليه وقتل من فيه.
اعتمد تارانتينو على الشهادات التي جمعت من اعترافات مرتكبي الجريمة، واقتبس بعضًا من جملهم وتحركاتهم كما هي في الفيلم ذي الرواية البديلة.
شارون تايت كانت آخر من قتل، بعد أن تعرض ضيوفها للطعن عشرات المرات وهم يصارعون مهاجميهم، وترجت القتلة أن يسمحوا لها بالعيش حتى تلد وعرضت أن تذهب معهم رهينة، ولكنهم انهالوا عليها بالطعنات، وهي تصرخ “أمي.. أمي..”.
واستخدم أحد القتلة منشفة غرقها بدم تايت ليكتب كلمة “خنزير” على الباب الأمامي للمنزل قبل مغادرته.
فظاعة الجريمة، التي كانت واحدة من الجرائم التي ارتكبتها الطائفة، لم تكن محور فيلم تارنتينو، الذي عرف عنه الإكثار من مشاهد العنف في أعماله، بل قدم رواية جديدة تجذب القارئ حتى النهاية، محورها هوليوود، التي تغزل فيها العمل ودار في فلكها لينقل للمشاهد أجواءها وقصصها التي لا تنضب.