إلى أين وصل التنفيذ؟
خطوات “متباطئة” لإقامة “المنطقة الآمنة” في شمال شرقي سوريا
بدأت تركيا بالتعبير عن “نفاد صبرها”، ونيتها بتفعيل خططها بخصوص “المنطقة الآمنة” شمال شرقي سوريا، إن لم يتم التوصل إلى نتيجة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
القلق التركي والتلويح بعمل عسكري ضد المناطق الشمالية الشرقية لسوريا، يقابله ما تعتبره أنقرة “مماطلة” أمريكية لتنفيذ الاتفاق المبرم بين الطرفين.
الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لفت إلى أن بلاده لم تعد “تطمئنها” التصريحات الأمريكية بشأن “المنطقة الآمنة” وأن بلاده تريد إجراءات ملموسة على أرض الواقع.
ولكن على الرغم من التصريحات التركية فإن الإجراءات الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال جارية على قدم وساق، دون الإعلان عن تطورات تذكر في إقامة المنطقة المعلن عنها، في 7 من آب الماضي، وهذا ما اعتبرته أنقرة “سياسة المراوغة” الأمريكية.
شهر ونصف الشهر مر على الاتفاق التركي-الأمريكي، ولكن إلى أين وصل التنفيذ؟
إلى أين وصل الاتفاق
في 13 من آب الحالي، بدأ الجانبان، التركي والأمريكي، أولى خطوات التنفيذ، وإنشاء البنية التحتية لمركز العمليات في ولاية شانلي أورفا التركية، الخاص بإدارة “المنطقة الآمنة” في الشمال السوري.
وتجلى أول التطمينات الأمريكية لتركيا في تدمير “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) لتحصيناتها العسكرية في “المنطقة الآمنة” المزمعة، في 24 من آب، بإشراف “التحالف الدولي”، الأمر الذي تم بعد 24 ساعة من الاتصال الهاتفي بين الرئيسين التركي والأمريكي، رجب طيب أردوغان ودونالد ترامب، بحسب وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون).
وعاد “التحالف الدولي” للإعلان عن إحرازه “تقدمًا جيدًا” بشأن إقامة المنطقة، وفي بيان له، نقلته “فرانس برس”، في 15 من أيلول الحالي، قال إن “قوات التحالف وقوات سوريا الديمقراطية سيّرت عدة دوريات لكشف مواقع التحصينات وإزالتها لتبديد قلق تركيا، كما نفذت القوات الأمريكية والتركية أربع عمليات تحليق”.
وتبعت تلك الخطوات خطوات أخرى لتنفيذ الاتفاق بتسيير دوريات مشتركة بين القوات الأمريكية والقوات التركية في حدود “المنطقة الآمنة”، بحسب ما أعلنت وزارة الدفاع التركية، الأحد 8 من أيلول.
وسارت الدورية المشتركة بين قريتي الحشيشة ونص تل شرق مدينة تل أبيض.
سبقت تسيير الدورية الأولى ثلاث طلعات جوية مشتركة بين المروحيات التركية والأمريكية في أجواء سوريا، قبل أن تنفذ القوات المشتركة طلعة رابعة، في 12 من أيلول، أقلعت من مركز العمليات المشتركة في قضاء أقجة قلعة بولاية شانلي أورفة التركية.
وأجرت القوات المشتركة تحليقها الخامس، في إطار أنشطة “المرحلة الأولى” لإقامة المنطقة، في 16 من أيلول، قبل تسيير الدورية الجوية، في 21 من الشهر الحالي.
اتفاق “المنطقة الآمنة”
اختلفت واشنطن وأنقرة حول عمق وشكل “المنطقة الآمنة” بالإضافة لبعض التفاصيل التي ترسم مستقبل المنطقة وإدارتها واللاجئين الذين قد يعودون إليها، على الرغم من الاتفاق على تنفيذها.
ويصر الجانب التركي على أن يتراوح عمق المنطقة الآمنة بين 30 و40 كيلومترًا، تضمن بها تقييد الوجود الكردي، المتمثل بـ “الإدارة الذاتية” سياسيًا، و”قسد” عسكريًا، على اعتبار أن جزءًا كبيرًا من تلك المنطقة سيقام في مناطق نفوذها.
بينما تعارض الولايات المتحدة الأمريكية أن تمتد المنطقة الآمنة على كل تلك المساحة، دون أن تعلن عن موقف نهائي من عمقها، أو تصور معلن لامتدادها.
ورغم الخلاف الأمريكي- التركي حول هذا التفصيل، اتخذ الطرفان خطوات مشتركة لتسريع إقامتها، وتوصلا، في 7 من آب الحالي، إلى اتفاق يقضي بإنشائها.
قلق تركي
تجلى القلق التركي في تصريحات المسؤولين من الخطوات “الشكلية” المتخذة من قبل واشنطن، بحسب وصف وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في 10 من أيلول الحالي.
وتكررت تصريحات المسؤولين الأتراك عن نية أنقرة اتخاذ خطوات تشكيل “المنطقة” بنفسها، إذا استمرت المماطلة التركية، أحدثها ما قاله الرئيس التركي، 18 من أيلول الحالي، إن بلاده ستفعّل خططها بخصوص “المنطقة” إن لم يُتوصَّل إلى نتيجة خلال أسبوعين.
وفي مقابلة مع وكالة “رويترز”، 13 من أيلول، اعتبر أردوغان، أن مفهوم الأمريكيين لـ “المنطقة الآمنة” لا يلبي التطلعات التركية، واصفًا ذلك بأنه “يتحول إلى سياسة مراوغة”.
وأضاف أردوغان، “لا يمكننا أن نفهم ما إذا كانت سياسة المماطلة هذه بمثابة نوع من الاختبار لصبرنا، نجد صعوبة في فهم ذلك، ولكن بصراحة صبرنا بدأ ينفد، إذ سيتعين علينا تدارك الوضع بأنفسنا”.
وفي 8 من أيلول الحالي، اتهم أردوغان واشنطن بالسعي لتأسيس منطقة آمنة لمصلحة “منظمة إرهابية”، في إشارة إلى “وحدات حماية الشعب” (الكردية) التي تصنفها تركيا “إرهابية”، مؤكدًا رفض بلاده لهذا التوجه.
وأضاف، “في كل خطوة نخطوها، نرى أن هناك اختلافًا بين ما نريده وبين ما تصبو إليه الولايات المتحدة، فبينما نريد أن نزيل المنظمة (الإرهابية) من المنطقة إزالة تامة، تنتهج الولايات المتحدة نهجًا لإدارة الأمور معنا ومع المنظمة (الإرهابية) أيضًا، وتريد وضعنا مع المنظمة (الإرهابية) في الخانة ذاتها”.
وأكد أردوغان أنه لا يمكن إنجاز “المنطقة الآمنة” عبر تحليق ثلاث إلى خمس مروحيات أو تسيير خمس إلى عشر دوريات، أو نشر بضع مئات من الجنود في المنطقة “بشكل صوري”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :